19.44°القدس
19.21°رام الله
18.3°الخليل
24.81°غزة
19.44° القدس
رام الله19.21°
الخليل18.3°
غزة24.81°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

فلسفة للتبرير وليست للتنوير والتغيير

توفيق ابو شومر
توفيق ابو شومر
توفيق أبو شومر

شخصية المقال أنموذجٌ على نوعٍ جديد من الفلسفة، وهي الفلسفة التوظيفية السياسية، هذه الفلسفة الحديثة لا تُنيرُ الفكر، وفق المفهوم الفلسفي الأكاديمي، بل تقود السياسيين إلى تنفيذ مخططاتهم الديكتاتورية والقمعية، بغطاءٍ فلسفيٍّ برَّاقٍ.

فلسفة التبرير السياسية هي أحدث مبتكرات عهد العولمة، وهي تتولى صياغة عقول الجماهير، وفقَ مخططات السياسة لا مقتضيات التنوير العقلي.

شخصية المقال أنموذج على عصر الفلسفة الوظيفية، شخصيةُ المقال ولدتْ في مدينة بني صاف الجزائرية عام 1948م لأسرة يهودية تنتمي إلى المحتلين الفرنسيين، إنه فيلسوف الثورات والانتفاضات، فيلسوف نظرية "تضليل التغيير"، إنه برنارد هنري ليفي المليونير صاحب شركة (بيكوب)، ومُنظِّر عصر العولمة، وهو ضمن الخمسين شخصية يهودية الأكثر تأثيرًا في العالم أجمع.

يسميه الكاتب باسكال بونيفاس في كتابه "المثقفون المُزيَّفون" زعيم المضللين، يقول عنه:

"المكارثي، الذي أقام سيرته على الأكاذيب، فهو يدعي الحرية، وهو في الوقت نفسه رئيس مجلس مراقبة شبكة (ARTE) الإعلامية منذ عام 1993 م، وهو يملك مجموعة من الأسهم في مجلة (ليبرالسيون)، وهو كاتب دائم في (لوموند)، وهو ضمن لجنة مراقبيها أيضًا".

يستخدم علاقاتِه وأفكارَه لاتهام مخالفيه بالعداء للسامية، يخون مبادئه لأجل الكيان العبري، فانتقاد حكومة الكيان عنده يدخل في تهمة العداء للسامية، سَمَّى القتلَ الذي مارسه الكيان خلال عملية "الرصاص المصبوب" عام 2008م في قطاع غزة بأنه كان "معركة لتحرير فلسطين من حماس".

انتهى الاقتباس، ولم ينتهِ الحديث عن فلسفة برنارد الذرائعية الوظيفية، فهو عرَّاب انفصال بنغلادش عن باكستان؛ فقد زارها 1971م، وهو عرَّاب الأزمة في البوسنة والهرسك عام 1990م، وهو الصديق المقرب جدًّا من الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي، وهو الذي أقنعه بتفكيك ليبيا، وهو اليوم يقود حملة جديدة في الساحة السينمائية بإنتاج فيلم "فريق صغير في الملعب" يُعرض في مهرجان كان السينمائي، يُصوِّر مواجهة "البيشمركة" الكردية لـ"داعش"، وقد صور الفيلم في أرض العراق، وبرنارد هنري ليفي يؤيد قيام دولة كردية، ليس لينال الأكرادُ حريتهم واستقلالَهم، وهذا مطلبٌ مشروعٌ، ولكنه يستخدم المبرر المشروع من أجل تدمير وتفكيك منظومة العراق، وسوريا، وتركيا، وإيران.

أخيرًا إن أبشعَ أدوار العولمة هو تفكيكها الثقافة والفكر، لإفراغهما من محتواهما التنويري، لتصبح الثقافةُ خادمةً في قصور تُجَّار العولمة.

فالثقافة بمفهومها التنويري التوعوي من معوِّقات عصر العولمة، وهذا التغيير الدراماتيكي يقوم على أساس كنس بقايا الفكر التنويري، ثم إحلال فكر العولمة الوظيفي، فيتحول الأفراد من مجموعة "عقول" مختلفة، تتلاقح بالاختلاف، وتثرى بالحوار إلى مجموعة "عجول" تقتتل على المرعى، وتسمن لتُذبح في النهاية في مجزرة العولمة الرهيبة.