12.79°القدس
12.55°رام الله
11.64°الخليل
14.9°غزة
12.79° القدس
رام الله12.55°
الخليل11.64°
غزة14.9°
الأربعاء 25 ديسمبر 2024
4.57جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.79يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.57
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.79
دولار أمريكي3.65

اكتشفَ متأخرًا!

أحمد.. حلمٌ بدّده كابوس السّرطان

يسيرُ في دربِ الأملِ، ممتشقًا قلمَه، يتلّحفُ بصحائفِ الكفاحِ والفلاحِ والنّجاح، رغم خطواتِه الماضيةِ على صفائحِ الحياةِ الملتهبةِ، سماؤه عزيمةٌ من صخرٍ وأرضُه إرادةٌ من حديدٍ، عاشَ أمسَه بين حلقاتِ العلمِ والإيمانِ، وتألّق في حاضرِه في شتّى المجالاتِ، وتر
يسيرُ في دربِ الأملِ، ممتشقًا قلمَه، يتلّحفُ بصحائفِ الكفاحِ والفلاحِ والنّجاح، رغم خطواتِه الماضيةِ على صفائحِ الحياةِ الملتهبةِ، سماؤه عزيمةٌ من صخرٍ وأرضُه إرادةٌ من حديدٍ، عاشَ أمسَه بين حلقاتِ العلمِ والإيمانِ، وتألّق في حاضرِه في شتّى المجالاتِ، وتر
معتز عبد العاطي- فلسطين الآن

يسيرُ في دربِ الأملِ، ممتشقًا قلمَه، يلتحفُ بصحائفِ الكفاحِ والفلاحِ والنّجاح، رغم خطواتِه الماضيةِ على صفائحِ الحياةِ الملتهبةِ، سماؤه عزيمةٌ من صخرٍ وأرضُه إرادةٌ من حديدٍ، عاشَ أمسَه بين حلقاتِ العلمِ والإيمانِ، وتألّق في حاضرِه في شتّى المجالاتِ، وترنو عيناه الجميلتان إلى مستقبلٍ جميلٍ مليءٍ بالفرحِ والسّعادة، يترقبُ يوم أن يقطفَ ثمارَ المجدِ، ويزّف البشرياتِ إلى أبيه وأمّه، لينثر عبيرَ الأفراحِ في كل أكناف البيتِ، وتعلُو الزّغاريدُ أرجاءَ الحيّ.

صديقُه كتابٌ خُطّ بين دفتيـه أنّ العلمَ جهادٌ، والقراءةُ ترتفعُ بها العقول إلى أرقى المستوياتِ، والمثابرةُ  ترتفعُ بها الهاماتُ وتعلُو بها المكانات، خدمةً للدّين والأوطانِ، من أجل عيونِ القدسِ المكلومة، من أجل دعواتِ أمٍّ ومساندةِ أبٍ وتشجيعٍ أخٍ وصديقٍ وجارٍ، من أجل من سهرَ وربّى وذاق العلقم والحنظلَ من أجلِ أن يكبرَ الطّفلُ ليقرّ عيني والديه، من أجل ذلك مضى أحمد!

على مكتبِه الصّغيرِ المتواضعِ، أقلامٌ ملّونة، وكتبٌ دراسيّة، وأذكار الصّباح والمساءِ، ومصحفٌ، وكأسٌ من الشّاي، هذا كل ما يملكه، إضافة إلى العزيمة والوعي في قلبِه وعقلِـه.

دارت الأيامُ، وأحمدُ يتنقل ما بينَ قلاعَ العلمِ والإيمان، إلى أنْ عادَ مجدّدًا إلى مكتبه، ليبدأ فصلًا جديدًا من العزّ والإصرار على الوصولِ إلى الهدفِ، لكنّه تغيّر، أحسّ بتعبٍ شديدٍ، ربما هي حرارةٌ وتزول يا أمّاه، فتصرُ الأمُّ على أن يذهبَ إلى الفحصِ، فلقد تكرّرت الحمّى يا أحمد كثيرًا، وبدأ قلبُ الأمّ بالرّعب، وكيف لا يرتعبُ وهو قلبُ الأمِّ.

ابن السّادسة عشر ربيعًا، ذهب برفقه والده، إلى مستشفياتِ غزّة، وعاد أحمد وأبوه، وقد أوضح لهما الأطبّاء أنّها مجرّد حُمى وستزول، وبقي على هذا الحالِ فترة طويلة، وبسبب تكرر الحمى، أصبح الأمر لا يطاق، فقرر الأب متأخرًا، بأن يذهب به إلى مستشفى خارج غزة، لينام على السرير الأبيض في مستشفى نابلس، ويأتي الأطباء بالخطبِ الجللِ، أحمد مصابٌ بالسرطان في مرحلةٍ متأخرة جدًا!

صدمةٌ كبيرةٌ لم يسعْها قلبُ الأبِ المكلوم، دار في عقله الكثير، أحمد، ابني، المتفوق، حلمُه، وماذا عنْ أمّه عند سماعِها الخبرَ، أي صاعقة ستنزل على قلوبِ إخوتِه، وأي رعب سيملأ أرجاءَ بيتنا، يا رب.. رحماك.. رحماك..

مكث أحمد أيامًا ليس بالكثيرة، على سرير المرض، وبدأ السّرطان كالسّم الزعاف يسري في دمِه منذرًا بالموتِ!

رحلَ أحمد بعدَ أيامٍ من اكتشافه المرض في وقتٍ متأخرٍ للغايةِ، في ظلّ الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وصعوبة السفر للعلاج في الخارج، وفي ظلِّ وضع اقتصاديٍ صعب لعائلته، عجزت عن إيصاله مبكرًا إلى مستشفياتٍ خارج القطاع، للاطمئنانِ عليه، فغابتْ شمسُ الأمنيات، وهلّت الآهات تتبعها الآهاتُ، وتبدّد الحلمُ وأصبح كابوسًا بفعل السرطان وسوء العلاج.

رحل أحمد معين لبد، ابن مشروع بيت لاهيا، في شمال القطاع، وقلبُه المنهكُ المتوقّف يلعن المتخاذلين والحصار، ويسبّ الفقرَ والمتآمرين على غزة الجريحة المكلومة.

وتتقدّم وكالة "فلسطين الآن" بأحر التعازي، إلى عائلة "لبد" بوفاة ابنهم، سائلين المولى عزّ وجل أن ينزله الجنانَ، وأن يلهم أهله الصبر والسلوان.

 

15107217_10205717392014251_6949927864311980504_n