18.08°القدس
17.83°رام الله
17.19°الخليل
23.02°غزة
18.08° القدس
رام الله17.83°
الخليل17.19°
غزة23.02°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

لا حرب على غزة ولا تبادل أسرى

فايز ابو شمالة
فايز ابو شمالة
فايز أبو شمالة

مع الادعاء الإسرائيلي باكتشاف نفق مقاومة تجاوز حدود قطاع غزة في اتجاه المستوطنات اليهودية بعشرات الأمتار، وتحريض المتطرف ليبرمان المتواصل، وتحذيره قيادة الجيش من قدرة حركة حماس على السيطرة على عدة مستوطنات في الحرب القادمة، والاتهامات الموجهة إلى رئيس الحكومة بالضعف، والتخلي عن المستوطنين، وتصريحات الجنرال يوآف جالانت عن تعاظم قدرات المقاومة الفلسطينية، واستعداد كتائب القسام إلى المواجهة القادمة، والتغطية المباشرة لحدث اكتشاف النفق الهجومي عبر وسائل الإعلام؛ مع كل هذا إن الكيان حذر جدًّا من التورط في أي عدوان جديد على غزة، وذلك لعدة أسباب، منها:

1. سقوط نظرية الردع، والتلويح بالقوة العسكرية القاضية، وذلك جراء تمرد المقاومة الفلسطينية على الخوف، واستعدادها إلى المواجهة في كل وقت، وإلى أبعد مدى.

2. عدم استعداد قادة الجيش الإسرائيلي إلى مواجهة المجهول الذي ينتظرهم في غزة، ولاسيما أن المخابرات الإسرائيلية تجهل ما يجري تحت الأرض، وهذا الجهل بالمعلومة الاستخبارية يشكل رادعًا لأي عدوان إسرائيلي، وأزعم أن ما أشيع عن تسليم أحد مسئولي أنفاق الشمال نفسه، أو اختطاف الجيش الإسرائيلي له لا يعني امتلاك المخابرات الإسرائيلية معلومات حساسة وهامة، ولاسيما أن الشخص المذكور قد سرت من حوله الشائعات قبل مدة طويلة من الزمن، ولا أظن بأمن المقاومة إلا اليقظة التامة.

3. الأوضاع الفلسطينية المتفجرة في الضفة الغربية، وإمكانية تصعيد المواجهات مع المستوطنين، وتطورها بالصورة التي تضر مصالح الكيان العبري الإستراتيجية؛ تشكل رادعًا لأي عدوان إسرائيلي واسع على سكان قطاع غزة.

4. الأوضاع المضطربة في مصر العربية تشكل رادعًا قويًّا للعدوان الإسرائيلي، ولاسيما أن هنالك استعدادات إلى التحرك بمسيرات جماهيرية بتاريخ 25 من هذا الشهر.

5. الأوضاع الإقليمية بوجه عام، والوضع الحرج في الأردن بوجه خاص؛ كل ذلك يشكل رادعًا للاحتلال، الذي يدرك حجم التعاطف داخل المجتمع الأردني مع القضية الفلسطينية.

6. والأهم من كل ما سبق هو تحقق الجيش الإسرائيلي من عدم قدرته على تحقيق أي مكاسب ميدانية أو سياسية من عدوان جديد على غزة، سوى القدرة على قتل وجرح عدة آلاف من المدنيين، وتدمير عدة مئات من الأبراج والعمارات.

7. يخشى الجيش الإسرائيلي التورط في مستنقع غزة، ثم الخروج مهزومًا، ولاسيما مع تنامي قدرة المقاومة على ضرب الجبهة الداخلية للعدو الإسرائيلي.

8. لا تزال لدى القيادة السياسية الإسرائيلية أهداف إستراتيجية لم تتحقق بعد، وعلى رأسها بقاء حالة الانقسام، والفصل بين مصير سكان غزة ومصير سكان الضفة الغربية.

9. تصاعد الاتهام للقادة الإسرائيليين بارتكاب مجازر حرب، وتنامي العداء للكيان العبري داخل المجتمعات الغربية بسبب اعتداءاته المتكررة على سكان قطاع غزة.

وإذا كان كل ما سبق يشكل رادعًا للجيش الإسرائيلي عن الإقدام على أي مواجهة عسكرية غير مضمونة النتائج؛ فإن الحسابات الإسرائيلية نفسها تحول دون تحقق صفقة تبادل الأسرى في هذه المرحلة، وذلك يرجع إلى عدة أسباب، من أهمها:

1- أن إجراء أي صفقة تبادل أسرى في هذه المرحلة كفيل بأن يشد من أزر المنتفضين في الضفة الغربية، وكفيل بأن يؤجج روح المقاوم، وهذا ما لا يتمناه الاحتلال.

2- أن أي صفقة تبادل أسرى في هذه المرحلة تشكل ضربة قاصمة للسلطة الفلسطينية ولمحمود عباس شخصيًّا، الذي فشل في إطلاق سراح أسرى الدفعة الرابعة (وهم ذوو الأحكام العالية) بالمفاوضات.

3- عدم وجود ضغط شعبي يفرض على الحكومة الإسرائيلية إجراء صفقة تبادل أسرى، وهي التي أعلنت سابقًا مقتل جنودها المفقودين.

4- الحرص الإسرائيلي في هذه المرحلة على عدم تقديم أي انتصار معنوي لحركة حماس، التي باتت رقمًا مؤثرًا في الحسابات الإسرائيلية الحزبية.

5- عدم الإجماع داخل التحالف الحكومي الهش على إجراء صفقة تبادل أسرى.

6- اشتراط حركة حماس إطلاق سراح 50 أسيرًا محررًا اعتقلهم الاحتلال شرطًا مسبقًا للكشف عن أي معلومة عن مصير الجنود الإسرائيليين الأسرى.

لكل ما سبق إنني أزعم أن لا صفقة تبادل أسرى في الزمن القريب، ولا حرب على غزة في الوقت نفسه، وأن الطريق الذي اختاره الاحتلال في هذه المرحلة هو التريث، والهدوء، والتفكير الجدي في فك الحصار عن غزة مقابل تهدئة مضمونة عدة سنوات، يصير خلالها الحديث عن صفقة تبادل أسرى.

ملاحظة: ما سبق من اجتهاد في الرأي لا يستبعد المفاجآت والكمائن العسكرية.