يواصل الشعب الفلسطيني كتابة تاريخ قادته النضالي المشرق، حيث يحرص في كل عام على تخليد ذكرى استشهاد ورحيل عدد من القادة الرموز الذين غيروا برحيلهم مسار القضية الفلسطينية، وساهموا في إبراز الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى العالم بأسره.
ويصادف اليوم السبت الـ16 من أبريل لعام 2016 الذكرى ال28 لاستشهاد قائد فلسطيني فذ، يشهد له الجميع بالتضحية والفداء، قدم روحه رخيصة على طريق التحرير، وكتب لرفاقه طريق العودة لفلسطين بدمائه الطاهرة الزكية.
لاجئ حمل الراية
خليل الوزير أو كما يحب أن يطلق عليه الفلسطينيون "أبو جهاد" صاحب سيرة ناصعة البياض، كتب للقضية الفلسطيني بدمائه العطاء، وأوصى رفاقه على البقاء، وطالبهم بتقديم مزيدا من التضحية والفداء، فخذلته حركته التي رحل قائدا بها، وتخلت عن منهجه بالكفاح المسلح في ذكرى رحيله ال28، فباتت دمائه سيرة عطرة تحكي حكاية الطلقة الأولى التي غابت عن نهج حركة فتح.
ولد القائد خليل إبراهيم محمود الوزير في العاشر من أكتوبر لعام 1935 في مدينة الرملة بفلسطين المحتلة، وغادرها إلى غزة إثر حرب 1948 مع أفراد عائلته، واستشهد يوم السادس عشر من أبريل عام 1988، وهو سياسي فلسطيني مرموق، وواحد من أهم قيادات حركة فتح وجناحها المسلح، اغتالته إسرائيل في تونس بالتزامن مع أحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
درس الشهيد أبو جهاد في جامعة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية، ثم انتقل إلى السعودية وقام فيها لأقل من عام، وتوجه إلى الكويت وظل بها حتى عام 1963، حيث تعرف هناك على رفيق دربه الرئيس الراحل ياسر عرفات، وشارك معه في تأسيس حركة فتح.
بدايته مع حركة فتح
غادر أبو جهاد الكويت في عام 1963 متوجها إلى الجزائر حيث سمحت السلطات الجزائرية بافتتاح أول مكتب لحركة فتح وتولى حينها مسؤولية ذلك المكتب.
وفي عام 1965 غادر الجزائر إلى دمشق حيث أقام مقر القيادة العسكرية وكلف بالعلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين، كما شارك في حرب 1967، وقام بتوجيه عمليات عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي في منطقة الجليل الأعلى.
وتولى بعد ذلك المسؤولية عن القطاع الغربي في حركة فتح، وهو القطاع الذي كان يدير العمليات في الأراضي الفلسطينية، وخلال توليه قيادة هذا القطاع في الفترة من 1976 – 1982 عكف على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة، كما كان له دور بارز في قيادة معركة الصمود في بيروت عام 1982 والتي استمرت 88 يوماً خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
وتقلد أبو جهاد العديد من المناصب خلال حياته، فقد كان أحد أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، وعضو المجلس العسكري الأعلى للثورة، وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونائب القائد العام لقوات الثورة، كما يعتبر أحد مهندسي الانتفاضة، وواحداً من أشد القادة المتحمسين لها.
يوم الاغتيال
بعدما برز صيت أبو جهاد كقائد فلسطيني تبنى خيار الكفاح المسلح لتحرير فلسطين، شعرت إسرائيل بخطورة الرجل لما يحمله من أفكار، ولما قام به من عمليات جريئة ضدها فقررت التخلص منه.
وفي 16 أبريل1988 قام أفراد من الموساد الإسرائيلي بعملية اغتياله، ففي ليلة الاغتيال تم إنزال 20 عنصراً مدرباً من الموساد من أربع سفن وغواصتين وزوارق مطاطية وطائرتين عموديتين للمساندة على شاطئ الرواد قرب ميناء قرطاج في تونس، وبعد مجيئه إلى بيته كانت اتصالات عملاء الموساد على الأرض تنقل الأخبار، فتوجهت هذه القوة الكبيرة إلى منزله فقتلت الحراس وتوجهت إلى غرفته وأطلقت عليه عددا من الرصاص، واستقر به سبعون رصاصة فتوفي في اللحظة نفسها.
ومن العمليات العسكرية التي خطط لها أبو جهاد، عملية نسف خزان زوهر عام 1955، وعملية نسف خط أنابيب المياه (نفق عيلبون) عام 1965، وعملية فندق (سافوي) في تل أبيب، وقتل 10 إسرائيليين عام 1975، وعملية انفجار الشاحنة المفخخة في القدس عام 1975، وعملية قتل "البرت ليفي" كبير خبراء المتفجرات ومساعده في نابلس عام 1976، إضافة إلى عملية دلال المغربي التي قتل فيها أكثر من 37 إسرائيليا عام 1978، وعملية قصف ميناء ايلات عام 1979، وقصف المستوطنات الشمالية بالكاتيوشا عام 1981.
