مازالت قضية الأسرى الفلسطينيين تتفاعل على المستوى الفلسطيني المحلي. الأسرى يواصلون الإضراب المفتوح عن الطعام بغرض إرغام إدارة السجن على تحقيق مطالبهم الحياتية بحدّها الأدنى على الأقل. بعض الأسرى تدهورت حالتهم الصحية، ونُقل بعضهم إلى المستشفيات، والكل منهم مصرّ على المواصلة حتى بلوغ الأهداف. إدارة السجن متعنتة ومتعالية، ولم تقدم حلولاً مقبولة، وهي تحاول بكل الوسائل إحباط الإضراب، وإحداث انشقاق في صف الحركة الأسيرة وفي داخل هذا التعنت وذلك الصلف يكمن ضعف خطير، وخشية كبيرة من استشهاد بعض الأسرى، أو تدهور حالتهم الصحية. إدارة السجن تعرف التداعيات السلبية عليها حال استشهاد بعض الأسرى، لذا فهي تسابق الزمن للغدر بالإضراب، وعرض حلول هزيلة وغير مقبولة. في البيئة الفلسطينية المحلية، في غزة والضفة والقدس وأراضي 1948م تفاعل نشط من الشعب والرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام مع إضراب الحركة الأسيرة. كل الشعب يريد إسناد الحركة الأسيرة، ويريد إنجاح إضرابها والحصول على أهدافها. في غزة يمكن أن تعدد أنشطة جماهيرية وشعبية عديدة، منها إضراب ذوي الأسرى تضامنًا مع أبنائهم، إضراب أطفال الأسرى مع آبائهم، حماس زارت عوائل الأسرى إعلانًا عن مشاركتها لهم. حماس والفصائل خرجوا بمسيرات شعبية ضخمة تأييدًا للأسرى واستنكارًا لأعمال (إسرائيل). وزارة الأوقاف بغزة وجهت الأئمة للقنوت في الصلاة والدعاء للأسرى، ووجهت خطبة الجمعة للأسرى، رئيس الوزراء أمَّ المصلين في صلاة القيام بالمسجد العمري من أجل تفعيل قضية الأسرى وإسناد إضرابهم، وسائل الإعلام المحلية قدمت صورة جيدة من التغطية الإعلامية المؤثرة، الكتل الطلابية شاركت بفعاليات خاصة بالتعاون مع أساتذة الجامعات. الأسير الفلسطيني اليوم هو القضية. والأسير هو رمز الصمود ورمز التحدي، وهو اليوم أقرب إلى النصر، وأقرب إلى أهدافه، ولكن ثمة بقية لهذا النشاط المحلي يجدر الانتباه إليها، والعمل على بعث الروح والحيوية فيها، وأعني بذلك البيئة الإقليمية والبيئة الدولية. إن المتابع لملف الأسرى على مستوى العالم العربي والإسلامي يعود بأسف شديد، لأن أنشطة البلاد العربية الرسمية والشعبية مازالت فاترة، ولم تجد دعوة العلماء صدى كبيرًا في الشارع العربي، وكذا في الدول الإسلامية، لم يتقدم قائد عربي إلى مجلس الأمن بشكوى ضد (إسرائيل)، الجامعة العربية غافية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي لم تستيقظ بعد، وإذا خرجت إلى البيئة الدولية، لا تكاد تجد نشاطًا مبرمجًا لنقل الملف إلى المستوى الدولي، وأحسب أن النشاط اليتيم ما جاء على هامش مؤتمر فلسطينيي أوروبا بمناسبة الذكرى الـ(64) للنكبة. إننا نعاني من نقص خطير في تفعيل المستوى الإقليمي والمستوى الدولي، نلوم بعضنا البعض ولا ندري من هو المسئول عن هذا التقصير. الأسير يتضور جوعًا وعطشًا، وينقل إلى العناية المركزة، والعالم الدولي صامت، وبان كي مون لا شأن له بالعربي أو الفلسطيني، وحالة الفشل هي المسيطرة، فمن المسئول؟ لذا نريد مراجعة المسئولية والانتقال بالملف إلى الإقليمي والدولي فورًا، عندها نكون قد قمنا ببعض الواجب الذي نستطيع به إسناد الأسير المضرب عن الطعام.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.