14.42°القدس
14.19°رام الله
13.31°الخليل
18.75°غزة
14.42° القدس
رام الله14.19°
الخليل13.31°
غزة18.75°
الأحد 22 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

رؤية السعودية 2030.. خطة جريئة لتقليل الاعتماد على النفط

الملك سلمان ونجله الأمير محمد المشرف على الخطة
الملك سلمان ونجله الأمير محمد المشرف على الخطة

أطلقت المملكة العربية السعودية الاثنين تفاصيل برنامج التحويل الوطني الشامل و"رؤية السعودية" حتى عام 2030 وهي الخطة التنموية الأكبر بتاريخ المملكة، وهي أكبر خطة تحول اقتصادي وطني قيد التنفيذ على مستوى العالم، متضمنة إطلاق أكبر صندوق استثمار بقيمة 2.7 تريليون دولار.

وستشمل الخطة إصلاحات للموازنة العامة وتغييرات تنظيمية ومبادرات للسنوات الخمس المقبلة.

وتسود اجواء السعودية ترحيبا وتفاؤلا بالخطة التي يتوقع المواطنون أن تعمل على توفير الوظائف، وإتاحة فرص اقتصادية جديدة، وربما المزيد من الحريات الاجتماعية كالسماح للمرأة بقيادة السيارة.

في المقابل يتشكك البعض في إمكانية إحداث قدر كبير من التغيير في المجتمع السعودي المحافظ، ويتخوف آخرون من أن تكون الإصلاحات مؤلمة من الناحية المالية، مع توجه لفرض ضرائب ورسوم لدعم المالية العامة، وعزم الحكومة الدفع بمزيد من السعوديين للعمل في القطاع الخاص الذي لا يحظى بمميزات القطاع الحكومي.

خطة جريئة

وهذه الخطة الجريئة التي أعلن عنها الأمير محمد بن سلمان رئيس المجلس الاقتصادي والتنمية في مقابلات صحافية بأنها "ستكون الخطة التنموية الأكثر جرأة والأكثر شمولا بتاريخ المملكة". وتشمل برامج اقتصادية واجتماعية لتجهيز المملكة، إلى زيادة مداخيلها من غير النفط، وتقليص اعتمادها عليه، عبر أكبر هيكلة لصندوق الاستثمارات العامة، وخصخصة أصول بقيمة 400 مليار دولار ستشكل أكبر فرصة للقطاع الخاص وتحديدا الشركات المؤهلة للاستفادة منها.

ومن المتوقع أن تحقق الأصول مبلغ مقداره الـ 2.7 تريليون " والذي جزء منه يتواجد في صندوق الاستثمارات العامة" كما أن الدولة تملك أصولاً لم تحدد قيمتها بعد "مثل محطات تحلية المياه، وصوامع الغلال والمطارات، ولكن المحور الأساسي في البرنامج هو طرح نسبة 5% من شركة أرامكو للاكتتاب في المملكة العربية السعودية وخارجها إضافة إلى احتياطيات الدولة من النقد والتي تديرها مؤسسة النقد العربي السعودي "البنك المركزي".

 وتشمل رؤية السعودية، توفير مبلغ 30 مليار دولار بعد 4 سنوات إلى جانب رفع الإيرادات غير النفطية إلى 100 مليار دولار، وتغيير السياسات الاقتصادية لأكبر بلد نفطي في العالم، وهذا بحد ذاته سيحمل إشارات عالمية مهمة تترقبها المؤسسات المالية.

ومن الجدير بالذكر ان الأمير محمد بن سلمان قد عيّن ما يسمى في الصحف الغربية لا سيما الصاندي تايمز "بمدافع نيويورك الثقيلة" للمساعدة في رسم الخطط وتقديم الاستشارات وهم خبراء في الأسواق المالية والخصخصة وطرح الأسهم والاستثمار في الشركات الأجنبية وغيرها من الأمور ذات الصلة.

ومن هذه الشركات "جي بي مورغان" وخبير استحواذ الشركات مايكل كلاين وشركة الاستشارات المتخصصة ماكينزي وأيضا مؤسسة بوديستا أكبر شركة متنفذة في دهاليز واشنطن السياسية والاقتصادية.  

وفي هذا الاطار صدر تقرير شركة "ماكينزي" للاستشارات رسمت فيه معالم خطة مستقبلية ستسمح للسعودية بإجراء تحول جذري يضع اقتصادها على مسار مستدام، بغض النظر عن أسعار النفط، حيث شملت الخطة ثلاث شرائح هي الحكومة والقطاع الخاص والأفراد.

كما ستتيح هذه الاستراتيجية المجال لاستثمار نحو 4 تريليونات دولار في الاقتصاد غير النفطي، معظمها ستضخ من قبل القطاع الخاص. إضافة إلى ذلك، ستمكن 6 ملايين سعودي من الدخول إلى قطاع العمل، وزيادة دخل الأسر بـ60%.

صندوق الاستثمارات العامة هو أحد البرامج التي ستكون ضمن "رؤية السعودية"، وسوف يتم إطلاقه بعد برنامج التحول الوطني.

وتستهدف "رؤية السعودية" رفع حجم صندوق الاستثمارات العامة، من خلال إعادة هيكلة صناديق وشركات وأصول مملوكة من قبل صندوق الاستثمارات السيادية حالياً.

فرصة عظيمة

 ويرى الأمير محمد بن سلمان، بحسب حديث سابق لوكالة "بلومبيرغ" أن الصندوق سيكون أمامه فرصة عظيمة لرفع الربحية من خلال تقديم أصول جديدة، وأهمها شركة "أرامكو"، وكذلك مجموعة ضخمة من العقارات.

كما سيتم طرح حصة بأقل من 5%، من شركة أرامكو بهدف تنويع الدخل المالي، وطرح "أرامكو" سوف يؤدي الى تحويل أسهمها إلى صندوق الاستثمارات العامة، وهو ما يجعل تقنياً الإيرادات منوعة بالنسبة إلى الحكومة السعودية ويقلل من اعتمادها على النفط.

كما تتضمن "رؤية السعودية"، بناء أول منشأة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في السعودية.

وتستهدف السعودية التوسع في المصافي النفطية عبر الأسواق الناشئة مثل الصين والهند وجنوب أفريقيا وإندونيسيا.

بحلول العام 2020 من المستهدف، بحسب الأمير محمد بن سلمان، رفع الإيرادات غير النفطية بأكثر من 100 مليار دولار إضافية. وقال الأمير محمد "أنجزنا عدداً من الإصلاحات السريعة في العام 2015 والتي استطاعت أن ترفع عوائدنا غير النفطية بنسبة 35%. وهذا العام نحاول أن نضيف 25 مليار دولار إضافية. وأعتقد أننا سوف ننجح في تحقيق أكثر من 10 مليارات دولار كعوائد غير نفطية إضافية خلال العام الحالي 2016".

ولدى السعودية قدرة كبيرة على خفض الإنفاق كما فعلت في العام 1997، حيث يتم العمل على رفع كفاءة الإنفاق.

الخلفية لهذه الخطط الراديكالية

الأسعار المنخفضة أجبرت الدول المنتجة على اعادة النظر في الميزانيات وادارة الاقتصاد. حيث أعلن وزير الاقتصاد السعودي عادل الفقيه قبل عدة اسابيع عن سلسلة من الاجراءات لتخفيض نفقات الدولة. حيث تواجه المملكة تحديات ضخمة تتمثل في اعادة النظر في برامج الرعاية الاجتماعية والدعم في ظل اقتصاد يعتمد على الدخل النفطي بنسبة 70% اضافة الى الزيادة السكانية ومما يعرف بالأزمة الديموغرافية.

وهناك الآن قناعة أن الطرق والأساليب القديمة لم تعد مجدية وغير مناسبة لمواجهة الأزمات المالية الحادة الناتجة من تهاوي مداخيل النفط. ولذلك، فإنّ التحرك المهمّ والسّريع أمر ملح ومطلوب ولا يقبل التأجيل. وهناك ادراك على جميع المستويات أن الاقتصاد السعودي بحاجة الى اعادة هيكلة لتقليل الاعتماد على النفط كالمورد الوحيد للدخل.

هناك إدراك ووعي في السعودية أن الاعتماد الكلي على النفط، والذي قد ينضب يومًا ما سوف لا يخدم الأجيال القادمة، ولهذا يزداد التركيز في الأشهر الأخيرة على تنويع مصادر الدخل الوطني الاقتصادية وتشجيع الاستثمار الأجنبي.

من الجدير بالذكر أن الدول التي تعتمد اقتصاداتها على البترول كالسعودية اضطرت إلى رفع الدعم الجزئي عن الماء والكهرباء والبنزين لكي تعالج عجزًا بلغ 90 مليار دولار تقريبًا أو حوالى 13.5% من اجمالي الانتاج المحلي.

وتستعين حكومة الملك سلمان، بالخبراء الأجانب، بعد ارتفاع العجز في الميزانية إلى حوالى %20 مع نهاية العام الماضي، وقامت الحكومة بخفض الإنفاق، وتأجيل مشروعات، واللجوء إلى التمويل من احتياطها الأجنبي، وإصدار سندات سيادية، مع توقعات بأن تصل نسبة عجز الميزانية هذا العام إلى حوالى %17.8 مرة أخرى.

وقد انخفضت احتياطات السعودية الأجنبية نتيجة تراجع أسعار النفط وبشكل أسرع من المتوقع، وذلك لاستخدامها في تمويل مشاريع التنمية والتزامها العسكري في اليمن، ما أدى الى اثارة بعض التساؤلات حول مدى فاعلية الدعم المالي الذي تمتلكه السعودية، والذي تأثر بشكل أكبر مع تراجع أسعار النفط.