أعتذر لآلاف الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام عن عنوان المقال، فقد أخذت العنوان عن شخص اسمه عادل عبد الرحمن، نشر مقالاً في صحيفة الحياة الجديدة بعنوان "حماس تمزق وحدة الحركة الوطنية الأسيرة" يقول في نهايته: على أسرى الحرية في "فتح" و"حماس" والشعبية وغيرها من القوى إيقاف الإضراب بهدف إعادة ترتيب البيت الفلسطيني". وليست الدعوة لوقف إضراب آلاف الأسرى عن الطعام بحد ذاتها هي الجريمة، فظاهر الدعوة يبدي حرصاً زائفاً على وحدة الوطن، تحت شعار إضراب جميع الأسرى أفضل من إضراب نصفهم، ولكن باطن الدعوة يكشف عن جهل الكاتب بطبيعة صراع الأسرى مع السجان. وللتذكير القريب أقول: إن تجربة المجاهد خضر عدنان والمجاهدة هناء شلبي أظهرت إلى أي مدى يمكن أن ينجح الأسير الفرد، أو مجموعة من الأسرى، في تحقيق أهداف كل الأسرى، ولدينا عدد من التجارب تقول: لقد نحج إضراب سجن واحد في تحقيق جملة من الإنجازات التي استفادت منها بقية السجون؟ لقد اقترف عادل عبد الرحمن إحدى الكبائر الوطنية، حين احتقر عذابات الأسرى، وسنوات سجنهم الطويلة، وهو يصف تحركات أحد رموز الحركة الأسيرة بالخبث، وقد أشار بالاسم إلى المجاهد "يحيى السنوار" الذي أمضى من حياته ثلاثين عاماً خلف الأسوار، منها عدة سنوات في العزل، بينما عادل عبد الرحمن نفسه لم يذق طعم السجن ليوم واحد، ولم يقدم قطرة دم من أجل حرية شعب فلسطين، ليقول فاضحاً قيادة السلطة دون أن يدري: بعد أن كانت قيادة فتح متفقة مع جميع القوى على الإضراب، إلا أنها عادت وأصدرت الأوامر لأعضائها وكوادرها بعدم الانخراط في الإضراب، ليس لغاية شق الحركة الأسيرة، ولكن للرد على المآرب الخبيثة ليحيى السنوار ومن لف لفه في قيادة الحركة الانقلابية". لقد وضحت اللعبة لشعبنا، وانكشف المستور؛ فبعد أن توافقت قيادة الحركة الفلسطينية الأسيرة في السجون الإسرائيلية على الإضراب المفتوح عن الطعام، جرى إبلاغ قيادات الخارج عن الموعد، وعن الأهداف، وعن دور الشارع الفلسطيني والعربي المساند للأسرى المضربين. وهنا تدخلت قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله، وأوعزت إلى قيادة فتح في السجون، بعدم المشاركة في الإضراب، خشية تحرك الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإمكانية تحول مظاهرات التضامن مع الأسرى إلى مظاهرات غضب ضد التطبيع مع إسرائيل، وضد التنسيق الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، وضد المفاوضات العبثية، وضد حماية أمن المستوطنين، وضد الزج بالمقاومين في سجون السلطة. إنه الانكسار الذي يعشش في نفسية السلطة الفلسطينية، ويمثله عادل عبد الرحمن حين يقول: على كل القوى السياسية الفلسطينية التوقف عن المتاجرة بأبطال أسرى الحرية في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وعدم الزج بهم في معاركهم الفئوية". غريب هذا المنطق المهزوم، إذ كيف يصير الإضراب المفتوح عن الطعام، ومواجهة السجان معركة فئوية؟ وكيف يصير الأسير "يحيى السنوار" تاجراً، وقد أطعم زهوة عمره للسجون؟ كيف يتحول من أقر ببطولته خلف الأسوار العدو الإسرائيلي، وشهد له على ذلك أسرى كل التنظيمات، كيف يتحول إلى تاجر لأنه ينظم مقاومة إسرائيل خلف الأسوار؟ لطالما رددنا نحن الأسرى المحررين خلف الأسوار مقولة: "عندما يغطي غبار البارود لحى الرجال تذوب الأحقاد". وقد دللت التجربة الفلسطينية أن الطريق الوحيد لتحقيق الوحدة الوطنية هي المقاومة، ومقارعة الجلاد، وأن التنسيق الأمني مع المخابرات الإسرائيلية هو طريق الانقسام، ولن تتحقق الوحدة الفلسطينية إلا بالمواجهة مع الغاصبين الصهاينة. سؤال: هل تعترف يا عادل عبد الرحمن بإسرائيل التي قامت سنة 48 على 78% من أرض فلسطين؟ إن كان جوابك: نعم. فأنا نادم على الوقت الذي أضعته في تفنيد إدعائك.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.