25.24°القدس
24.95°رام الله
23.86°الخليل
28.66°غزة
25.24° القدس
رام الله24.95°
الخليل23.86°
غزة28.66°
الأحد 28 يوليو 2024
4.71جنيه إسترليني
5.17دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.98يورو
3.66دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5.17
جنيه مصري0.08
يورو3.98
دولار أمريكي3.66

زمن التكتيك

64
64
وسام عفيفة

كان العرب حتى عهد قريب يضعون مؤشر الراديو على إذاعة لندن حتى يسمعوا أخبارهم، لأن وسائل إعلام الأنظمة العربية كانت في معظمها إما تسحج للقائد أو تخوف المواطن الذي كان يستيقظ على صوت فيروز وينام على حنجرة أم كلثوم.

 هكذا عاش العقل العربي لعقود تحت تأثير منظومة سياسية إعلامية حولته لحمل وديع، فقد أعطى توكيلا كاملا للقيادة والسلطة كي تدير كل شيء... حتى تكتيك الحرب والسلام، مقابل أن تتوفر له لقمة العيش.

وعندما كان يغضب الشعب أو يفكر بالتمرد كانت الثورة لا تتجاوز مفهوم أهل الضيعة ضد مختارهم كما شبهها الكاتب محمد الماغوط في مسرحية "ضيعة تشرين":

ماذا تريدون؟... تغيير المختار... ماذا تريدون؟... تغيير المختار؟

شعارات رددها أهالي الضيعة يوم قرروا الانقلاب على المختار الفاسد وأعوانه وأقربائه ممن نهبوا خيارات القرية واستأثروا بأملاكها، في الوقت الذي لا يزال فيه "الكرم" يرزح تحت سطوة "الحرامي" الطفيلي الذي بدوره استملك هذا الكرم منذ أمدٍ طويل دون أن يلقى أية مقاومة تذكر.

في خضم كل هذا لا يلبث مختار الضيعة أن يطل من شرفة داره ليعتلي صهوة المظاهرة تضامنا مع الأهالي ضد نفسه، ويعلن عن حزمة إصلاحات خاوية، يتبادل فيها أعوانه طرابيشهم بين بعضهم البعض باقين في أماكن صنع القرار والتحكم بالموارد، إلى جانب مشهد "ناطور الضيعة" وهو يفرق مظاهرة الأهالي بقوة السلاح والرصاص الحي.

اليوم وفي زمن ثورة الإعلام انعكست الثورة على الشعوب، حيث تعرض العقل العربي للصدمة، مثل مريض أفاق من غيبوبة ليكتشف أنهم سرقوا كل شيء في غيابه، أو مواطن خرج من الضيعة للمدينة ليكتشف أن العالم كبير، وأن استمرار صمته على استبدال الطرابيش بين المختار وأعوانه يجعله يتساوى في المرتبة مع الحمار.

لا ندري هل نمجد الإعلام الذي كان سببا في انفجاراتنا وثوراتنا، أم نلعن الساعة التي غير بها مؤشر حياتنا الذي كان دائما على موجة: "راديو بالسلم بيرقص... وبالحرب يقرأ قرآن ...وبيقولوا هذا تكتيك" على رأي المغني لطفي بوشناق.