صفحة جديدة في تاريخ البشرية دشنها السوفيتي يوري جاجارين منذ 50 عاما، وبالتحديد يوم 12 أبريل سنة 1961 حينما قام بأول رحلة إلى الفضاء الخارجي. ومنذ تلك اللحظة بدأ عصر ارتياد الفضاء الذي أعطى دفعة لدراسة نشأة الكون والإنسان ولنشوء اتجاهات علمية وتكنولوجية جديدة. خمسون عاماً.. بديهي أن هذه الحقبة الزمنية قصيرة جدا من الناحية التاريخية؛ لكن تحليق يوري جاجارين الأسطوري غير مجرى التاريخ وسمح للبشرية بتركيز طاقاتها الذهنية وباجتياز أصعب الحدود النفسية والبرهنة على إمكانية التحليقات الفضائية. وفي نفس الوقت، أصبح هذا الحدث التاريخي رمزا لانتصار العلم والصناعة السوفيتيين وأدى إلى تضافر الجهود الشعبية من أجل تحقيق اكتشافات جديدة. وغدا القطاع الفضائي خلال العقود الماضية مجالا تتركز فيه أحدث المنجزات البشرية وقاعدة للتعاون الوثيق بين الدول المتقدمة لما فيه خير البشرية جمعاء. [color=blue]حدث ثوري[/color] أدلى الرئيس دميتري مدفيديف بحديث صحفي لتلفزيون الصين المركزي قبيل زيارته لهذا البلد وصف فيه تحليق يوري جاجارين بأنه حدث ثوري، حيث قال: إني على ثقة بأنه حدث ثوري مصيري تماما رغم أني لم أكن ولدت بعد عندما قام يوري جاجارين بتحليقه.. إنه إنجاز باهر للملاحة الفضائية السوفيتية قسم التاريخ البشري إلى قسمين وهما، عصر ما قبل تحليق الإنسان إلى الفضاء والعصر الفضائي. وقد تم تحقيق منجزات كثيرة خلال ذلك الوقت. فتمت تحليقات فضائية عديدة ووطأت قدم الإنسان سطح القمر وانطلق إلى الفضاء مواطنو دول كثيرة. لكن تحليق يوري جاجارين هو الذي دشن عصرا جديدا لتطوير العبقرية البشرية إذ أنه كان من الأهمية بمكان الإقدام على أول خطوة. وإني لفخور بأن هذه الخطوة قام بها بلدي.. قبيل الاحتفال بيوم الفضاء العالمي منح الفضائيان سرجي فولكوف وأوليج كونونينكو لقب بطل روسيا تقديرا لإسهامهما في عمل البعثة السابعة عشرة على متن المحطة الفضائية الدولية سنة 2008. [color=blue]العالم يحتفل[/color] وأعدت روسيا برنامج فعاليات احتفالية بمناسبة الذكرى الخمسين لتحليق جاجارين وجهت الدعوة للمشاركة فيها إلى الفضائيين الروس والأجانب وقدامى العاملين في مجال الفضاء والسفراء ورجال السياسة والمجتمع المعروفين. وتم الاحتفال بيوم الفضاء على أوسع نطاق ليس في موسكو وغيرها من المدن الروسية فحسب بل وفي العالم كله. ففي مدينة قازان عاصمة تترستان أطلق الطلاب إلى السماء نماذج مصغرة للصواريخ الفضائية. كما أنهم نظموا مسابقة أحسن تصميم لتمثال يوري جاجارين. وفي أوكرانيا جرى سباق ماراثون "فضاؤنا" جمع المشاركون فيه أجزاء للعبة بازل تعكس أهم مراحل ارتياد الفضاء وتحمل صور العلماء الذين بارزوا في هذا المجال، وتم تجميعها في كييف أمس الثلاثاء ورأى الحضور صورة كبيرة لوجه جاجارين المبتسم. وفي مقر الأمم المتحدة أقيم معرض صور فوتوغرافية تحت شعار "جاجارين أول إنسان في الفضاء" يتحدث عن حياته ونشاطه. وإضافة إلى ذلك أصدرت الأمم المتحدة مجموعة من الطوابع البريدية اليوبيلية تبدأ عملية تختيمها وإلغائها اليوم. [color=blue]108 دقيقة[/color] وقضى جاجارين في رحلته الملحمية 108 دقائق داخل مركبته الفضائية في مدارها حول الأرض قبل أن يعود إلى التراب السوفيتي، لتسجل أول محاولة سوفيتية لسباق الفضاء في الحرب الباردة مع المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ولتكون بداية سباق أمريكي سوفيتي نحو إطلاق بشر إلى الفضاء الخارجي، حيث توالت بعدها رحلات رواد الفضاء إلى أن هبط الإنسان على القمر، وبات الأمر منذ ذلك الوقت عادياً. وقد ولد في العام 1934، ودرس العلوم بأحد المعاهد الصناعية، كما التحق، في الوقت نفسه، بنادي الطيران، وانتسب إلى فريق المرشحين للانطلاق إلى الفضاء على متن السفينة الفضائية في عام 1959، حيث وقع الاختيار عليه ليكون أول رائد للفضاء. ولقي جاجارين مصرعه في السابع والعشرين من مارس عام 1968 بتحطم طائرة كان يقودها أثناء التدريبات الجوية، وسميت مدينة غجاتسك، التي ولد فيها باسمه، أي "جاجارين." وبعد مرور نصف قرن على أول رحلة للبشرية إلى الفضاء، دخل العالم في طور من التعاون الدولي في الفضاء، وذلك بوجود محطة الفضاء الدولية.