21.68°القدس
21.44°رام الله
20.53°الخليل
23.05°غزة
21.68° القدس
رام الله21.44°
الخليل20.53°
غزة23.05°
الإثنين 09 يونيو 2025
4.74جنيه إسترليني
4.94دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.99يورو
3.5دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.74
دينار أردني4.94
جنيه مصري0.07
يورو3.99
دولار أمريكي3.5

تقرير "فلسطين الآن"

منذر وهبة.. جمعهما الحب وفرقتهما السجون

٢٠١٦١٠٠٨_١٦٠١٣٦(0)
٢٠١٦١٠٠٨_١٦٠١٣٦(0)
خاص - فلسطين الآن

قبل نحو شهر، أصوات زغاريد علت مساء يوم جمعة من صالة للأفراح في بلدة "أبو ديس" في ضواحي مدينة القدس المحتلة.. بدت للوهلة الأولى أنها حفل زفاف أو خطوبة كغيرها من الحفلات التي تغص بها فلسطين في مثل تلك الأيام من السنة..

لكنها كانت حفلة اقتصرت على وجود العروس فقط دون عريسها.. لم يمنعه عن الحضور مرض أو سفر!! بل قضبان حديدة وسجانون حرموه من فرحة طالما انتظرها.

إنها قصة الأسير منذر نايف صنوبر من قرية "يتما جنوبي نابلس، وخطيبته المقدسية الآنسة هبة عيّاد من بلدة أبو ديس شرق القدس المحتلة.

ويمضي صنوبر حكما بالسجن المؤبد أربع مرات، إضافةً إلى 30 عاماً، إذ اعتقل نهاية عام 2003، أي قبل 13 سنة، بعد مطاردة طويلة، وينسب له الاحتلال المسؤولية عن عدة عمليات نفذها الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أدت إلى مقتل وجرح عدد من جنوده.

لكن رغم هذا يأمل منذر أن ينعم بالحرية في أقرب وقت.. وهذا هو الأمل الذي تعيش عليه هبة.

تقول لمراسل "فلسطين الآن" الذي تحدث معها عبر الهاتف: "أعمل في مركز حريات لحقوق الإنسان، ومن ضمن عملي متابعة ملفات الأسرى في سجون الاحتلال.. ومن بينها ملف منذر، ومع الوقت كان هناك اهتمام متبادل من كلينا.. تبادلنا الاحترام والحب.. حتى تقدم لخطبتي عبر ذويه، وتمت الفرحة رغم القيود".

وتؤكد "اقتراني بمنذر جاء عن قناعة تامة، وليس لمجرد التعاطف معه كونه أسيرا.. فقد كنت أتردد على السجون لزيارة أخي.. وهناك التقيت به.. في البداية جرى بيننا حديث عادي ضمن اهتمامي بالأسرى، وبعدها علمتُ أنه يبدي اهتماما بي ويسأل عن أخباري، ومن هنا بدأت أنشدّ نحوه".

وعلى مدار عامين درس كل منهما الآخر رغم المسافة البعيدة وقلة وسائل التواصل، وتمت قراءة الفاتحة، لكنهما قررا مؤخرا عقد القران حتى يسهل عليها الحصول على تصريح لزيارته.

شرف كبير

ولدى سؤالها عن كونها شابة في مقتبل العمر، ويمكن لها أن تؤسس لأسرة، وكيف ضحت بهذا بمقابل الارتباط بأسير لا أحد يعرف متى يمكن أن يخرج من السجن.. تصمت هبة قليلا وتقول "على العكس تماما، فخطوتي جاءت عن قناعة تامة، ورضا كامل بالمصير الذي ينتظرنا مهما كان.. لماذا نصر في بعض الأحيان على أنانيتنا وننسى تضحيات الآخرين!!.. إذا كنت قد ضحيت أنا، فهي لا تقارن بما يبذله آلاف الأسرى الذين سرق الاحتلال وسجونه سنوات عمرهم وزهرة شبابهم"..

وتتابع "تقريبا لم يعترض أحد من أهلي.. كما أنني تلقيت دعما كبيرا من مديري في العمل مدير مركز حريات الأستاذ حلمي الأعرج وزملائي كذلك.. ومن طرف عائلة خطيبي فهم يعاملونني كأنني ابنتهم".

وتقول "لكن بالمقابل، لا شك أن جلوسي وحدي في صالة الأفراح والكرسي المجاور لي فارغ، كان موقفا صعبا، خاصة على والدة منذر، فحماتي وزوجها وعائلتها يحلمون بالساعة التي يزفون ابنهم عريسا، وها قد جاءت الساعة وهو غائب".

وتؤمن هبة بأن خطبتهما ستنتهي حتما بالزواج، "فلو لم يرد الله تعالى لهما الزواج لما يسر لهما الخطبة"، وتضيف: "طالما أن الإنسان على قيد الحياة ولديه القدرة على الخروج وتكوين أسرة، فليس هناك أي جدران قادرة على حرمانه من الحرية".

وما شجع هبة أكثر على خطوتها تلك، أنها لم تكن الأولى التي ترتبط بأسير.. فقد سبقها العشرات من الفتيات، كما أن الغالبية العظمى من زوجات الأسرى انتظرنهن عقودا حتى التقوا من جديد".

هبة .. ابنتي

أما حماتها والدة الأسير منذر، فقد كانت خائفة بادئ الأمر، وتعتقد أن الخطوة غير ممكنة الحدوث. تقول لـ"فلسطين الآن" إنهم حتى وقت قريب لم يصدقوا ما يجري.. "حاولنا أن نشرح لمنذر عواقب قراره، لكننا وجدناه مدركا لها ومصمما على رأيه، ولم يكن أمامنا إلا تنفيذ رغبته، وهذا أمر طبيعي".

وتضيف أن ما شجعهم على تنفيذ رغبة منذر هو أنهم وجدوا تفهما وموافقة من جانب عائلة هبة.. وتستدرك "عندما تزورني هبة أعاملها كابنتي تماما.. وهو ما تؤكده الخطيبة.

ظاهرة تتزايد

ليست هذه الحالة الأولى التي يعقد فيها أسير قرانه من داخل السجن، لكنها من الحالات القليلة التي يكون فيها الأسير أمام مدة اعتقال طويلة، وهي حالات بدأت بالازدياد مؤخرا حتى بين المحكومين بالمؤبدات، وقد جاءت بعد تجارب ناجحة لغيرهم من الأسرى.

فالأسيرة المحررة غفران زامل من نابلس ارتبطت بالقيادي في كتائب القسام حسن سلامة، والمسئولة الإعلامية في مركز أسرى فلسطين أمينة الطويل ارتبطت بأسير محكوم بالسجن 14 سنة، قبل أن يفرج عنه ويتزوجا في حفل مهيب، وغيرهم الكثير.