لم يكن مفاجئا لي ما كشفته وزارة الداخلية من القبض على شخص يحاول تشكيل مجموعات شبابية من أجل إثارة الفوضى وبث الشائعات له ارتباط بجهات أجنبية هدفها العمل على تقويض البناء الداخلي في قطاع غزة لأهداف سياسية وأمنية وأخرى مع الأسف حزبية. وكثيرا ما حذرنا من المؤسسات الأجنبية والتي تختبئ خلف المنظمات الأهلية والتي تقوم بتمويل كثير من المجموعات الشبابية أو بعض الجمعيات والتي تتخذ منها غطاء لتنفيذ أجندة خارجية بعيدة عن مصالح الشعب الفلسطيني، وهذا لا يعني أن كل هذه المؤسسات بالضرورة أن تكون مؤسسات مشبوهة، بل يوجد البعض منها من يعمل خدمة لشعبه الذي تعرض للظلم على مدى عقود من الزمن ولازال يتعرض لهذا الظلم، لذلك علينا أن لا نخلط بين الغث والثمين وأن ننفي وجود توجهات وطنية لدى بعض هذه المؤسسات أو بعض المجموعات الشبابية الواعية. هذا الأمر يحتاج إلى رقابة واعية وفطنة سواء من القائمين على المؤسسات الأهلية أو المجموعات الشبابية المندفعة بفعل الحماس من أجل الارتقاء بالمجتمع والنهوض بمقدراته سعيا نحو بناء مجتمع فلسطيني واعي يسعى لمواكبة التطورات الحادثة في المجتمعات القريبة والبعيدة، خاصة في ظل المساعي الحميمة من أعداء الشعب الفلسطيني المتربصين بنا الدوائر، وعليه مطلوب عدم الانخداع والجري خلف كل مشروع دعم يقدم من هذه المؤسسات الأجنبية والتي أخذت تتجه نحو الشباب في الآونة الأخيرة بعد أن وجهت مساعيها فترة من الزمن نحو دعم المرأة والتي تسعى إلى تخريب المجتمع من هذا الباب وباءت بالفشل، فتلجأ اليوم إلى الشباب في محاولة للسيطرة على العقول وحرف المسار لهدم المجتمع وإثارة الفوضى والاضطراب وفق برامج ممنهجة وأهداف تخريبية، ومع الأسف نجد البعض الفلسطيني ينجر خلف هذه المؤسسات وبرامجها ومشاريعها سعيا لتحقيق مكاسب مالية في المقام الأول وألقاب مجتمعية أو سياسية. قضية التمويل الأجنبية قضية خطيرة يجب الحذر منها وما جرى في مصر القريبة منا ليس ببعيد عنا وما أثير من شبهات حول هذا التمويل في مصر وبرنامج الفوضى الذي كانت تسعى إليه دول ومؤسسات التمويل، هو نفسه الذي يمارس ويطبق في كل البلدان، وهذا التمويل هو شكل من أشكال الاستعمار الحديث الذي تحول من احتلال الأرض بقوة السلاح إلى احتلال العقول من خلال الثقافات ونشر القيم والمبادئ الهدامة سيعي لتخريب المجتمعات والسيطرة عليها دون أن يتكلف الاستعمار الجديد تكلفة هذه السيطرة. وهذا يتطلب العمل على التقرب من الشباب عماد المجتمع عبر مشاريع حقيقية وبرامج هادفة ليس الهدف منها الصراخ العالي والتقاط الصور والتدليس على الشباب أو خذلانهم، نحن بحاجة إلى مشاريع حقيقية لخدمة الشباب عبر برامج مدروسة إنتاجية لا استهلاكية، ليس المطلوب الكم على حساب الكيف وأن يكون هناك خطة مبرمجة خمسيه أو عشرية تحتوي على أولويات لها علاقة بالمجتمع والشباب على أن تتاح الفرصة أمام الجميع للاستفادة من هذه البرامج بصدق وبعيدا عن الغش والخداع. الشباب بحاجة إلى الاستيعاب من خلال دعم مشاريع إبداعية مثمرة ومنتجة وليس عبر أفكار هدفها دغدغة العواطف و تؤدي إلى مزيد من السفسطائية والجدلية السطحية لا تسمن ولا تغني من جوع بل ربما تكون سببا في هروب الشباب نحو التمويل الأجنبي للتخلص من المعاناة اليومية والبطالة وغيرها من الإشكاليات التي تواجه الشباب،هذه الإشكاليات هي الباب الذي يدخل منه التمويل الأجنبي التخريبي والذي نعاني منه وله أثار ضارة بالنسيج المجتمع وتربة خصبة للاختراق الأمني والمجتمعي من قبل المؤسسات الأجنبية. المتابعة الأمنية لمثل هذه المؤسسات والمجموعات الشبابية مهم، ونجاح المتابعة الأمنية يحتاج إلى مزيد من الاهتمام الحقيقي والفعل من الجهات الحكومية المسئولة والمطلوب منها العمل على استيعاب هؤلاء في عمل مثمر ومنتج وليس عبر مشاريع استهلاكية يكتنفها الغش والخداع الأمر الذي يزيد الأمور تعقيدا وقد يدفع بالشباب نحو الهاوية بدلا من الأخذ بأيديهم نحو الارتقاء بهم وبالمجتمع.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.