تواصل أجهزة السلطة اعتقال تسعة شبان منذ فترات متفاوتة على خلفية نشاطاتهم الطلابية في جامعة النجاح في نابلس، التي من ضمنها مطالباتهم بالمشاركة في انتخابات جديدة لمجلس الطلبة في الجامعة.
وتحتجز الأجهزة الأمنية الطلبة التسعة –ومعظمهم أسرى محررون من سجون الاحتلال– في سجني أريحا والجنيد، بعد توجيه اتهامات لبعضهم تتضمن التحريض على الفيسبوك وإثارة النعرات الطائفية.
فمنذ (١٠) أيام تواصل الأجهزة اعتقال نمر الهندي (٢٦) عاما في سجن الجنيد في مدينة نابلس، ويبين والده أن أجهزة السلطة تعتقل نجله للمرة السابعة وتلفق له تهما وهمية، لافتا إلى أن العائلة تستعد دائما في موسمي الانتخابات والامتحانات، لاعتقال نمر، إذ تتعمد الأجهزة الأمنية اعتقاله خلال هذه الفترة وهو ما يعيق تخرجه من الجامعة منذ تسع سنوات.
ويؤكد والد نمر على أن الاعتقالات التي يتعرض لها نجله بين الفينة والأخرى سببها نشاطه الطلابي داخل جامعة النجاح، ويضيف، "بين التحدي والواقع يوجد شعرة دقيقة واحدة.. نمر صاحب مبدأ مستحيل أن يتنازل عنه، وهو دائما على استعداد لدفع هذا الثمن، وهو ما يقوم به الآن".
أكبر طالب بالجامعة
ويبين أن نجله نمر الذي يدرس الهندسة الميكانيكية ينظر حوله في الجامعة فيرى أنه الطالب الأكبر سنا، بعد تخرج أقرانه ونجاهم في بناء حياتهم الخاصة فيما هو ما يزال يلاحق مرة من الاحتلال ومرة من الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
"يتساءل نمر دائما متى سيستطيع تكوين نفسه والشعور بالاستقرار .. ما يمر به من ملاحقة مستمرة ليس بالأمر السهل بتاتا" يقول والده، لافتا إلى أن نجله وبعد تحرره قبل عام من سجون الاحتلال أكد على أنه سيجمد نشاطه الطلابي ليستطيع التخرج من الجامعة، إلا أنه ما لبث أن تم ملاحقته مجددا.
ومن المتوقع أن يتخرج نمر من الجامعة الصيف المقبل، إذا تم الإفراج عنه من سجون السلطة واستطاع الالتحاق مجددا في الجامعة، "نمر لا يمارس الآن أي نشاط طلابي، يعود إلى منزلنا القريب من الجامعة، في وقت فراغه بين المحاضرة والأخرى … نحن نتساءل دائما ماذا نعمل لنحمي نمر ونمنع اعتقاله؟".
وعن متابعة المؤسسات الحقوقية، بين الأب أنه فقد الثقة بدور المؤسسات الحقوقية التي لا تقوم بأي دور سوى التوثيق وهو ما لا يجدي نفعا، "مر نمر بظروف اعتقال صعبة وعنيفة تخللها خطف تحت تهديد السلاح .. إلا أننا لم نلمس دورا مهما للمؤسسات الحقوقية".
ولفت إلى أن اعتقال نمر من الأجهزة الأمنية كانت تتم من المنزل ومن أمام الجامعة، إلا أن هذه المرة تم اعتقاله من داخل مركز خدمة المجتمع التابع لجامعة النجاح، بعد مداهمته ومصادرة كل محتويات المركز.
وقررت إدارة الجامعة إغلاق المركز بعد مداهمته واعتقال نمر الذي يعتبر أحد الناشطين فيه، معتبرة ذلك انتهاك لسيادتها.
وتتأمل عائلة نمر أن يتم الإفراج عنه قريبا رغم تمديد اعتقاله لـ ١٥ يوما، "عرس شقيقته سيكون في ١٨ تشرين ثاني، وهذه الفرحة الأولى للعائلة نتمنى أن لا يغيب عنها نمر وخاصة أنه الابن الأكبر".
حاتم على درب نمر
كما تواصل أجهزة السلطة في نابلس اعتقال الطالب حاتم الزاغة طالب الهندسة في جامعة النجاح، ويبين والده المهندس فراس الزاغة أن نجله وللمرة الأولى يتم اعتقاله بعد مداهمة منزلهم.
وأشار إلى أنه محتجز في سجن الجنيد، وقد مدد اعتقاله بحجة استكمال التحقيق لمدة ١٥ يوما، فيما وكلت العائلة محام لمتابعة وضعه والعمل على الإفراج عنه.
وأوضح أن نجله وهو أسير محرر من سجون الاحتلال بعد قضائه عاما ونصف العام، ويدرس الهندسة وهو في سنته الرابعة، مبينا أن العائلة ما زالت تجهل أسباب اعتقاله وما إذا كانت متعلقة بنشاطه الطلابي أم لا.
اعتقالات تعسفية
عضو لجنة الحريات بالضفة خليل عساف بيّن أن ملاحقات الطلبة واعتقالهم من الأجهزة الأمنية على خلفية نشاطاتهم الطلابية ليست بالجديدة، وهي سياسية قد تم التحذير منها مرارا وتكرارا لكن لا يوجد آذان صاغية.
ولفت إلى أن السلطة الفلسطينية لم تع بعد لما يقوم به الاحتلال من اعتقالات للطلبة بعد الإفراج عنهم من سجون السلطة، ليزعزع ثقة الشعب بالأجهزة الأمنية، مؤكدا أنه دائما يتم تحويل الطلبة بعد الإفراج عنهم من سجون السلطة إلى الاعتقال الإداري في سجون الاحتلال.
وأوضح عساف أنه "ما أن يفرج عن الطلبة من سجون الاحتلال، حتى تعاود الأجهزة الأمنية اعتقالهم مجددا والتحقيق معهم عن سبب اعتقالهم لدى الاحتلال، ليعودوا للدائرة ذاتها ويحرموا من استكمال تعليمهم وهو ما يؤدي أن يبقوا سنوات طويلة في الجامعات قبل تحررهم".
وأكد على أن ملاحقة طلبة جامعة النجاح كما طلبة الجامعات الأخرى، يأتي على خلفية نشاطاتهم الطلابية، لافتا أن الانتماء الأعمى للكتل الطلابية للأحزاب قبل الوطن هي سبب رئيسي في استمرار الأجهزة الأمنية في سياساتها، حيث لا يوجد صوت طلابي واحد يقول لا لهذه الاعتقالات التعسفية.
وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية تحقق مع الطلبة المعتقلين حول نشاطهم الطلابي في الجامعة والأعضاء الناشطين في كتلهم، ومصادر تمويلهم، طبيعة النشاطات التي ينفذونها، وما النشاطات التي يخططوا لتنفيذها.
موقف مخز للجامعات
وأضاف عساف أن الجامعات لم تسجل أي موقف ضد الاعتقال السياسي لطلابها وهو ما أعطى الضوء الأخضر للأجهزة الأمنية للاستمرار في سياستها، مؤكدا على أن امتلاك الجامعات الإرادة لوقف اعتقالات الطلبة يستطيع أن يحد من هذه السياسية.
فيما أشار إلى أن الأجهزة الأمنية تلتف على الأسباب الحقيقية وراء اعتقالات الطلبة وتنفي أن يكون على خلفية نشاطاتهم الطلابية، وحجتها المعهودة تكون أن اعتقالهم سببه مشاركتهم بنشاطات خارج الجامعة تمس الأمن الداخلي.
سياسة الإقصاء
بدوره، استنكر النائب في المجلس التشريعي المهندس عبد الرحمن زيدان، استمرار الاعتقالات والاستدعاءات والتعذيب الجسدي الذي تمارسه الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة بحق طلبة جامعات الضفة، معتبرًا ذلك سلوكًا تعسفيًا مخالفًا للقانون.
وأوضح زيدان في تصريح صحفي له، أن التضييق على الأنشطة الطلابية واعتقال الناشطين من طلبة الكتلة الإسلامية وخصوصًا أعضاء مجالس الطلبة كما يحدث باستمرار في جامعة النجاح بنابلس؛ لا يزيد واقعنا الفلسطيني إلا احتقانًا فوق ما نواجهه من أزمات، مشيرًا إلى أن هذه الأساليب التعسفية فشلت في إحراز نتائج لسياسة الإقصاء والتفرد.
وأردف النائب زيدان "أدعو رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الوزراء الذي يتحمل أيضًا مسؤولية مضاعفة كوزير للداخلية وأكاديمي سابق، وكذلك رؤساء الأجهزة الأمنية لوضع حد لهذه الانتهاكات بحق الطلبة والأنشطة الطلابية، كون هذه الممارسات معيبة بحق كافة المستويات السياسية والأمنية".
وطالب زيدان المنظمات الحقوقية بمتابعة حالات الاعتقال والتقارير عن حالات التعذيب وتوثيق هذه الانتهاكات، داعيًا كافة القوى السياسية للضغط لإنهاء هذا الكابوس وتهيئة الأرضية الصالحة لتنقية الأجواء وإصلاح البيت الفلسطيني، بحسب تعبيره.