30.73°القدس
30.2°رام الله
28.86°الخليل
29.89°غزة
30.73° القدس
رام الله30.2°
الخليل28.86°
غزة29.89°
السبت 18 مايو 2024
4.71جنيه إسترليني
5.23دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.03يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5.23
جنيه مصري0.08
يورو4.03
دولار أمريكي3.7

زوجك صاحبُ عقلٍ متصلّب؟.. لدينا الحل

ش
ش
غزة - فلسطين الآن

تجاهد ربا منذ خمس سنوات "زواج" في محاولة إقناع زوجها بفكرة أن تعاود النزول إلى سوق العمل، فهو إضافة إلى رفضه المطلق للفكرة شكلًا ومضمونًا مقتنعٌ تمامًا بأن المرأة خلقت لرعاية بيتها وزوجها وأطفالها، وهذا ما لم يكن يعجبها.

قالت لنفسها: "هذه آخر مرة، سوف أحاول أن أقنعه اليوم، وإن لم يوافق فسأجعل الحرب تقوم"، اقتربت منه وهو يحتسي فنجان قهوته قرب النافذة، وهمست في أذنه: "جلال، هذه آخر مرة سأحدثك في الأمر، أنا لا أقصر في بيتك، ولا في تربية أبنائك، وأعدك ألا يحدث هذا، إن عدت إلى العمل".

المرأة (خريجة إدارة الأعمال) كانت تتوقع هذه المرة أيضًا رده، لكن ما لم تكن قد خططت له مقدمًا "ردة فعلها" هي، عندما صرخت في وجهه بحدّةٍ جعلته يرد لها الصاع صاعين حتى أُضرمت نار العداء في شقتهما، فتركتها ربا لصاحبها وغادرت إلى حيث أهلها يسكنون.

"هو عنيدٌ جدًّا، ليس فقط في موضوع العمل بل في كل شيء" تقول ربا، تخيّلوا حتى في مسألة زيارة بيت أهلها الأسبوعية أحيانًا يمنعها من دون أي سبب، وهو غير مستعدٍ لتغيير رأيه، مهما حدث.

"ربا" تمثل حالة الكثيرات من النساء زوجات الرجال العند، منهن من كن مثلها سنواتٍ يتركن زمام رؤاهن في يد أزواجهن أصحاب الرأي الواحد، ومنهنّ من يرددن العناد بمثله، وبين هذه وتلك لاشك أن هناك حلًّا آخر لعلاج "عناد" الرجل، وهذا ما سيسوقه التقرير:

"لإنو أنا بدي هيك"

تقول شذى الأم لثلاثة أبناء لـ"فلسطين": "زوجي عنيد جدًّا، إذا قرر شيئًا يرى من العيب الرجوع عنه، وإن كان يعرف في قرارة نفسه أن قراره هذا خطأ، ولاشك أن في هذا الجانب تحديدًا تشدُّ أمه على يده".

مرةً _تبعًا لحديث شذى_ كانت ستخرج برفقته في إحدى الزيارات العائلية، فإذا هو يطلب منها ارتداء النقاب، هي لا ترتدي النقاب أصلًا إلا إذا كانت تضع مساحيق التجميل في المناسبات العائلية، لماذا؟!، وكيف؟!، وما الذي حدث؟!، لا تعرف، فقط هو يريدها أن ترتدي النقاب. وبصراحة إن عدم اقتناع المرأة به يضيّع ثواب ارتدائه شرعًا، مشكلةٌ "طويلة عريضة" نشبت بينهما، صعدت على إثرها أمه التي وقفت إلى جانب ابنها الذي حتى لم يسرد سببًا لطلبه الغريب ذاك إلا: "هيك، بدي إياكي تلبسيه".

ألغيت الزيارة، وكبُرت المشكلة وتدخّل فيها أهل المرأة، وبعد ألف محاولة أقنعوه بأن ارتداءها النقاب دون رغبة إنما هو "زيادة" في اللباس ليس إلا، فلما تراجع عن رأيه وصفته أمه بـ"المرأة"، مع أنها أصلًا لم تتحدث يومًا بأنها ترغب في أن تلبس كنائنها النقاب.

تعلق: "بسبب هذه المرة التي تنازل فيها زوجي عن رأيه كل مدة نعود إلى النقاش العقيم نفسه: هو: "البسي النقاب"، أنا: "لا أريد"، ولاشك أن هذا لا يحدث إلا بعد أن يكون زائرًا لأمه في الأسفل، فتذكره بأنه "امرأة" على حد تعبيرها".

حرمان وإحباط

يقول د. درداح الشاعر رئيس مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات: "خلافاتٌ كثيرة تحدث داخل البيوت بسبب تشدد بعض الأزواج بآرائهم، وإن كانت خطأ، فقط لمجرد ظنهم بأن هذا من مكملات الرجولة"، مرجعًا وجود هذه الصفة "السيئة" في بعض الرجال إلى عنصرين: "الحرمان العاطفي" و"الشعور بالإحباط" في مراحل العمر الأولى.

"فالطفل عندما يعيش طفولةً يشوبها الحرمان من كل المحببات والمرغوبات يصاب بالإحباط، فيصبح خشن السلوك يعاند حتى نفسه، هذا إضافة إلى حالة الإحباط التي قد تصيبه في حال عاش في ظل والديه في حالة مقارنةٍ دائمة مع غيره (انظر إلى هذا الولد هو أفضل منك، أشطر منك، أقوى منك)" يزيد، معقبًا بالقول: "عند الكبار سلوك العناد له أصولٌ وجذور تربوية، تترعرع في نفسه منذ نعومة أظفاره حتى يشبّ على التسلط وفرض الرأي والهيمنة على الآخر".

يكمل: "وفي جزءٍ من تكوين الشخصية المتصلبة القرار يكمن الموروث الاجتماعي والثقافة الفلسطينية، التي تربط مفهوم الرجولة بمفهوم "مخالفة" المرأة، ووصف الرجل الذي يحتكم لرأيها بالمحكوم"، مضيفًا: "الرجل العنيد يرد الأمر المطروح أمامه إلى عقله فقط، لا إلى الواقع ولا إلى مدركات الآخرين، وبطبيعة الحال إن عقله سيزيّن له فكرته على أنها الأصح والأكمل، وبهذا لا يقتنع إلا بما يراه هو، رافضًا ما أوحت للآخرين مدركاتهم، وإن كانت صوابًا".

الرفق إحدى الطرق

ولما كان السبب في عناد الرجل تبعًا لإفادة د. الشاعر يرجع أولًا إلى حالة حرمان عاطفية عاشها صغيرًا؛ فإن على الزوجة أن تغدق عليه الحب والعطف، وأن تكون له الأم والأب والزوجة والصديقة والحبيبة، وأن تبدأ تعديل سلوكه من هذا المدخل النفسي.

ويتابع: "ولابد للمرأة أن تصبر إذا رزقها الله زوجًا عنيدًا، وأن تحتسب صبرها هذا عند الله وتدعو له بالهداية واللين، ويا حبذا لو بدأت تتسلل إلى قلبه بشكرها لمواقف عطفه وتجاوبه معها ليشعر بقيمته داخل بيته، وأن تعرفه إلى أشخاصٍ جدد من أزواج صديقاتها _مثلًا_ الذين يتمتعون بليونة العقل واحترام آراء زوجاتهم، كي يتعلم منهم ويستفيد من تجاربهم بطرق غير مباشرة"، منبهًا إلى أهمية أن تذكره دومًا بأن "الرفق ما دخل شيئًا إلا زانه، وما غاب عن شيءٍ إلا شانه".

وعندما يرفض الزوج فكرةً تطرحها زوجته يمكنها الخروج من المأزق بعدة طرق، إما تركه حتى يهدأ ويعيد حساباته مرةً أخرى، أو بعرض وطرح زوايا ثانية للفكرة، أو الانتظار حتى ساعة صفاء جديدة لتعيد المحاولة من جديد.

يضيف د. الشاعر: "معاندة الزوج العنيد خسارة تمنى بها الزوجة، وأمام الزوجة حل وحيد هو فتح خيارات أخرى بعد الإيحاء بأن رأي الزوج فيه شيء من الصحة"، لافتًا إلى أن الاحترام والالتزام بالهدوء في أثناء الحديث من طرف الزوجة يعطيان فرصةً أكبر لتقبل الزوج رأيها، ولو بعد حين، وهذا يتأتى بالممارسة.

ونبه إلى خطورة تدخل أهل كلٍّ من الزوج أو الزوجة في النقاشات بين الاثنين، لاسيما أهل الزوجة، لما قد يتسبب به ذلك من تصلب الزوج وتشدده في رأيه _على الأقل_ إثباتًا لرجولته _كما يرى_ أمام أهل زوجته، ناصحًا بتعويد الزوج منذ سنوات الزواج الأولى طرح القضايا ومناقشتها بأسلوبٍ بعيد عن فرض الرأي، أو إرسال الرسائل التي تقول على لسان الزوجة: "أنا أريد ذلك ولن أرضى بغير ذلك، مهما حاولت"، أو "على كيفي يا إما بحرد".