على بعد ستة كيلومترات في الشمال الغربي لمدينة الخليل جنوبي الضفة المحتلة، وعلى مساحة تمتد لأكثر من 2000 كم، تتربع أحراش "وادي القف"، بهيبتها وروعتها التي تخطف الألباب، لكنها وبعد معاناة استمرت لعقود من الإهمال الرسمي، فهي منطقة ما زالت تستجدي مشروعاً حقيقياً يصون أشجارها، ويحولها لمحمية طبيعية.
أقدم المحميات
ويصف اسماعيل العطاونة رئيس مجلس قروي بيت كاحل، وهي القرية الأقرب لمحمية "وادي القف" الطبيعية بأنها أهم المحميات وأجملها بفلسطين، مؤكداً أنها كانت موجودة قبل العثمانيين، وانهم استخدموا أشجارها كوقود للقطارات .
وأضاف العطاونة أن المحمية على مدى التاريخ، شكلت مأوى للطيور المهاجرة والمقيمة أيضا، وباتت صمام أمان لحياة كثير من المخلوقات رغم توقف عمليات التشجير خلال الحكم العثماني مرورا بالانتداب البريطاني والاحتلال الإسرائيلي .
وأشار العطاونة الى أن محمية وادي القف، كانت من المحميات التي طبق فيها قوانين التشجير، وأقاموا فيها ثلاثة مشاتل، حيث تم تشجير ما يسمى بجبل القبرة ومساحته تبلغ 700 دونم .
وحسب تقديرات سلطة جودة البيئة فإن الخطر الأكبر الذي يلاحق المحمية المزروعة مزروعة بأشجار السرو والصنوبر هو عمليات التحطيب وقطع الأشجار، بالإضافة إلى تحويل أجزاء من المحمية لمكب النفايات.
متنفس للسكان
من جهته قال أحمد عصافرة، وهو أحد مرتادي تلك المنطقة باستمرار، إن المحمية أضحت هدفا لمنسقي الرحلات والبعثات الاستجمامية والترفيهية، من شتى مناطق الضفة الغربية المحتلة، وفي المقابل هناك إهمال كبير من حيث المحافظة عليها والنظام والترتيب فيها.
ويوضح عصافرة، أن أكثر ما لفت انتباهه في الآونة، زيادة عدد زيارات المواطنين من كل حدب وصوب بهدف التنزه، واصفا ذلك بالازدهار غير المنظم، داعيا إلى تنظيم المحمية لجعلها قِبلة فلسطينية في الرحلات.
وتحدث الشاب محمد عبد الله، وهو سائق سيارة أجرة يقوم بتسيير رحلات شواء الى المنطقة، فيقول: أن وادي القف، بات وجهة للسكان والأهالي، سيما الاغلاقات التي يقوم بها الاحتلال بين مدن الضفة، والتي من شأنها أن تحد من حرية التنقل للمواطنين، الأمر الذي يحتم عليهم البحث عن أماكن أكثر قربا لمناطق سكنهم، وجعل الوادي هدفا لرحلات المواطنين داخل محافظة الخليل على أقل تقدير أن لم يكن لجنوب الضفة بشكل عام.
تهميش
ويشكو السكان في المدن والبلدات القريبة من وادي القف من غياب الدور الرسمي المؤدي إلى تشجيع السياحة الداخلية في المنطقة.
ورغم الأهمية التاريخية والاقتصادية للمنطقة فإن المحمية تشكو الكثير الكثير من المنغصات، في وقت تعاني فيه الإهمال الرسمي، سيما بعد توقيع اتفاقية تحويل المحمية الى منطقة صناعية ابان تولي سلام فياض رئاسة الوزراء .
ويقول فادي زهور، وهو متطوع في لجنة شباب وادي القف: "صحيح أن بلدية الخليل وقعت قبل أيام اتفاق يقضي بتحويل الوادي إلى محمية طبيعية ضمن مشروعا قُدم للاتحاد الأوروبي، بيد أن نبقى بانتظار البدء بتنفيذ المشروع" .
وقال الزهور: "إن المطلوب دعم رسمي وخدمات للوادي الغني بالآثار، والذي من شأنه يؤدي لتشغيل العاطلين عن العمل وتنظيم برامج سياحية لإحياء المنطقة "المهمشة".
وكانت وزارة الزراعة وبلدية الخليل، وقعتا اتفاقية منذ أيام لإنشاء متنزهاً وطنياً في وادي القف غرب الخليل، بناء على قرار مجلس الوزراء الذي يتضمن تفويض بلدية الخليل بإدارة محمية الوادي.
وتأتي هذه الاتفاقية ضمن سياسة وزارة الزراعة التي تهدف إلى الإدارة الكفؤة والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، من خلال تطوير وتأهيل الغابات والمحميات الطبيعية والإدارة المستدامة للتنوع الحيوي والحفاظ عليها واستغلالها بما لا يتعارض مع التشريعات النافذة بهذا الخصوص، كذلك إشراك البلديات والمجالس والمجتمعات المحلية في إدارة المحميات والمتنزهات الوطنية.