18.08°القدس
17.83°رام الله
17.19°الخليل
23.02°غزة
18.08° القدس
رام الله17.83°
الخليل17.19°
غزة23.02°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

ما وراء تصريحات إسماعيل هنية..

حسام الدجني
حسام الدجني
حسام الدجني

في كلمة له خلال مؤتمر برلماني دولي نظمته كتلة التغيير والإصلاح في المجلس التشريعي في مدينة غزة، الأحد الماضي، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية: إن المنطقة تشهد تسويات تاريخية، نأمل أن تصب في صالح القضية الفلسطينية، وهناك تسويات تجري الآن، وكلنا أمل أن تتواصل هذه الجهود حتى تصل الدول العربية لوحدة القرار والمصير.

جاء تصريح هنية خلال حراك سياسي يجري بالمنطقة على أكثر من جبهة، ولعل من أهم تلك الحراكات الزيارة التاريخية للملك السعودي لمصر وتركيا. والمصالحة التركية الإسرائيلية.

فماذا يقصد هنية بتصريحاته...؟ وما هو شكل التسويات التاريخية بالمنطقة..؟ وهل ستنعكس سلبًا أم إيجابًا على القضية الفلسطينية..؟

لا شك في أن السيد إسماعيل هنية يمتلك معلومات وتقديرات حول التسوية التاريخية، وأن هذه المعلومات لدى هنية تتقاطع مع معلومات حصلت عليها خلال لقاء خاص جمعني بدبلوماسي عربي رفيع حضر اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير وأكد أن المنطقة مقبلة على مراجعات ومصالحات تؤدي بالنهاية إلى الاستقرار لشعوب المنطقة.

بعيدًا عن المعلومات، لندخل في التحليل السياسي لفهم طبيعة وأسباب ودوافع هذه التحركات والتي قد ينتج عنها التسويات التاريخية، وهذا يتطلب الوقوف على ما تقوم به الدول الكبرى على حساب المصالح والدماء العربية والاسلامية.

تمتلك الدول الكبرى مشاريع استراتيجية متناقضة ومتعارضة أحيانًا ومتوافقة أحيانًا أخرى، وللأسف يتم استخدام المنطقة العربية كمسرح للأحداث، فندفع نحن الشعوب العربية والإسلامية من دمائنا وأموالنا في سبيل تحقيق تطلعات تلك الدول.

فعلى سبيل المثال: الولايات المتحدة ما زالت تؤمن فيما رسخه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش وأطلق عليه مشروع القرن الجديد، ويطمح خلاله بعقد تحالفات تهدف بالدرجة الأولى لإحكام الهيمنة والسيطرة على دول المنطقة وإغلاق الباب أمام نمو الصين وروسيا وتمددها بجنوب شرق آسيا، وبذلك لا محرمات أمام الولايات المتحدة من شكل التحالفات واتجاهاتها سواء كانت مع إيران أو غيرها، وما قد ينتج عنها من انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وهذا أدركته الدول العربية مؤخرًا.

الاتحاد الأوروبي يفكر بشكل جديد في إضافة دول جديدة له ولحلف الناتو، من أجل احتكار كل أشكال القوة لتحقيق مصالحه بالمنطقة.

روسيا تبحث عن بناء تحالف استراتيجي مع الصين وتضم له دولًا أخرى بالمنطقة، حتى لو كان ذلك على حساب انضمامها للاتحاد الاوربي لطبيعة العداء التاريخي بين روسيا وحلف الناتو. بينما استراتيجية الصين تقوم على الهيمنة الاقتصادية على العالم، كمقدمة لهيمنة سياسية تجعل من الصين دولة أكثر فاعلية وتأثير بالنظام الدولي.

دول الإقليم في وضع لا تحسد عليه، ولا داعي للخوض في تفاصيله، ولكن الأهم هنا هو إدراك دول الإقليم أهمية جلب الاستقرار لشعوبهم وبلدانهم، وبذلك بدأت السعودية بتطبيق استراتيجيتها التي تقوم على احتواء الإسلام الوسطي المعتدل، وقيادة العالم السني نحو تحالف سياسي عسكري اقتصادي من خلاله يتم حماية المنطقة وشعوبها، والعمل على إنهاء مشاكلها بشتى الوسائل. وتأتي زيارة الملك سلمان لمصر وتركيا لتحقيق هذا الهدف. بينما تبحث تركيا من خلال المصالحة مع (إسرائيل) على رزمة مشاريع استراتيجية أهمها نقل الغاز عبر الأراضي التركية، والاستفادة من علاقات وتوغل (إسرائيل) مع الأكراد لكبح جماع حزب العمال الكردستاني.

نعود لأسئلة المقال: ماذا يقصد هنية من تصريحاته...؟ وما هو شكل التسويات التاريخية بالمنطقة..؟ وهل ستنعكس سلبًا أم إيجابًا على القضية الفلسطينية..؟

أعتقد أن هنية يقصد بتصريحاته الأخيرة حول وجود تسويات تاريخية بالمنطقة تقوم على مجموعة من المحددات والركائز على النحو التالي:

1- اتخاذ أغلب الدول العربية قرارًا بإنهاء التوتر في المنطقة العربية بكل الوسائل المتاحة.

2- المصالحة بين الدول والأحزاب في المنطقة العربية هو هدف استراتيجي للدول في المرحلة المقبلة.

3- محاربة الإرهاب والتطرف، وعدم السماح بأن تكون المنطقة العربية مسرحًا للعنف والدمار والتدخل لحساب الأطراف الدولية أو الإقليمية.

4- تشكيل جيش عربي ودبلوماسية عربية وبناء اقتصاد عربي يحقق التنمية للشعوب من أجل تحقيق ما سبق (العصا والجزرة).

إن زيارة الملك سلمان لكل من مصر وتركيا هي لترجمة ما سبق على الأرض وبذلك فإن التسويات التاريخية تقوم على استراتيجية تصفير المشاكل بين البلدان والأحزاب العربية والإسلامية، وتحديدًا بين مصر وكل من قطر وتركيا، وفي الداخل المصري مع جماعة الإخوان المسلمين، وأيضًا العمل مع كل الأطراف لإنهاء النزاع القائم في سوريا واليمن. كما أن المصالحة بين حركتي فتح وحماس، ورفع الحصار عن قطاع غزة والانفتاح أكثر على حركة حماس على أجندة الملك سلمان. وهذا سينعكس إيجابًا على القضية الفلسطينية من خلال دعم صمود الشعب الفلسطيني وتوحيد مؤسساته وفتح معبر رفح وصولًا لبناء ميناء بحري وجوي لقطاع غزة، وهو ما تعمل عليه تركيا في مباحثاتها مع (إسرائيل).