20.18°القدس
19.86°رام الله
19.66°الخليل
25.32°غزة
20.18° القدس
رام الله19.86°
الخليل19.66°
غزة25.32°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

معايير مزدوجة في اليوم العالمي للعمل الإنساني

علي هويدي
علي هويدي
علي هويدي

حددت الأمم المتحدة يوم التاسع عشر من شهر آب (أغسطس) من كل عام موعدًا لإحياء اليوم العالمي للعمل الإنساني، وهي مناسبة سنوية يحييها المجتمع الدولي منذ عام 2003م، فقد اختارت لها تاريخ الهجوم على مقر الأمم المتحدة في بغداد، ويأتي إحياء المناسبة هذا العام بوجود نحو 65 مليون لاجئ في العالم، منهم نحو ثمانية ملايين لاجئ فلسطيني يمثلون نحو 12.3% من مجمل عدد اللاجئين، محرومين الحقوق الإنسانية الأساسية منذ ما يزيد على 68 سنة من اللجوء.

وبغياب حل سياسي يتمثل في تطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هُجِّروا منها إبان النكبة في عام 1948م؛ ستبقى المعاناة الإنسانية مستمرة، وسيتفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي أكثر وأكثر ليصل إلى المخاطر الأمنية.

تستذكر الأمم المتحدة العمل الإنساني، وتدعو لتوفير كل ما يلزم للاجئين من دواء وغذاء وإيواء وكساء وحماية وأمان واستقرار، في الوقت الذي تتخلى فيه عن التزاماتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في مسألتين أساسيتين: الأولى مساعدة (أونروا)، التي أنشأتها وفقًا لقرار الجمعية العام للأمم المتحدة رقم (302) بتاريخ 8/12/1949م، وإنقاذها من العجز المالي المستمر، الذي يفاقم من توتير الأوضاع بين اللاجئين و(أونروا)، لاسيما في لبنان، إذ تعتمد الوكالة على تبرعات الدول المانحة والأفراد والمؤسسات الشريكة التي تدفع طواعية، وهي التي تقدم خدمات التعليم والاستشفاء والإغاثة والاستشارات القانونية لنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين في مناطق عملياتها الخمسة (الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا والأردن)، ولذلك تواجه الوكالة دائمًا عجزًا ماليًّا يكون سببًا في تراجع تقديم الخدمات، وربما لم يعد خافيًا أن السبب الرئيس لعدم مساهمة دول مانحة في صندوق الوكالة يعود إلى الضغط الذي يمارسه على تلك الدول اللوبي الصهيوني، محاولًا إنهاء عمل الوكالة، لارتباطها العضوي بين قضية اللاجئين وحق العودة، والضغط على اللاجئ الفلسطيني لقبول أية تسوية يمكن أن تعرض عليه في المستقبل على حساب حق العودة، وبذلك أصبحت هذه المساهمات مقيدة ومشروطة بتنفيذ برامج معينة خدمة للأجندة السياسية للمتبرعين.

أما المسألة الثانية فهي التخلي عن الحماية الجسدية للاجئ الفلسطيني، والبقاء على الحماية الإنسانية والقانونية غير المكتملة التي تقدمها (أونروا)، إذ إن اللاجئ الفلسطيني هو الوحيد من بين اللاجئين بالعالم المحروم الحماية الجسدية، فجميع اللاجئين محميون ضمن مهام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNHCR)، وفي هذا _لا شك_ معايير مزدوجة تمارسها الأمم المتحدة منذ تعطيل عمل لجنة التوفيق الدولية بشأن فلسطين (UNCCP)، التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11/12/1948م بموجب الفقرة (2) من القرار (194)، ومن مهام لجنة التوفيق توفير الحماية الجسدية والقانونية للاجئين، ووضع برنامج لتطبيق القرار (194) الذي ينص على حق العودة واستعادة الممتلكات والتعويض.

وعلى هذا بقي اللاجئ الفلسطيني عرضة للاستهداف في جميع مناطق عميات (أونروا)، لذلك على الدول العربية تبني إستراتيجية موحدة تضغط بها على الجمعية العامة، تشمل ضم صلاحيات لجنة التوفيق إلى صلاحيات (أونروا)، أو توسيع نطاق عمل (أونروا) ليشمل الحماية الجسدية، وتوسيع جغرافيا عملها خارج المناطق الخمسة، وضم كل اللاجئين الفلسطينيين حتى غير المسجلين إلى سجلاتها (ويصل عددهم إلى نحو مليوني لاجئ)، وتوفير ميزانية ثابتة للوكالة أو إلزام الدول بالمساهمة المالية، وألا تبقى طوعية استنسابية.

يأتي إحياء المناسبة بعد مرور أربعة أشهر على عقد القمة العالمية للعمل الإنساني في مدينة إسطنبول التركية بتاريخ 23 و24/5/2016م، التي افتتحها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في حضور ما يزيد على 60 رئيس دولة، وقد شارك كاتب السطور في فعالياتها وقدم ورقة عمل حملت عنوان: "المعاناة المستمرة للاجئين الفلسطينيين في لبنان والحلول المقترحة"، خلال ندوة نظمها مركز العودة الفلسطيني- لندن ضمن فعاليات القمة بعنوان: "اللاجئون الفلسطينيون: الأوضاع الإنسانية والحلول السياسية"، لتتبين لنا المزيد من الشواهد بأن حتى الحقوق الإنسانية للاجئين لا يُقدمها مكرمة أصحاب القرار، وإنما بحاجة أن تُنتزع انتزاعًا.