18.08°القدس
17.83°رام الله
17.19°الخليل
23.02°غزة
18.08° القدس
رام الله17.83°
الخليل17.19°
غزة23.02°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

خبر: الشيخ حامد.. نبراس الدعوة الإسلامية

وُلد الشيخ حامد سليمان خضير المعروف بـ"حامد البيتاوي" نسبة إلى بلدته الأصلية بيتا، في 4-12-1944م، لأسرة ريفية ولأبوين فقيرين يعملان كمعظم الفلسطينيين وقتها في الزراعة، تُوفِّي جده وهو يؤدي مناسك الحج وتعلم والده في الكتاتيب. وكان للبيئة التي نشأ فيها الشيخ الأثر الأكبر في حياته وشخصيته فيما بعد، حيث البُعْد عن مظاهر الفساد، وكذلك الخشونة التي اتصفت بها حياة القرية، حيث كان يضطر للسير مسافة تزيد عن 10 كم للوصول إلى الحقل الذي كانت عائلته تمتلكه، ثم الذهاب للقرى المجاورة ولمخيمات نابلس لبيع التين والعنب والصبر، وانتظار ظلِّ القمر للعودة ليلاً لقريته. الحياة البسيطة التي كان يعيشها الناس في ذلك الوقت، حين كان أهالي القرية في مواسم الحصاد يتركون بيوتهم ويذهبون للمبيت في "المعرش" داخل حقولهم لعدة أشهر، زرع عشق الأرض والطبيعة والأشجار والسهول في نفس الشيخ. ودأب على قضاء الإجازة السنوية في قطف الزيتون واستصلاح الأراضي البور وتسييج الحقل، كما عمل فترة من الوقت في مجال البناء، حيث كان يتقاضى أجرًا مقداره نصف دينار في اليوم الواحد. دراسته وتعليمه وعمله. تابع الشيخ دراسته الجامعية في كلية الشريعة التابعة للجامعة الأردنية، وحصل على شهادة الليسانس عام 1968م بتقدير جيد جدًّا، وبعد تخرجه من الكلية عين موظفًا في المحاكم الشرعية في الضفة الغربية، وفي عام 1991م حصل على شهادة الماجستير في الشريعة الإسلامية من كلية الشريعة في جامعة النجاح الوطنية. كما عمل بالإضافة إلى وظيفته في المحاكم الشرعية مدرسًا غير متفرغ في المدرسة الإسلامية بنابلس، ومن ثَم في كلية الروضة المتوسطة، ومحاضرًا غير متفرغ في كلية الشريعة بجامعة النجاح الوطنية في نابلس. انتقل الشيخ في عمله من كاتب في محكمة نابلس الشرعية إلى رئيس للكتاب، ومن ثَم وكيلاً للقاضي الشرعي، ثم قاضيًا شرعيًّا في مختلف مدن الضفة، واستقر به الحال بعد دخول السلطة الفلسطينية رئيسًا لمحكمة الاستئناف في نابلس بقرار من الرئيس الراحل "ياسر عرفات"، حتى ترشح للانتخابات التشريعية عام 2006. [color=red] خطيب مفوّه[/color] بدأ الشيخ إلقاء الخطب في المساجد منذ كان طالبًا في كلية الشريعة بالأردن. وكان لأول خطبة ألقاها الشيخ أثر بالغ في حياته، حيث طلب منه الوقوف خطيبًا في مسجد "الجوفة" في عمَّان، وكان الدعاء للملك في آخر الحديث أمرًا مفروضًا على الخطباء، فقال يومها: "اللهم وفِّق ملك البلاد للحكم بكتاب الله وسنة رسوله الكريم، ويسِّر له بطانة صالحة" على خلاف المتعود، فما إن انتهى من الصلاة وخرج من المسجد، فإذا بأحد الأشخاص يتبعه ويطلب منه الوقوف، وعرف بنفسه على أنه ضابط في الأمن العام، وسأل عن اسم الشيخ، ولماذا اختار الشريعة الإسلامية كي يدرسها؟ وبعد أن أجباه على أسئلته وجدها فرصة للوقوف مع نفسه قليلاً، وقرر إما أن يتوقف عن الخطابة أو يستمر بها مع تحمل التبعات المترتبة عليها، وبما أن حياته ورزقه بيد الله وحده، ولا يستطيع أحد أن يسلبه أيًّا منهما، فقد قرر المضي في هذه الطريق. [color=red] معيقات كثيرة[/color] التطور الفكري لدى الشيخ، بدأ عندما تعرف على جماعة الإخوان المسلمين منذ كان طالبًا في المدرسة الثانوية عام 1962م، حيث لم يكن قد سمع بكلمة أحزاب قبل ذلك الوقت، ثم انتسب إليها رسميًّا في الأردن عندما كان طالبًا في كلية الشريعة، وتأثَّر برسائل البَنَّا وانكبَّ على قراءتها، وكذلك بأفكار الداعية الإسلامي "سيد قطب" وكتبه العديدة، والشيخ "يوسف القرضاوي"، وحرص على حضور جميع محاضراته وندواته. وهكذا كان هذا النهج له ظلال كثيرة على حياة الشيخ فيما بعد. فقد مُنع من الخطابة، وفُرضت الإقامة الجبرية عليه من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني، واستدعته المخابرات كثيرًا للتحقيق عقب كثير من خطبه، وتم منعه من السفر منذ عام 1982م، ثم سجن لمدة عام في 1990م في سجن النقب الصحراوي وفي سجن الفارعة. ومع ذلك لم تتغير قناعاته بحتمية بمجاهدة الأعداء بكل الوسائل المتاحة، وأن الكلمة تقف جنبًا إلى جنب مع المال والنفس. [color=red]الإبعاد إلى مرج الزهور [/color] وشكَّل إبعاد الاحتلال 415 عضوًا من أبناء الحركة الإسلامية عام 1992م إلى "مرج الزهور" في جنوب لبنان، فترة اعتبرها الشيخ حامد "محنة ومنحة" بذات الوقت، فمن الصعب أن تجد نفسك في ليلة وضحاها بعيدا عن الأهل والوطن في بلاد غريبة تنتشر فيها الحيوانات المفترسة والأفاعي، وتغطيها الثلوج من جميع النواحي. وحينها وصف الشيخ تلك المرحلة قائلا: "كانت فترة معاناة كبيرة بالنسبة لنا، حتى أن الغيم القادم من فلسطين كان يبكينا، كما أنه إسكات للصوت الإسلامي فقد كان من بيننا أكثر من مائتي شخص من الخطباء والواعظين والقادة المؤثرين في المجتمع الفلسطيني. لكن الإبعاد كانت له صور إيجابية أخرى، فلقد اعتبرناه جهادًا في سبيل الله، كما أن وكالات الأنباء العالمية والمصورين والصحفيين نقلوا صورتنا وصوتنا للعالم أجمع، فلقد بثت إحدى المحطات التلفزيونية خطبة لي وصلت لأكثر من 80 مليون مشاهد في العالم، وأعتبرها من أهم خطبي على مدار سنوات الدعوة". [color=red]خطيب المسجد الأقصى.. [/color] ويلقي الشيخ حامد دروسًا في الأقصى منذ عام 1968م، وازدادت صلته بالقدس التي كان يعتبرها من أحب الأماكن إلى قلبه، وزادت هذه الصلة أيضا بارتباطه بزوجته "أم حاتم" وهي من القدس. لكن تظل قصة تعيينه خطيبًا للمسجد الأقصى غريبة جدًّا. ففي عام 1985م حاولت إحدى الجماعات الصهيونية اقتحام المسجد الأقصى للصلاة فيه، وعندما انتشر الخبر بين الفلسطينيين، دبَّت الغيرة في قلوبهم، فإذا بأكثر من ربع مليون مصلٍّ يتواجدون يوم الجمعة في باحات المسجد، وكان متواجدًا هناك أيضًا، وما إن انتهت الصلاة حتى بدأ الجميع بالصراخ بأعلى أصوتهم "خيبر خيبر يا يهود.. دين محمد بدأ يعود"، وكان مدير الأوقاف موجودًا هناك، وعندما رأى الحالة التي كان عليها الشيخ فأصدر أمرًا بتعيينه خطيبًا للمسجد الأقصى. [color=red]رابطة علماء فلسطين [/color] وفي عام 1991م تداعى عشرات العلماء إلى عقد اجتماع في المسجد الأقصى للتشاور بخصوص العمل الدعوي الإسلامي، ومن أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، وقضايا المسلمين عامة، وقرروا تشكيل "رابطة علماء فلسطين" في الضفة الغربية وقطاع غزة، انتسب إليها مئات العلماء المشهود لهم بالعلم والصلاح. وخلال اجتماع لاحق للرابطة تم تعيين الشيخ حامد رئيسًا لها. [color=red] مؤلفاته وكتبه [/color] وللشيخ حامد –رحمه الله- عدة مؤلفات بعضها طبعت ووزعت، مثل كتاب "خطب داعية" وهو جزآن، وكتاب "التوبة"، و "ولا تقربوا الزنى"، و"ذكريات شيخ"، و"المنافقون"، و"حقوق المرأة في الإسلام"… وهناك مجموعة أخرى لم تطبع بعد، منها "ذكريات المبعدين" ويعرض فيه الشيخ بأدق التفاصيل الحياة التي عاشها المبعدون لمرج الزهور، وكتاب "صفات اليهود في القرآن"، وكتاب "انتفاضة الأقصى أسبابها ونتائجها"، حيث يرى فيه أن الانتفاضة حسَّنت من صورة الفلسطيني في نظر العالم أجمع، فبعد أن اعتبروه قد تنازل عن أرضه ووطنه، جاءت الانتفاضة لتؤكد على أن التنازل ممنوع والثبات والمقاومة هما الحل الوحيد للفلسطينيين، كما أن المعاصي وانتشار الفواحش قد قلَّت لدرجة كبيرة. [color=red]الانتخابات التشريعية[/color] ولأنه من أعمدة فلسطين ونابلس، فقد ارتأت الحركة الإسلامية ترشيحه في الانتخابات التشريعية عام 2006، وقد فاز باكتساح حينها برفقة إخوانه، ومن يومها والشيخ يواجه الاحتلال بكل قوة وصبر وصمود، ويواصل رسالته الدينية والدعوية، حتى أنهكه المرض، خاصة بعد تفشي السكري في جسده، ولاحقا خضوعه لعملية قلب مفتوح في مستشفى المقاصد الخيرية في القدس، إلى أن توفاه الأجل عصر الأربعاء4/4/2012م .. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.