رغم مشاعر الفرحة الكبيرة التي غمرت حجاج قطاع غزة وعبروا عنها بعد أدائهم مناسك الحج لهذا العام، إلا أن معاناة السفر وعذابات الانتظار في الجانب المصري نغصت عليهم متعة الحج والأجواء الإيمانية والروحانية التي عاشوها في الرحاب المقدسة، عدا عن التفتيش المكثف والمتواصل لهداياهم ومصادرة بعضها على الحواجز.
الإنهاك والتعب والإرهاق الشديد كانت واضحة على وجوه حجاج الفوج الأول فور وصولهم إلى قطاع غزة مساء أمس الأربعاء، يخالط ذلك التعب شعور بالشوق والحنين إلى القطاع، في أول يوم لعودة حجاج القطاع إلى ديارهم عبر معبر رفح البري، الذي تقرر فتحه لمدة ثلاثة أيام، الأربعاء والخميس والجمعة.
استغرقت رحلة عودة الفوج الأول للحجاج فور وصولهم الأراضي المصرية قرابة 27 ساعة، حيث وصلت أول طائرة مطار القاهرة الساعة الخامسة مساء الثلاثاء، ودخلت أول حافلة إلى الجانب الفلسطيني الساعة العاشرة مساء الأربعاء، كما أفاد الحجاج لـ"فلسطين الآن" فور عودتهم.
مشقة العودة
أحد الحجاج الواصلين في الفوج الأول وصف بأن رحلة السفر كانت شاقة جدًا، بخلاف طوال الرحلة الإيمانية الرائعة التي كانت في بلاد الحرمين أثناء أداء مناسك الحج، مشيرًا أن "التعب ذهب من أول ما دخلنا المعبر الفلسطيني، الحمد لله كانت مشقة كبيرة جدا".
وقال أثناء حديثه لـ"فلسطين الآن":"وصلنا الساعة الخامسة مطار القاهرة مساء الثلاثاء، ورمونا في الصالة مع تعب كبير المصريين، وصاروا ينقلوا فينا من صالة إلى صالة خصوصا أننا كنا أول طيارة، وانتظرنا من الخامسة حتى الثالثة والنصف الفجر ننتظر حتى قدوم الطائرة الثالثة، ونحن نجلس خارج المطار في الحافلات ليلة كاملة".
وأضاف:"انطلقت الباصات من المطار الساعة السابعة صباحا والآن دخلنا على الجانب الفلسطيني في الساعة العاشرة مساء، وقاموا بتفتيشنا في الطريق على كل حاجز، وصادروا بعض الأغراض، والحمد لله أننا وصلنا بلادنا بسلام".
ومن جانبه اعتبر رئيس البعثة الطبية الفلسطينية مدحت عباس أن الرحلة كانت روحانية إيمانية، ويتمناها كل مسلم على وجه البسيطة، مشيرًا "أن البعثة الطبية تعاملت مع كل الحجاج بكل الإمكانيات المتاحة، وبعض الحالات أدخلناها إلى المستشفيات الفلسطينية".
وأشاد عباس بالعمل في الجانب الفلسطيني في المعبر والاستقبال الذي لاقوه، وقال:"أبكانا اليوم استقبالنا بالورود واستقبال الفرح الذي كان في انتظارنا في فلسطين، فلسطين تستحق منا كل شيء نبذله من أجلنا لأنها غالية على قلوبنا ولن نفرط فيها".
وأضاف: "كانت رحلة العودة طويلة جدا بتنا ليلة كاملة في المطار، واستغرقت 15 ساعة من القاهرة حتى معبر رفح، يوجد حواجز كثيرة جداً وتفتيش متواصل على طول الطريق، الحمد لله حجاجنا مسالمين ولا حول لهم ولا قوة ومعظمهم من كبار السن"، متمنيًا أن "تكون المرات القادمة أيسر من ذلك، لأنه صدقا الوضع الصحي للحجاج لا يسمح".
وبدوره أكد الحاج عدنان حويلة أن الصعوبات التي واجهوها في رحلتهم كانت في الذهاب والعودة عبر معبر رفح، وقال: "وصلنا مطار القاهرة الساعة الخامسة عصرا وبتنا إلى الساعة السابعة صباحًا، وساعات الانتظار كانت مشقة ومتعبة جدا وصعبة جدا، فمنا كبار السن والمقعدين والمرضى".
وتابع بقوله: "خرجنا الساعة السابعة صباحًا من المطار يوم الأربعاء، ووصلنا المعبر الساعة الخامسة مساءً، ودخلنا الآن الساعة العاشرة 10، وكل الوقت معاناة في الانتظار دون أي مبرر ولا نعرف السبب".
ووصف التفتيش بقوله: "التفتيش كان بشكل كبير جدا، ولم يمر علينا تفتيش مثله من قبل، حيث تجد واحد يفتش ثم بعد ثلاثة أمتار آخر يفتش وبعض الأغراض صودرت من الحجاج كالعطور والألعاب".
ويعبر عن فرحته بالعودة إلى القطاع بقوله: "الحمد لله بمجرد ما اتجه فينا الباص إلى معبر غزة كأن الحياة عادت لنا من جديد".
ولم تختلف مشاعر حاج آخر عن الحاج حويلة، ووصف رحلة الحج "في السعودية كانت الأمور مريحة جدا، واحترمونا وقدرونا وتفهموا أمرنا، وكان السكن أكثر من جيد وقريب من الحرم، وكانت الأمور ميسرة ومسهلة في الرحلة الإيمانية".
وتابع:"كان بودي أن أشكر الحكومة المصرية والشعب المصري لأنهم الجار الأقرب لنا وهم الامتداد للشعب الفلسطيني، ولكن للأسف كانت المعاملة سيئة جدا بكل معنى الكلمة، احتجزونا في الحافلات وفي المطار وعلى بعض الحواجز لأسباب لا داعي لها".
وختم بقوله: "شعوري أول ما دخلت القطاع وكأن الروح لم تكن موجودة ثم عادت إلى جسدي، وخاصة عندما وصلنا المعبر في الجانب الفلسطيني ورأينا الاستقبال والابتسامات".
مطالبات بالتخفيف
ومن جانبه طالب مسير عمل معبر رفح البري هشام عدوان الجانب المصري بالتخفيف من هذه الإجراءات على الحجاج بعد رحلة سفر طويلة، وأشار أن الكثير من الحجاج اشتكوا من التفتيش المفرط على الحواجز في سيناء، حيث أن الكثير من الحجاج تم تفتيشهم بشكل دقيق، كما تم مصادرة الكثير من هداياهم.
وتوقع عدوان أن يصل كل يوم 800 حاج، خلال الأيام الثلاثة التي تم الإعلان فيها عن فتح المعبر أمام عودة الحجاج.
وأكد أن هيئة المعابر في معبر رفح البري جهزت كل الإجراءات للتسهيل على في صالة الوصول، منوهًا أنها دائما ما تتحدث مع الجانب المصري من خلال المستويات المختلفة بأن يتم تخفيف الإجراءات على الأقل على حجاج بيت الله الحرام.
