رفضت قوى سياسية وحزبية أردنية معارضة بقوة مشروع قانون الانتخاب الجديد الذي أقرته الحكومة مؤخرا، وخرج المئات من ممثلي تيارات إسلامية ويسارية وقومية في مسيرة مركزية وسط العاصمة عمان، مطالبة بسحب القانون. وجاءت المسيرة التي شارك بها ما يزيد عن ألفين من ممثلي القوى السياسية المعارضة، بعيد نحو عام من الانقسام السياسي الداخلي بين التيار الإسلامي والقومي واليساري داخل أحزاب المعارضة، بسبب تباين المواقف من الأزمة السورية. وطالبت قيادات الحركة الإسلامية الحكومة من جهتها، بسحب مشروع قانون الانتخاب المحال إلى مجلس الأمة (السلطة التشريعية) لإقراره، ملوحة بمقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة التي من المتوقع إجراؤها قبل نهاية العام الجاري، وفق تصريحات رسمية سابقة. ورافقت المسيرة التي انطلقت من منطقة وسط البلد، جنازة رمزية لمشروع قانون الانتخاب، من خلال حمل نعش كتب عليه "صوت المواطن،" نعى خلالها المشاركون الإصلاح السياسي على ضوء مشروع القانون المقدم. ويخالف مشروع القانون توافقات القوى السياسية المعارضة وحتى الوسطية في البلاد، واعتمد نظاما انتخابيا مختلطا بواقع ثلاثة أصوات للناخب موزعة على قائمتين إحداها للمحافظات والأخرى للوطن. وخصص مشروع القانون نحو 10 في المائة فقط من مقاعد مجلس النواب للأحزاب السياسية التي تطالب بخمسين في المائة منها. من جهته، وصف المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، همام سعيد، مشروع قانون الانتخاب ولد "ميتا ومشوها،" مشيرا إلى رفض الحركة له جملة وتفصيلا. واعتبر سعيد في كلمته خلال المسيرة أن صيغة القانون الحالي، لا تختلف عن صيغة القانون السابق المطبق منذ عام 1993 في البلاد، والقائم على منح الناخب صوتا واحدا للانتخاب. وأشار سعيد إلى أن مشروع القانون هو جزء من صناعة الفساد،" مؤكدا بالمقابل التزام الحركة بمطلب" إصلاح النظام." واستبعد قياديون في الحركة الإسلامية ،مشاركة الحركة في الانتخابات المقبلة، على ضوء القانون الحالي، في الوقت الذي دافع فيه رئيس الحكومة عون الخصاونة عن مشروع القانون الأسبوع الماضي، معتبرا إياه مناسبا للمرحلة السياسية الراهنة. وهتف المشاركون بهتافات منددة بالحكومة من بينها: "الغضب الشعبي بكل مكان.. وينك يا هبة نيسان" شو هالديمقراطية.. محاكم عسكرية".. "يا خصاونة ويا عون.. من وين جايب هالقانون.. من لاهاي جاي يكون.. أو من البنتاغون." واعتبر الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي في الأردن، أكرم الحمصي، أن مشروع القانون لا يعكس رغبة في الإصلاح بل يعكس العقلية الأمنية،" فيما أكد خلال المسيرة أن أحزاب المعارضة مستمرة في حراكها السلمي. ويخضع مشروع قانون الانتخاب للمناقشات لدى مجلس النواب الأردني، في الوقت الذي أحالته الحكومة للنواب الأحد الثامن من أبريل/نيسان الجاري، فيما فشلت محاولة من بعض النواب لرد مشروع القانون إلى الحكومة. في الأثناء، أكد رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب المحامي محمود الخرابشة، أن اللجنة بصدد عقد مشاورات موسعة مع القوى السياسية بمختلف أطيافها. وقال الخرابشة في تصريحات صحفية إن الدعوة ستوجه للمعارضة والحركة الإسلامية وكذلك الحراكات الشعبية الوليدة، للأخذ بمختلف الآراء السياسية حول مشروع القانون. وحول حجم التعديلات المتوقعة على مشروع القانون قبل إقراره، أوضح الخرابشة بأن اللجنة تسعى إلى "التوافق بالحد الأدنى" إن لم يكن بالإجماع، داعيا مختلف القوى لإرسال مقترحاتها حول القانون. وفيما يتعلق بالقائمة الحزبية التي أقرها المشروع بتخصيص 10 في المائة من مقاعد المجلس قال الخرابشة: "أعتقد أن هناك مخالفة دستورية لحصر القائمة على الأحزاب، وهو ما ستدرسه اللجنة بعناية وتعيد النظر فيه وصولا إلى توافق وسنتوصل إلى مشروع قانون يعالج كل الاختلالات السابقة لرد كل الشبهات المتعلقة بالتزوير والتخلص من نائب الخدمات وبما يحقق عدالة التمثيل." إلى ذلك، أعلن ناشطون خلال المسيرة عزمهم تنفيذ اعتصام مفتوح الأحد المقبل، احتجاجا على استمرار اعتقال الناشطين، الذين وعد رئس الحكومة بذل جهوده للإفراج عنهم في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي. وبالتوازي، نفذ ناشطون في محافظات أردنية عديدة وقفات احتجاجية ضد مشروع قانون الانتخاب، فيما طالب ممثلو الحراك في مواقع مختلفة، الحكومة ، الإفراج عن الناشطين السياسيين المعتقلين . كما أحيا الحراك الشعبي في البلاد الجمعة، ذكرى ما يعرف بـ"هبة نيسان" التي تصادف الخامس عشر من أبريل/نيسان في كل عام، حيث شهد عام 1989 احتجاجا شعبيا واسع انطلق من مدينة معان ( جنوب الأردن) ضد تردي الأحوال المعيشية والاقتصادية. وكانت "هبة نيسان" قد أفضت إلى إقالة حكومة زيد الرفاعي في عهد الملك الأردني الحسين بن طلال، وإجراء انتخابات نيابية وإلغاء حالة الطوارئ في البلاد.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.