قصد قبلة المسلمين الأولى لأداء الجمعة الأخيرة في رحابها، فعاد وقد كتب الله ما هو أرفع درجة ومكانة.. الشهادة في سبيله على أبواب القدس الشريف.
فالمسن تيسير حبش في الستينات من عمره، صلى الفجر في المسجد القريب من بيته في مخيم عسكر للاجئين شرقي نابلس، وتوجه مع الآلاف من أمثاله للمسجد الأقصى كما فعل في الأسابيع الثلاثة الماضية، لكن هذه المرة كان الوضع مختلفا جدا.
يقول شقيقه خليل حبش لمراسل "فلسطين الآن" إن أخيه يعشق الأقصى وما إن سمع أن الاحتلال الإسرائيلي سمح لمن هم فوق الـ45 من عمرهم بالدخول للقدس دون تصريح حتى اتخذ قرارا بأداء كل الجمع هناك.. وفعلا كان يخرج من بيته باكرا جدا، ويبقى في الأقصى يصلي ويقرأ القرآن حتى قبيل المغرب، وهكذا أمضى أيام الجمعة في الأسابيع الثلاثة الماضية".
وتابع "وتماما هذا ما فعله أمس، فقد قصد القدس لكنه فوجئ بمنع الاحتلال للمصلين من إكمال طريقهم، ليس هذا وحسب، بل أمطرهم بوابل من قنابل الغاز المسيلة للدموع والسامة، ونظرا لتقدمه في السن فلم يقوَ على احتمال الموقف فانهار.. ولاحقا سلمه روحه إلى بارئها".
زيف الادعاءات الإسرائيلية
فأما ابن شقيقته "معاذ عطية" فأوضح أن العائلة لم تعلم ما جرى مع خاله إلا قبيل العصر تقريبا، فقد اتصل به أحد الجيران وأبلغهم أن صورة هوية أبو نضال متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لأن صاحبها استشهد مختنقا بغاز الاحتلال على حاجز قلنديا.
يتابع لـ"فلسطين الآن": "هرعنا إلى رام الله لأنهم أبلغونا أنه تم نقله لمجمع فلسطين الطبي، وهناك كانت الصدمة بأنه فعلا خالي وقد فارق الحياة".
وأوضح أن بعض شهود العيان وصف لهم ما جرى بأن جنود الاحتلال منعوا طواقم الإسعاف من الوصول إليه لوقت طويل، ما ساهم في تردي وضعه الصحي ووفاته لاحقا، محملا الاحتلال المسئولية الكاملة عما جرى.
وأشار إلى أن ذلك يؤكد زيف الادعاءات الإسرائيلية بتقديم تسهيلات للمواطنين، وتساءل "أليس خالي تيسير في الستينات من عمره، لماذا يمنع من الدخول ؟؟ لماذا يتم رش المواطنين الآمنين بالغاز!! أي جريمة هذه".
استراتيجية جديدة
وفي مقبرة مخيم عسكر للاجئين شرقي نابلس وري الشهيد الثرى على وقع إطلاق كثيف للأعيرة النارية من ملثمين احتجاجا على استمرار الاحتلال باعتداءات بحق المواطنين.
ووسط حالة الغضب العارمة تجاه تلك الانتهاكات التي تطال القاصدين بيوت الله للعبادة، جاءت الدعوة بضرورة خلق استراتيجية وطنية قادرة على التصدي لتلك الإجراءات الاحتلالية غير المسبوقة وانتهاكاته المتصاعدة بحق الشعب الفلسطيني.
وبارتقاء المسن حبش يرتفع عدد الشهداء الفلسطيني منذ بداية العام الحالي إلى ثمانية وسبعين شهيدا، وآلاف المعتقلين ومئات المنازل والمنشآت المهدومة.
