تتعّرضُ المستشفياتُ الفلسطينية في غزّة، بين كل فترةٍ، لاعتداءات المواطنين الغاضبين على خدماتِ وزارة الصحة الفلسطينية، فيُعتدى على الطواقمِ الطبيّة العاملة، وتتحطّم الأجهزة الطبية، في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة، وصعوبة تعويضها وحاجة الشعب الماسّة لأي جهازٍ ومرفقٍ.
الاعتداءاتُ لاقت استنكارًا واسعًا من وزارة الصحة ومنظمات حقوق الإنسان ورجال الدّين، كما وجه البعض نصائح لوزارة الصحة وطواقمها العاملة، بعدم التقصير بحق المرضى الفلسطينيين، وعدم التباطؤ في تقديم الخدمة، داعين إلى الانضباط والعمل من أجل الارتقاء بالعمل الصحّي.
اعتداءات غير مسئولة وتداعياتٌ خطيرة
وقال الدكتور أشرف القدرة، الناطق باسم الصحّة الفلسطينية، أنه ليس من الممكن السكوت على الاعتداءات بحق وزارة الصحة، مطالبًا بموقفٍ وطنيٍ مسئول، لاستنكار الممارسات الخارجة عن أخلاق الشعب الفلسطيني.
ووصف خلال حديثه لـ "فلسطين الآن" الاعتداءات على الصحّة، بالممارسات الغير مسئولة والمنافية لأصول العوائل الفلسطينية، مشيرًا إلى أن لها تداعيات خطيرة على سلامة تقديم الخدمات الصحيّة.
وطالب أصحاب الشأن، الضرب بيدٍ من حديد على مرتكبي الاعتداءات على طواقم ومرافق الصحة الفلسطينية في غزة.
القانون والعقوبات
واستنكرَ المستشار القانوني في وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، سعيد البطة، الاعتداء على ممتلكاتِ الوزارة، وتحطيم الأثاث وتدمير غرفة (السي تي)، والبوابة الرئيسة لمجمع الشّفاء الطّبي، مشددًا أن هذه الأعمال غير قانونيّة وغير أخلاقيّة، وتضر بمصالح الشعب الفلسطيني.
وأوضح خلال حديثـه لـ "فلسطين الآن"، أن الأعمال التخريبية التي نفذها بعض مرافقي المرضي، تؤثر سلبًا على جودةِ الخدمة الصحيّة، وعلى الطواقم الطبية العاملة على مدار السّاعة من أجل خدمة المواطنين.
وبيّن أن الوزارة ستتخذ أقصى الإجراءات بحق المعتدين على الطواقم والأجهزة الطبية، منوهًا، إلى أن الوازرة قدّمت شكاوى للنيابة العامة بحق كل من سبّب ضررًا، وتعويض هذه الخسائر من حسابه الخاص.
وأشار "البطّة" إلى أن الوزارة قدّمت شكاوى سابقة ضد مواطنين حطّموا أجهزة، في مستشفيي ناصر والأوروبي، وأصلحوا الأضرار على حسابهم الخاص.
ولفتَ إلى أنه في حالِ شعرَ أي مواطنٍ بتقصيرٍ من وزارة الصحة، عليه تقديم شكوى للإدارة العامة أو النيابة أو التشريعي، وعليه فإن الوزارة ستشكل لجنة تحقيق، وإنزال العقوبة بحق المقصرين من الطواقم الطبية، مبينًا أنه تم إنزال العقوبة بمقصرين من الطواقم الطبية في حالاتٍ سابقةٍ، وهو الطريق الأمثل لجلبِ الحقوق، لا تخريب ممتلكات الشعب الفلسطيني.
وناشد عبر "فلسطين الآن"، الإعلام الفلسطيني والفصائل الفلسطينيّة والوجهاء والأعيان ومنظمات حقوق الإنسان، بأن يساهموا كل في موقعه، في حمايةِ ممتلكات الشعب الفلسطيني، ولا سيما المستشفيات العاملة على مدار السّاعة، في كل الأوقات والظروف من سلمٍ وحربٍ.
الاعتداءات وحقوق الإنسان
وقالَ القانونِي في مركز الميزان لحقوق الإنسان، سمير زقّوت، بأن منظمات حقوق الإنسان، تعمل على ِاحترام سيادة القانون، ومعاقبة كل مخالفٍ، وكل المعتدين على الأطبّاء والمرافق الصحيّة، لضمان عدمِ تكرار هذه الأفعالِ المسيئة للشعب الفلسطينية، خاصّة في ظل الحصار ونقص الكادر الطبّي والصعوبات الكبيرة التي تواجهها الوزارة.
وبيّن خلال حديـثه لـ "فلسطين الآن" أن الأخطاء الطبيّة واردة في كل مستشفياتِ العالمِ، وليست مبررًا لأي اعتداءات على ممتلكاتِ الصحّة وكوادرها العاملة، داعيًا في الوقتِ نفسِه الطواقم الطبيّة لتجنّب الإهمال الطبّي، وعدم التباطؤ واستفزاز المواطنين في تقديم الخدمةِ الصحيّة.
ودعا المواطنين الذين يشعرون بأنّهم تعرضوا لإهمال طبّيٍ، لتقديم شكوى للمستشفى وفي حال عدم الاستجابة تقديم الشكوى للنيابة العامة أو الشرطة الفلسطينية، وتشكيل لجان تحقيق، وسلك السبل القانونيّة في حل المشكلة.
كما طالبَ الجهاتِ المختصّة، باتخاذ التدابير العقابيّة ضد أي شخصٍ، قصر في تنفيذ واجباته، أو استفز متلقّي العلاج أو مرافقيهم، لمنع تجاوزات المواطنين والإهمال الطبّي.
وبيّن أهميّة مراقبة العاملين في الجهاز الطبي، لأنّها تمسّ بحياة المواطنين، من أجل تعزيز ثقة الجمهور، وتطوير أداء الأجهزة الطبية، وتوفير مبالغ طائلة تذهب للعلاج بالخارج.
رأي الشّــرع
وأكّد مفتي غزّة فضيـلة الشيخ، حسن اللحّام، أن حرمة المال العام، تفوق حرمة المال الخـاص، مبينًا أن الاعتداء على المستشفيات التي تخدم الفقير والغني وأفراد الشعب كافة، جريمة كبيرة، داعيًا بالهداية بالخير للشعب الفلسطيني، " المسلمُ على المسلم حرام، ماله ودمه وعرضـه".
وأوضح في حديثـه لـ "فلسطين الآن" أن اعتداء أهل المريض على المستشفيات، لا يجوزُ شرعًا، ناصحًا المواطنين بعدم الاعتداء تحت أي ظروفٍ، موجهًا نصيحةً إلى وزارة الصحّة بتتبّع الحالات ومعاقبة المقصّرين والمهملين بحق المرضـى، حتى تثبت للناس إخلاصهـا.
وبخصوص تكاليف الاعتداء من تخريبٍ وتدمير للأجهزةِ الطبيّة قال " على من أتلفَ شيئًا وجب إصلاحـه وعودته إلى ما كان عليه".