15.57°القدس
15.33°رام الله
14.42°الخليل
17.88°غزة
15.57° القدس
رام الله15.33°
الخليل14.42°
غزة17.88°
الأحد 22 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: وأين وزارة الطفولة؟

يعدّ المجتمع الأردني مجتمعا فتيا على الأغلب، إذ تبلغ نسب الشباب من عمر 12-30 أكثر من ربعه، أيّ حوالي 40 في المئة من السكان بما يعادل 2.2 مليون بحسب تقرير المجلس الأعلى للشباب لعام 2009، وتوضّح الإستراتيجية الوطنية للشباب في الأردن للأعوام 2005-2009 أنّ الشباب الأردني يعاني من مشكلات كثيرة على كافة المستويات، ومنها مجالات التعليم والعمل والمشاركة الاجتماعية. وفي الوقت الذي تتزايد فيه أهمية الشباب على المستوى العربي، خصوصا في مرحلة الربيع العربي، في صناعة الأحداث وتحريكها والحفاظ على بوصلة التغيير، متّخذين من أجسادهم الغضة وقودا للنهضة لخروج شعوبهم من متاهات الاستبداد، مذكّرين بقول الشاعر أحمد شوقي الذي احتفل بهذا الدور العظيم والتضحية الجليلة للشباب على مرّ العصور فقال: بلاد مات فتيتها لتحيا وزالوا دون قومهم ليبقوا وفي الوقت الذي يعتبر الغرب، وبلاده مجتمعات هرمة تزيد فيها نسب كبار السن والكهول، أنّ الشباب ثروة قومية ومستقبل البلاد لذا يحرصون على تبنّي مواهبهم بالبعثات والتدريب والتشغيل تقوم حكومة الطراونة في مرحلة من أكثر المراحل حساسية ومفصلية بإلغاء وزارة الشباب من التشكيلة الوزارية دون وجود مبرر منطقي سوى عشوائية تشكيل الحكومات في الأردن التي يحكمها كل منطق إلاّ منطق المصلحة العامة وحاجات المجتمع. ويأتي هذا الإلغاء لوزارة الشباب في وقت تتزايد فيه مشاكل هذا الفئة وخصوصا في الجامعات، وهي معاهد ومحاضن صناعة الجيل والتي كانت تخرج للأردن سابقا خيرة قياداته، ونظرة عامة إلى هذه الجامعات وما يستشري فيها من عنف وجهل تُبيِّن ضحالة اهتمامات كثير من شبابنا، لدرجة أنّ نظرة تعدّ سببا وجيها لإشعال حرب بسوس من نوع جديد قد تودي بحياة أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل في حرب النظرات والجحرات والعيون الجاحدة والفاحصة والمزدرية..الخ، من قاموس ما يمكن أن تفعله نظرة في تأليب فارغي القلوب والعقول. إنّ إلغاء وزراة الشباب واستحداث وزارة شؤون المرأة مكانها هو دلالة على التخبط في الأداء الحكومي عموما الذي لا يستند إلى منهجية واضحة ومعايير في التقديم والتأخير والتشكيل أو الاستثناء، وليس معنى ذلك أنّ شؤون المرأة غير مهمة وهي نصف المجتمع ومربّي نصفه الآخر، غير أنّ طريقة الاستبدال تؤكّد أنّ الأمور لها أبعاد أخرى تتعلق بأداء وزارة الشباب السابقة الذي لم يرق لبعض جهات صنع القرار في تحريك وتفعيل مجتمع الشباب والارتقاء باهتماماتهم ودورهم! وهل نفهم من هذه الخطوة أنّ المرأة قبلها كانت كما مهملا في سياستنا وعلينا أن نتوقع أنّ هذه الوزارة التي تحمل اسمنا صراحة ستأتينا بالفتح والإنجاز العظيم؟! وعلى أيّ منهجية ستسير وزارة شؤون المرأة، وهل ستستمد سياساتها من التشريع الإسلامي ودين الدولة الذي ينظّم أحوال المرأة والأسرة في مجتمعنا، أم أنّها ستسير في ركاب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تضرب في الصميم كل من نؤمن به ونجلّه في ديننا وحياتنا؟ ثم متى سنتوقّف عن استخدام المرأة في الوزارة كعامل تزويقي وتكميلي للصورة الحكومية المقصد منها أن نقول للعالم: شاهدوا نحن متطورون ولدينا امرأة في الفريق الوزاري، أمّا ما مدى مساهمة هذه المرأة وفعاليتها فهذا ما لم يثبت بعد مداه! وأيّ امرأة ستمثّل هذه الوزارة؟ نساء المجتمع المخملي وصالونات الثراء، أم نساء المحافظات والمخيمات اللواتي يشبهن هذا البلد الأصيل شكلا ومضمونا وواقع حال. إنّ الدول الديمقراطية العريقة تقوم على أسس ثابتة في السياسة الداخلية لا تخضع للأهواء والحسابات والاستقطابات والمحاصصات والموازنات، أمّا سياسة الضرب بالمندل في اختيار الوزارات والوزراء فلن تنجز سوى ما وصفه الخيام مرة مع التعديل: لبست ثوب الوزارة لم استشر وحرت فيه بين شتى الفكر وغداً سأنضو الثوب عنّي لا أدري من أين جئت إلى أين المفر وطريقي ما طريقي؟ أطويل أم قصير؟ هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور؟ ألهذا اللغز حل أم سيبقى أبديا؟ ولذا أقترح على الحكومة القادمة، وهي قادمة سريعا، أن تستحدث وزارة للطفولة فهي الفئة المهملة حتى الآن ضمن التشكيلات الوزارية! ولكن إذا كان أداء الحكومات المتعاقبة مع الكبار بهذه الشاكلة والرصيد فهل نتوقّع أن يكون الأطفال أكثر حظا؟ أم من الظلم أن نطالب بإفساد براءتهم وأحلامهم بفساد حسابات السياسة؟ وهل يمكن المراهنة على مستقبل أيّ فئة من فئات المجتمع في الوضع الحالي؟ إنّ الوطن كله بحاجة إلى حالة إنقاذ جماعي لا يستثني كبيرا ولا صغيرا ولا رجلا ولا امرأة، أمّا إذا بقي الوضع يعتمد على ذرّ الرماد في العيون فعلى المواطنين أن يستعدّوا لدفع كلفة الحكومات القادمة من جيوبهم، فبالنهاية المواطن أغلى ما يملكه بلدنا حقيقة ومجازا