لازال يراود حركة المقاومة الإسلامية حماس أمل أن تجد المصالحة طريقها نحو التحقيق على ارض الواقع بعد هذا الجمود رغم اتفاق القاهرة الذي قارب على العام وتفاهمات الدوحة التي مر عليها عدة أشهر، وهذا نابع من أن حماس لديها قناعة بأن المصالحة ضرورية وأنها واجبة التحقق وبدونها ستزداد معاناة المواطن الفلسطيني وتتأثر القضية الفلسطينية بالسلب نتيجة استمرار الانقسام. من هنا جاءت زيارة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس للقاهرة وعلى جدول أعماله موضوع المصالحة لمدارسته مع الجانب المصري من أجل العمل على دفع عجلة المصالحة المجمدة والمعطلة لأسباب تتعلق بأجندة خاصة لا علاقة لها بالمصلحة الفلسطينية العليا، ولكن لا يعني ذلك أن ملف المصالحة وحده سيكون على جدول الأعمال وإن كان الأهم، ولكن هناك قضايا أخرى لها علاقة بمصالح المواطن الفلسطيني سيتم التطرق لها وأهمها الوقود والحصار وتسهيل الحركة على معبر رفح، هذا إلى جانب قضايا داخلية لحركة حماس حيث الحديث يدور عن لقاءات قمة بين قيادات حماس في الداخل والخارج لترتيب أولويات العمل في المرحلة القادمة. ولكن تبقى المصالحة الملف الأهم خاصة في ظل التأجيل المتعمد من قبل السيد محمود عباس في تشكيل الحكومة بعد ما تفق عليه في لقاء الدوحة والموافقة على تولي عباس الحكومة الانتقالية رغم مخالفته لاتفاق القاهرة واعتراض بعض قيادات حماس على الاتفاق والتي تم تجاوز الاعتراضات والتأكيد على ما وقع عليه رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل والالتزام به، إلا أن التنفيذ عطل من قبل عباس واستمر الحديث عن رسائل متبادلة بين عباس ونتنياهو وانتظار الرد الإسرائيلي على رسالة عباس التي لم تحمل جديدا بل وكانت اجترارا للماضي، وهي أشبه بالتوسلات للجانب الإسرائيلي من أجل تذليل الطريق أمام محمود عباس للعودة إلى طاولة المفاوضات وحفظ ماء الوجه له بتحقيق تجميد بناء المستوطنات . رد نتنياهو على الرسالة والذي يُنتظر أن يكون الأسبوع القادم وفق الوعد الذي حملة كبير المفاوضين؛ ولكن قد تحدث متغيرات تؤجل الرد المنتظر أسبوع أو أسبوعين طالما أن الجانب الإسرائيلي ليس على عجل من أمره، والإجابة سواء كانت في موعدها أو تأخرت أو تقدمت لن تحمل أيضا جديدا وسيكون أول بنود الرد هو الاعتراف بيهودية (إسرائيل) من قبل الجانب الفلسطيني، إضافة إلى الموقف الإسرائيلي القديم الذي يعلمه محمود عباس حتى قبل صياغة الرسالة وهو أن تتحول الدولة الفلسطينية العتيدة إلى ذراعا أمنيا للاحتلال لتوفير أمنه وامن مغتصبيه. المصالحة اليوم وبعد تفاهمات الدوحة مرهونة على الموقف الإسرائيلي من رسالة عباس، كما رُهن تنفيذ اتفاق القاهرة سابقا على ما سمي في حينه باستحقاق أيلول ( الدولة عبر مجلس الأمن ) ثم رهن مرة أخرى لبعد الشهور الثلاثة التي تحدثت عنها الرباعية الدولية والتي انتهت بالمباحثات الاستكشافية في عمان ( واد عربه ) والتي لم تحمل جديدا إلا مزيدا من إضاعة الوقت وتأجيل للمصالحة التي ينتظرها الكل الفلسطيني. مشعل من زيارته للقاهرة يريد أن يقوم الجانب المصري الذي رعى اتفاق القاهرة ولم يغضب من تفاهمات الدوحة بإقناع محمود عباس بأن تنفيذ الاتفاقيات والبدء الفوري بالمصالحة والرهان على وحدة الموقف الفلسطيني أهم بكثير من الأوهام والرهانات التي يؤجل من أجلها عباس تنفيذ المصالحة وجعلها واقعا على الأرض. والسؤال هل سيتمكن الجانب المصري من إقناع عباس بذلك، أتمنى أن ينجح الجانب المصري في إقناع السيد محمود عباس، وإن كنت أشك؛ لأن محمود عباس لازال خياره المفاوضات ثم المفاوضات ثم المفاوضات.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.