أعلن الحاكم العسكري بالعريش على التليفزيون المصري أن ملثمين تابعين لحركة فتح جناح محمد دحلان وراء أحداث العريش التي راح ضحيتها اثنان من الأهالي، ونقيب تابع للقوات المسلحة؛ ليفجر قصة الفتى الذي تربَّى في أحضان أمريكا، والكيان الصهيوني، والنظام المخلوع؛ ليقود أي تدمير لخطوة نجاح للقضية الفلسطينية. نفي دحلان السريع للاتهام، وصفه مراقبون بأنه محاولة للهرب من فخِّ السقوط المدوي الذي كشفه الحاكم العسكري، ويعيد فتح ملفه المتخم بالفساد والعمالة والصعود على أكتاف الشهداء، وتعذيب الشعب الفلسطيني. من غزة إلى تونس مسافة قريبة قطعها محمد دحلان بسرعة بحسب موقع (المركز الفلسطيني للإعلام) من عنصر صغير في "فتح" إلى قائد لجهاز الأمن الوقائي إلى وزير في حكومة السلطة، مواقع تَنَقّل فيها محمد دحلان بسرعة. دحلان تبدل كثيرًا من الأدوار، فهو عضو في "عصابة الأربعة"، وعراب في مافيا الفساد، ومختلس للأموال، ويحاول كثيرًا لعب دور "مصلح" سياسي واجتماعي، ومن قائد لجهاز الأمن يقمع كل مَن يرفض أوسلو أو يقاوم الاحتلال أو يعارض السلطة، إلى متظاهر في وقت سابق يحتل مراكز السلطة، ويخرّب مقرّاتها، ويعبث بالأمن الداخلي. حظي محمد دحلان بإعجاب الرئيس الأمريكي الأسبق "بيل كلينتون" في واي بلانتيشين في العام 1997م؛ حيث قال له: "أرى فيك زعيمًا مستقبليًّا لشعبك"، وهو ما تكرر مع جورج بوش الابن عندما قال في "قمّة العقبة" يونيو 2003م،: "إن هذا الفتى يعجبني!" وهو ما اعتبره المراقبون وقتها بأنه يكشف حقيقته جيدًا؛ حيث لم يكن ليصل رئيس أكبر دولة في العالم إلى هذا الإعجاب الشخصي لو لم يقدّم خدمات "جليلة" للإدارة الأمريكية، ولم يطلع الرئيس الأمريكي شخصيًّا على تاريخ طويل من قصة الصعود الفاضح. له طموحاته وأهدافه، لكنه هو "ابن مشروع" و"أداة" و"صاحب مخطط" يتوافق كليًّا مع البرنامج "الصهيوني الأمريكي" حارب المقاومة والمقاومين حين دعي لذلك، والآن جاء ليحارب "فتح" والسلطة، واليوم يحارب فلسطين والفلسطينيين، ثم طالت يده مصر الثورة. محمد دحلان من مواليد 29 سبتمبر عام 1961م لأسرة فقيرة في مخيم خان يونس بقطاع غزة، وأسرته تنحدر من قرية حمامة قضاء غزة، والتي تعود للأراضي المحتلة عام 48، إلا أن فساده المالي بدل أحواله. تذكر التقارير أن دحلان عندما دخل غزة كان مديونًا بمبلغ 300 دولار لأحد الضباط الفلسطينيين، ولكن كانت هناك صفقة كبيرة وقعت بين محمد دحلان، وجبريل الرجوب، وخالد إسلام الكردي، ويوسي غينوسار رئيس جهاز المخابرات الصهيوني سابقًا سنة 1994م فقط بعد دخول السلطة لأريحا وغزة بثلاث أشهر، وكانت الصفقة عبارة عن إلغاء توكيل الشركة الموردة للبترول ومشتقاته للضفة وغزة، وإعطائه لشركة أخرى، وهي شركة دحلان وشركاه السابق ذكرهم؛ ما أدر أرباحًا على دحلان تقدر حسب إحصائية بنكية بحوالي 2 مليون دولار. وأشارت إلى أنه بعد ذلك أصبح مالكًا لفندق الواحة على شاطئ غزة، وهو المصنف كواحد من أفخم فنادق الخمس نجوم في الشرق الأوسط، ثم بعد فضيحة ما عرف بمعبر كارني عام 1997م عندما تمَّ الكشف عن أن 40% من الضرائب المحصلة من الاحتلال عن رسوم المعبر والمقدرة بمليون شيكل شهريًّا كانت تحول لحساب سلطة المعابر الوطنية الفلسطينية، والتي اتضح فيما بعد أنها حساب شخصي لدحلان. دحلان له قصة معروفة بالتآمر على عرفات، فقد بدأ جهوده للسيطرة على حركة فتح منذ عام 2002م وحاول الانقلاب بقوة السلاح على عرفات في يوليو عام 2004م لكنه فشل، وكشفت الصحف الصهيونية عن رسالة أرسلها دحلان لوزير الدفاع الصهيوني شاءول موفاز في يوليو 2003م تتحدث عن الحالة الصحية السيئة لعرفات قائلة: إن السيد عرفات أصبح يعد أيامه الأخيرة، ولكن دعونا نذيبه على طريقتنا وليس على طريقتكم، وتأكدوا أيضًا أن ما قطعته على نفسي أمام الرئيس بوش من وعود مستعد لأدفع حياتي ثمنا لها. وكشف أسامة حمدان ممثل حركة حماس في لبنان عن أن محمد دحلان طلب مساعدة حركة حماس في الانقلاب على أبو عمار خلال حصاره في مقر المقاطعة. وكشف أحد مسئولي جهاز الاستخبارات الأمريكية C.I.A السابقين أنه تم تجنيد دحلان في تونس في الثمانينيات، وتمت تزكيته وتسميته مع جبريل الرجوب الذي شغل فيما بعد منصب الأمن الوقائي في الضفة ليكوّنا معًا القوة الضاربة المستقبلية بعد اتفاقات أوسلو. وفي يناير 1994م تسربت تفاصيل عن اتفاق بين دحلان ومسئولين من جيش الاحتلال و"الشين بيت" عرف بخطة روما لاحتواء حركة حماس، وهو ما طبقه دحلان كمسئول للأمن الوقائي بحذافيره، فسقط على أيدي جهازه العديد من الضحايا بالرصاص أو تحت التعذيب في المعتقلات. ويقول يعقوب بيري رئيس جهاز الأمن العام الصهيوني السابق الشاباك: إنه قام في أعقاب التوقيع على اتفاق أوسلو بترشيح كلٍّ من جبريل الرجوب ومحمد دحلان لرئيس الوزراء الصهيوني السابق إسحق رابين؛ للعمل معهما بشأن تنفيذ الاتفاقات الأمنية بين الجانبين الصهيوني والفلسطيني. وذكر بيري في مذكراته: مهنتي كرجل مخابرات- التي صدرت ترجمتها العربية مؤخرًا- أنه لم يكن يعرف الرجوب ولا دحلان شخصيًّا، ولكنه كان يعرف عنهما كل شيء، لذلك فإنه اقترح على رابين أن يتوجه مع رئيس الأركان في ذلك الوقت أمنون شاحاك إلى تونس لإجراء حوارات سرية مع الاثنين، ولكن بيري تراجع عن السفر لتونس وسافر شاحاك بمفرده؛ حيث التقى بعرفات الذي وافق على إجراء الحوار مع الرجـوب ودحلان، ويروي بيري أنه شارك في الحوارات مع الرجوب ودحلان وتوطدت العلاقات الشخصية بينهما وبين بيري.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.