هتف الفلسطينيون من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مؤيدين مبادرة أمين عام حركة الجهاد الإسلامي ، د. رمضان عبد الله شلح ، لتصحيح المسار، والخروج من المأزق السياسي الذي تتخبط فيه القضية الفلسطينية ، ولا غرو أن يكون أول الداعمين للمبادرة حركة حماس ، ثم حركة فتح بلسان ناطقها في غزة ، ثم حزب الشعب فالنائب محمد دحلان ، وحركة الأحرار ، وحتى عضو اللجنة التنفيذية ياسر عبد ربة ؛ والذي عرف بوثيقة جنيف لتصفية قضية اللاجئين ، وقد يلحق بركب التأييد للمبادرة آخرون ، يثمنون مبادرة الجهاد الإسلامي في التفاف وطني يؤكد حاجة الشعب الفلسطيني إلى نبذ مرحلة سياسية مؤلمة من تاريخه ، جرت الويلات على الفلسطينيين ، وأهانت تضحيات الشهداء.
فما هي مبادرة أمين عام حركة الجهاد الإسلامي؟ وما الخطوط العريضة التي التقى عليها الشامي والمغربي ، والمصري واليمني في الساحة الفلسطينية؟
أولاً: إعلان محمود عباس إلغاء اتفاق أوسلو ، وأن يوقف العمل به في كل المجالات.
ثانياً: أن تعلن منظمة التحرير سحب الاعتراف بدولة إسرائيل.
ثالثاً: إعادة بناء منظمة التحرير لتغدو الإطار الجامع لكل القوى الوطنية والإسلامية .
رابعاً: الإعلان الرسمي بأننا نعيش مرحلة تحرر وطني ، وبالتالي فإن المقاومة مشروعة بكافة أشكالها ؛ بما في ذلك المقاومة المسلحة.
إن الالتزام بالبنود الأربعة السابقة فقط لهو كفيل بأن ينهي الانقسام الفلسطيني،وأن يؤسس لصياغة برنامج وطني متفق عليه ، يخرج بالقضية الفلسطينية من أفقها المحشور في قطاع غزة والضفة الغربية إلى مداها الفلسطيني الرحب في الشتات ، وسيكفل في الوقت نفسه إسناداً عربياً وإسلامياً خلف الموقف الفلسطيني ، الذي سيضيق الخناق على الكيان الصهيوني ، ويحرز أهداف الثورة في مراماه على مدى الأيام.
فهل أدرك الناطق باسم حركة فتح وغيره ممن أيد النقاط العشر بان الاعوجاج في السياسة الفلسطينية كان مصدره اتفاقية أوسلو ، والاعتراف بدولة الكيان،وتغييب منظمة التحرير وإضعافها ، ونبذ المقاومة من خلال التنسيق الأمني؟
وهل أدرك كل أولئك المؤيدين لنقاط الجهاد الإسلامي العشر أنهم مطالبون باتخاذ خطوات عملية تسهم في تصحيح المسار فعلياً، بعيداً عن التأييد اللفظي ، وذلك من خلال التطبيق العملي لمبادرة تصحيح المسار مع بعض التعديلات أو المداخلات الشكلية إن لزم الأمر.
الشعب الفلسطيني في انتظار دعوة حركة الجهاد الإسلامي إلى لقاء وطني وإسلامي شامل ، يتم بموجبه الخروج بموقف فلسطيني موحد من كافة القضايا المصيرية ، موقف يلتف من خلفه الشعب الفلسطيني بكافة قواه التنظيمية والسياسية والثقافية ، ليتحدى كل جهة فلسطينية تستخف بالإجماع الوطني والإسلامي.
على قوى الشعب الفلسطيني أن تجعل من مبادرة تصحيح المسار برنامج عمل،ينهي الانقسام عملياً ، بعيداً عن الشعار الذي رفعته مجموعة “وطنيون لإنهاء الانقسام” ، وحراكهم الذي تمثل بالاعتصام بمئتي متضامن في ساحة الجندي المجهول في غزة ، والاعتصام بأضعافهم من المتضامنين معهم في ساحة المنارة في رام الله.
وإذا كان “وطنيون لأنهاء الانقسام” ذو لون سياسي واحد ، وتقف من خلفهم جهة سياسية فلسطينية معروفة للقاصي والداني ، فإن من واجبهم وحقهم أن يشاركوا في دق ناقوس الوحدة الوطنية ، ولكن الاختبار الحقيقي لقوة فعل “وطنيون لإنهاء الانقسام” لا تتمثل بالوقفة في ساحة الجندي المجهول ولا في ساحة المنارة ، وإنما بالموقف من مبادرة حركة الجهاد ، فمن كان قلبه على الوطن فلسطين ، فعليه أن يبدأ العمل مستنداً إلى قاعدة النقاط العشر ، وعليكم أيها الوطنيون لإنهاء الانقسام ، عليكم أن تقفوا على أسباب الانقسام أولاً،والتفتيش في الأدراج ، لأن المطالبة بإنهاء الانقسام تستوجب تقويم الاعوجاج ، وأنتم تعرفون أن التشخيص الصحيح للمرض يسبق العلاج.