18.64°القدس
18.44°رام الله
17.75°الخليل
24.74°غزة
18.64° القدس
رام الله18.44°
الخليل17.75°
غزة24.74°
الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
4.97جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.14يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.97
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو4.14
دولار أمريكي3.72

بائع الفرح

maxresdefault
maxresdefault
ريم كمال عبد العال

أينما زرعتَهم يُزهرون ، كـزهرِ اللوتس يُضفون جمالاً في كُلِ  مكانٍ يُنبتون فيه ، بنقاء فكرتهم التي يؤمنون بها ، بجمال غاياتهم ورقة ما يحولون نشره بين الناسِ ، فكم من طفلٍ يبتهجُ لرؤياهم ، كم من شابة يتغير مزاجها وتزداد فرحةً بهم ، لازلتُ أتسائلُ ، هل كانت السعادة يوماً سلعة تُباع وتُشترى ، يا بائع الفرح هَبْ لي مما في جُعبتك فرحاً أُحلقُ به في فضاء الكون مُبتسماً ، وانثر أريجك حيث السعادة والهناء.

كـطيور النورس على شاطئ بحر غزة هم ، يُحلّقون بين هموم الناس و أوجاعهم ، بين أفراحهم و آمالهم ، يبحثون عن طفلٍ صغيرٍ بحاجةٍ إلى أمل ، كـفَراش الربيع في نيسان ينشرون الفرحة أينما حلوا ، تجدهم في الميناء قابعون حيث الأطفال ، وعلى أبواب الجامعات احتفاءً بمواكب الخريجين ، في الأزقة والطرقات ، في المتنزهات والأماكن العامة ، برؤياهم تبتهجُ القلوب وتصفو النفوس التي كدّرتها أوجاعُ الحياة.

بائعو الفرح أُناسٌ منا و فينا ، أطفالٌ وشبابٌ يحملون بالوناتهم الجميلة كألوان قوس قزح ، ألوان الفرح التي تُسعد كل من يراها ، يحملون باقات رائعة من أجمل الأزهار ، بائعو الفرح هم أنُاسٌ كسروا تلك القاعدة القائلة بأن فاقد الشيء لا يعطيه ، هُم بحاجةٍ إلى من يساندهم كي يعيشوا بكرامة ، منهم من هو طفلٌ صغير دفعته أعباءُ الحياة إلى أن يترك مدرسته وتعليمه ليعمل ليل نهار كي يعيل أمه و أشقائه ، قد لا يتملكون الفرح دوماً لكنهم الأقدر على إعطاءه ورسم البسمة على وجوه من حولهم .
أذكرُ يوماً كنتُ أصطحب الصغيرة ملاك ابنة شقيقتي إلى الشاطئ ، كانت يومها في أسوأ حالاتها ، دموعها تتساقط على خديها ، ووجنتيها منتفختين شديدتا الاحمرار من كثرة البكاء ، حاولتُ إرضاءها بشتى السبل ولم أُفلح حينها إلا حين جاء ذلك الصبي الجميل يحملُ باقةً رائعة من البالونات ، انفرجت لها أساريرُ صغيرتي ملاك لتهتف بي بسعادة غامرة تطلب مني أن أجلب لها بالوناً تلهو به ، فكان لها يومها ما أرادت لترتسم على شفتيها ابتسامة لا تكاد تتسع لها بقاع الأرض .

ظللتُ أُفكر يومها فيما لو كنت مكانها فسأقبلُ حتماً ببالون جميل أو وردة وستكون بالنسبة أجمل هدية ، لذا فلنُقدر أولئك الصِبْيَة الذين يحملون الفرح إلى قلوبنا و إلى أطفالنا ، على هذه الأرض ما يستحق الحياة ، كيف سنحيا لا تفاؤل ، كيف لن أن نتغلب على مشاق الحياة دون أن نجعل الأمل مجدافاً لنا لنرسوَ بمستقبلنا و أحلامنا إلى بر الأمان ، لا شيء يستحق العناء فما كان لكَ سيأتيكَ إلى بابكَ ، وما لم يكن لكَ لن تحصل عليه مهما ادخرت إلى ذلك سبيلاً ، فلا تُحمل نفسك ما فوق طاقتها فنحن بشر قد تُسعدنا أبسط الأشياء.

أرى أنّ تجارة الفرح ليست حكراً على أحد ، قد تكون أنت بائعاً للفرح وقد يكون هو، حينما تزرع  الأمل في نفوس الآخرين ، حين تُساعد مُسناً ليعبر الشارع بسلام فيدعو لك في ظهر الغيب ، حين تُسْمِعُ زوجتكَ كلمة طيبة ، حين تكون باراً بأبويكَ  فتنال رضاهما في حياتك قبل مماتك ، حين تبتسمُ بوجهِ أخيكَ ، حينما تُصبحُ إنســاناً فأنت حتماً ستكون بائعاً للفرح.