18.64°القدس
18.44°رام الله
17.75°الخليل
24.42°غزة
18.64° القدس
رام الله18.44°
الخليل17.75°
غزة24.42°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

النَّكَباتُ السَّبْع لفلسطين السابقة لنكبة الـ(48)

خالد الخالدي
خالد الخالدي
خالد الخالدي

يُظهر تاريخ أرضنا المقدسة أنها مركز الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل منذ أقدم العصور حتى اليوم، وأنها تكون في أيدي أهل الحق، وتبقى في أيديهم ما داموا مؤمنين ملتزمين مجاهدين، وأنها تسقط في أيدي الباطل، إذا ابتعد أهل الحق عن الإيمان، وتراجعوا عن الالتزام، وتقاعسوا عن الجهاد، وأن سقوطها قد يطول إلى عشرات أو مئات السنين، وأنها لا تتحرر إلا إذا ظهرت الفئة المؤمنة الملتزمة المجاهدة.

والمتأمل في تاريخ فلسطين يلحظ أن أهل الحق فيها قد حدث لهم قبل نكبة الـ(48) الحالية سبع نكبات رئيسة، أدت إلى سقوطها في أيدي الباطل.

وسأتناول أوقاتها ومُددها وأسبابها، وكيفية انتهائها، في نقاط مركزة مهمة، ستُقصّرُ _إذا أُحسِن الاعتبار منها_ الطريقَ إلى القدس، وتعلِّمُ كيف نُجَنِّب أرضنا المقدسة السقوط مرة أخرى.

النكبة الأولى: أول نكبة سجلها التاريخ القديم للأرض المقدسة هي سقوطها تحت حكم القوم الجبارين الكافرين، بعد أن كانت تحت حكم الموحدين، من أتباع الأنبياء إبراهيم وأبنائه، إذ غادرها يعقوب مع أبنائه إلى مصر في نحو سنة 1700ق.م، تاركًا خلفه أتباعًا مؤمنين، كما يرجح الباحثون، ولا يُعرف تاريخ سقوطها في أيدي الجبارين، لكن من المؤكد أنه قبل زمن موسى (عليه السلام) الذي عرفناه من معرفتنا لزمن الفرعون المعاصر له، وهو رمسيس الثاني (1301-1234ق.م)، وقد استمرت هذه النكبة إلى أن تمكن النبي يوشع بن نون من تحريرها سنة 1190ق.م، وهذا يعني أن مدة هذه النكبة زادت على قرن من الزمان، وسبب تأخر تحررها هو أن بني إسرائيل المفترض أنهم يمثلون أهل الحق لم تتوافر فيهم الصفات اللازمة للتحرير، إذ لم يلتزموا بأوامر الله ورسوله، ولم يجاهدوا، وكان ردهم النهائي على نبيهم هو {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24].

النكبة الثانية: كانت في سنة 1150ق.م عندما انحرف أعقاب أتباع يوشع عن الإيمان والالتزام، وتقاعسوا عن الجهاد، فسلط الله عليهم جالوت وجنوده، وهم آشوريون كافرون من شمال العراق، فنكّلوا بأهلها، ونفوهم، وشتتوهم، واستمرت هذه النكبة إلى سنة 1025ق.م، أي 125 سنة، عندما نجحت الفئة المؤمنة الملتزمة المجاهدة بقيادة الملك المسلم طالوت في تحريرها، وقد استمرّ بقاؤها في أيدي المؤمنين من أتباع النبيَّيْن المسلمَيْن داود ثم سليمان (عليهما السلام) إلى سنة 923ق.م.

النكبة الثالثة: تمثلت في انحراف مسلمي بني إسرائيل عن دينهم بعد موت نبيهم سليمان مباشرة سنة 923ق.م، وقد زاد هذا الانحراف تدريجًا حتى وصل إلى عبادة الأوثان، وقد نتج عنه تعاقب احتلالات عدة على الأرض المقدسة، فسقط شمالها في أيدي الآشوريين سنة 721ق.م، وسقط جنوبها في أيدي البابليين سنة 586ق.م، ثم سقطت في أيدي الفرس سنة 539ق.م، ثم احتلها الإسكندر المقدوني سنة 332ق.م، ثم خضعت لاحتلال الرومان سنة 37ق.م، واستمرت في أيديهم إلى سنة 16هـ (637م)، إذ تمكن المؤمنون الملتزمون المجاهدون من الصحابة الكرام أتباع النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) من فتحها، وقد طالت مدة النكبة الثالثة وبلغت 1560 سنة، وذلك لأن توافر الشروط اللازمة لتحريرها قد تأخر، وهذه الشروط هي: الإيمان والالتزام والجهاد.

النكبة الرابعة: كانت في سنة 492هـ (1099م)، عندما استغل الصليبيون ضعف إيمان المسلمين، وانحرافهم عن دينهم، وتقاعسهم عن الجهاد، واحتلوا الأرض المقدسة، وقد استمرت هذه النكبة إلى سنة 583هـ (1187م)، إذ تحررت بعد 91 سنة هجرية على أيدي صلاح الدين الأيوبي وجنوده، ومهد لتحريرها قبلهم نور الدين محمود بن زنكي وجنوده الذين أبلوا أحسن البلاء في تحرير معظم الشام وفلسطين، وكانوا مؤمنين حقًّا ملتزمين حقًّا مجاهدين حقًّا.

النكبة الخامسة: تمثلت في خيانة كبرى قام بها حاكم مصر السلطان محمد الكامل بن السلطان العادل شقيق صلاح الدين، إذ اختلف مع شقيقه المظفر عيسى حاكم دمشق، فاستنصر عليه بالإمبراطور الصليبي فردريك الثاني، ووعده بتسليمه القدس، إن ناصره، فخرج فردريك بحملة صغيرة، وقبل أن يصل أرسل إليه الكامل يشكره، ويخبره أن أخاه عيسى قد توفي، وأنه لم يعد بحاجة لنصرته، لكن فردريك كتب إليه يمدحه، ويرجوه ألا يحرجه أمام زعماء أوروبا، فرد عليه الكامل بأنه التزامًا بالدين الذي أمر بالوفاء بالعهد قرر تسليمه القدس، وسلمها له فعلًا في اتفاقية وقعت بينهما في 1 ربيع الآخر 626 هـ (15 مارس 1228م)، وهكذا ولبضع سنوات ضيّع زعيم خائن جبان بجرَّة قلم القدس التي استغرق تحريرها 91 سنة هجرية.

النكبة السادسة: كانت سنة 658هـ (1260م) عندما احتل المغول أجزاء من الأرض المقدسة، مستغلين الانهزام النفسي الذي أصاب الأمة بعد سقوط بغداد وحرقها، وذبح أكثر من مليون مسلم فيها، لكن هذه النكبة لم تطل، إذ استمرت خمسة أشهر فقط، ففي رمضان من سنة 658هـ نجح حاكم مصر المؤمن الملتزم المجاهد سيف الدين قطز ومعه جيش ممن يحملون صفاته في إلحاق هزيمة ساحقة بجيش المغول الذي لم يهزم من قبل، وذلك في معركة عين جالوت، وقد كان شعار المعركة الذي ردده المجاهدون هو: "وا إسلاماه!"، وسبب سرعة تحرير المسلمين للأرض المقدسة من المغول مع قرب عهدهم بسقوط عاصمة الخلافة بغداد هو سرعة توافر عناصر النصر الثلاث المشار إليها سابقًا.

النكبة السابعة: حدثت هذه النكبة حين صدَّق الزعماء الأغبياء وعود بريطانيا بدولة عربية كبرى، إذا هم ناصروها ضد دولة الخلافة الإسلامية العثمانية، فتحالفوا معها، وقاتلوا العثمانيين، ومكَّنوا بريطانيا من احتلال القدس، واستقبلوا هم والجماهير المخدوعة الجيش الإنجليزي الصليبي حين احتلاله للقدس سنة 1917م بالورود، واستمر المحتلون ثلاثة عقود، وما رحلوا إلا بعد أن مكّنوا لليهود في فلسطين، متسببين في نكبة مضى عليها 68 سنة، وما طالت إلا لأننا لم نعتبر من تاريخ النكبات التي حدثت لهذه الأرض المقدسة، ولم نسلك إلى الآن الطريق الوحيد للنصر والتحرير والتمكين، وهو الإيمان والالتزام والجهاد.