19.44°القدس
19.21°رام الله
18.3°الخليل
24.81°غزة
19.44° القدس
رام الله19.21°
الخليل18.3°
غزة24.81°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

لسنا مقصدا للعطلات فقط!

ديمة طهبوب
ديمة طهبوب
ديمة طهبوب

ستحس بمقدمهم لا ريب فالضجة و الزحمة و الغلاء ستنبؤك أن ضيوف الصيف وصلوا! ستبدأ بالتأفف و إلصاق كل سلبية بهم اذا لم يكن لك بينهم من ينتظره القلب على أحر من الجمر و يخاف أن يفاجئوه الحق دون ان يكحل عينيه بابن هو عماد الظهر او ابنة هي زهرة الفؤاد أو أحفاد هم بلسم الكِبر...

من عام الى عام و من سنة الى سنة ننتظر أحبائنا الذين فرقتنا عنهم مصاعب الحياة و دروب طلب الرزق و لم تفلح التكنولوجيا، بحمد الله، على اطفاء جذوة الشوق المتمثلة في حضن حنون، و لثم يد جعدتها السنون، و مسح دمعة لقلب أرهقه انتظار الغائبين فهل يعلمون ام انهم يعودون الينا و قد غيرتهم المنافي؟

كم نغزل من الأحلام في ليالي الشتاء بانتظار المغتربين؟ كم نشحن الأشواق مزيدا مع كل هاتف و صورة و مقطع جديد يصلنا منهم؟ كم نخبء في الخزانات حصص الغائبين و نمون لهم خيرات المواسم التي لم يحضروها و نغلفها بعهد ان يبقى مكانهم و نصيبهم حاضرا في القلب و لو غابوا بأجسادهم؟ كم نؤجل مشاريعنا و أفراحنا حتى يأتون فبدونهم لا يكتمل فرح و لا يتحقق حلم؟

يعيش كثير منا في انتظار هذه اللحظات ثم يأتي واقع صادم يهوي بقلوبنا لسابع أرض، فالذين انتظرناهم ليؤنسوا أيامنا مشغولون على الدوام من سهرة لسهرة و من رحلة لرحلة بحجة انهم مضغوطون طول العام و العطلة فرصتهم الوحيدة للتغيير

الذين انتظرناهم ليصلونا و نصل بهم أرحامنا الممتدة و تجتمع العائلات و يتعارف الصغار يرجعون أحيانا ليقتصروا على أنفسهم و عائلاتهم الصغيرة دون رغبة في رؤية او زيارة أحد هروبا او تعاليا او خوفا من حسد مزعوم!

الذين انتظرناهم من سنة لسنة يبدأ مجيئهم هادئا ثم تبدأ المشاكل بالتصاعد و يبدأ التذمر بالتزايد فما ينتهي الصيف الا و قد تنفسنا الصعداء بعودة الكل الى قواعده سالما ثم ينسينا الشوق الضجة و نعود ندور في دوامة الانتظار مرة اخرى!

الذين انتظرناهم ليأكلوا من ايدينا لم يعد يعجبهم و اولادهم ما نصنع فقد تعودوا على المطاعم و الأكل السريع و لم تعد ترضيهم جبنتنا البيضاء و لا الزيت و لا الزعتر و لا الرشتة و لا العدس و لا لبن المخيض و قد تعودوا على فيلادلفيا و الشرائح و الموزريلا و البارميزان و البرغر و الفوتوشيني و السوشي!

الذين انتظرهم البلد لينعشوه اجتماعيا و اقتصاديا ينفقون كل قرش و كأنه يخرج من ارواحهم مع شكوى دائمة عن الغلاء و الجودة؟

الذين انتظرهم البلد ليحملوا همه و يطلعوا على وضعه يأتون في رحلة استجمام عقلي و عطلة ذهنية دون رغبة في خدمة او معرفة او مساهمة في اصلاح!

ربما يعنينا ان تعرفوا أننا لسنا مقصدا للعطلات فقط و لا للترفيه و لا استعراض النعم، نحن أهاليكم الذين تركتمونا في يوم ما و بكيتم علينا عندما ودعناكم، و لو كانت أحوالنا المادية من سيء الى اسوأ و لو كان عفشنا على حاله و لو بقينا عند نقطة البداية بينما مشيتم بعدنا مشوارا طويلا في الانجاز، هذا بلدكم الذي تركتموه مكرهين بحثا عن فسحة او رزق او مال او حرية و لكنه أصيل و لو طغى عليه المفسدون، اجعلونا نشعر ان الانسان فيكم لم يتغير و ان الاصالة التي ربيناكم عليها لا يغيرها حساب بنكي او سيارة دفع رباعي او ملابس مختومة او منصب كبير!

لا تدعوا الغربة تعلمكم العقوق فوجودنا ليس مسلما فمن يكون اليوم هنا قد يأتيكم خبره في مكالمة باردة فتعيشون حسرة لا تقوم الدنيا مقامها و أسفا على تضيع فرصة تقارب خلت او لثم يد أم او جبهة حبيب في لحظة وداع

هذا الوطن ما زال ينتظركم فالغربة وان طالت لا يمكن ان تصير وطنا فلا تعودوا الينا أجسادا هرمة تنتظر مثواها الأخير!

الغربة فرصة و الوطن سكن دائم و استثمار باق فهنا سيصنع التاريخ و تتحقق كل الأماني الصغيرة و الكبيرة لكل ذي لب له حلم و طموح يتجاوز حياة سائغة

سنبقى ننتظر عودتكم السنوية بحب و عودتكم الدائمة لبناء الوطن و اذكروا لسنا مقصدا للعطلات فقط فهل في جعبتكم و عودتكم ما يسد جوعة الشوق و يبني مجد الوطن