لاقى قرار مجلس الأمن الدولي قبل يومين بإدانة الاستيطان الإسرائيلي، ترحيباً فلسطينياً وعربياً واسعاً بمضمونه العام، ولكن المطلع على بنود القرار وتفاصيله سيجد أنه اعتبر المقاومة بكافة أشكالها عملاً إرهابياً، ولم يشمل أي إجراءات عقابية أو رقابية لمنع الاستيطان، بما يعني وفق آراء محلّلين "أنه قيمة معنوية فقط وسيقف في طابور الانتظار خلف إخوته من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن".
وتبنى مجلس الأمن الدولي بأغلبية ساحقة مساء الجمعة الماضية، قرارًا يدين البناء في المستوطنات الإسرائيلية بالقدس الشرقية والضفة الغربية.
وصوتت لصالح القرار 14 دولة، في حين امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على مشروع القرار الذي قدمته نيوزلندا والسنغال وفنزويلا وماليزيا.
ويرى عددٌ من المحللين السياسيين أن القرار ما هو إلا انتصار وهمي، بحيث أصبح العرب يصفقون لأي مكسب تكتيكي يلفه الوهم كمحطة استراحة من شقاء هزائمهم المتلاحقة والإستراتيجية التي لا تتوقف منذ أكثر من أربعة عقود في الصراع العربي الإسرائيلي.
تعتيمٌ إعلامي
وتساءل الكاتب وليد عبد الحي بالقول لماذا يتم التعتيم في الإعلام العربي على النصوص الأخرى في القرار والتي تعتبر المقاومة بكافة إشكالها والتحريض عملاً إرهابياً، وتطالب السلطة الفلسطينية بمنع أي عمل مقاوم ضد الاحتلال واعتقال المشاركين وضبط الأسلحة.
وتابع: "علينا أن نأخذ القرار كله لا فقط الفقرات التي تفرحنا، والطرف الفلسطيني عبر التنسيق الأمني سيجد في هذا القرار سنداً وتأكيدا على أنه ملتزم بالقرارات الدولية، بينما "إسرائيل" تعلن جهاراً نهاراً عدم التزامها، وستواصل الاستيطان".
وأوضح أن القرار يخلو تماماً من أية إجراءات عقابية أو تنفيذية أو رقابية لمنع الاستيطان، وهو ما يعني أن الأطراف التي وافقت عليه لن يتعدى سلوكها الموقف الأخلاقي في حدود ضيقة.
ورأى أنه مع نهاية عام 2017، ستكون نسبة المساحات الاستيطانية الجديدة في الضفة الغربية هي الأعلى قياسا للعقود الماضية، وسيكون عدد المستوطنين هو الأعلى، وستكون سلطة التنسيق الأمني أكثر وفاءً لمنع المقاومة بكافة أشكالها، وستكون المطالبات الإسرائيلية للرئيس ترامب بنقل السفارة الأمريكية للقدس على أشدها، وسيزداد تقليص الدعم المالي العربي والدولي للفلسطينيين وسيكون للكونغرس الأمريكي دوره في ذلك، وسيتعذر العرب بنقص المساعدات بحجة أسعار البترول والضغوط الداخلية.
مدخل لاستئناف المفاوضات
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة أن السلطة ستستغل هذا القرار في عملية استئناف المفاوضات مع الاحتلال، وهو ما أكده رئيس السلطة محمود عباس الليلة الماضية أن قرار مجلس الأمن الدولي ضد الاستيطان الإسرائيلي سيفتح الباب من أجل المفاوضات والسلام.
كما رأى أبو شمالة في حديثه لـ"فلسطين الآن" أن السلطة فرحت لهذا القرار لكنها لا تمتلك الأدوات لاستغلال واستثمار هذا القرار وهي أضعف من أن تستغله، ولا سيما أن ليبرمان أعلن اليوم وقف كافة الاتصالات مع السلطة ما عدا التنسيق الأمني.
وأكد أن صدور أي قرار يدين الاستيطان عن أي جهة دولية كانت هو في صالح فلسطين، ولن يغضب منه إلا المتطرفون الإسرائيليون، ولكن ما فائدة قرار يصدر عن مجلس الأمن، سيقف في طابور الانتظار خلف إخوته من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن.
ولفت إلى أن هذا القرار رقم 2334 لم يرتقي إلى مستوى القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن سنة 1997، قرار 442، والقرار الذي صدر عن مجلس الأمن في شهر ، ثم القرارين الصادرين 1988 وجميعها يدين الاستيطان ويطالب أن تكون اتفاقية جنيف هي المرجعية للحل ولم يرد ذكر التنسيق الأمني في تلك الوثائق الدولية ولم يأت على ذكر الموازنة بين الإرهاب الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية كما حصل في القرار الأخير.
واعتبر أن "القرار الذي فرح له الناس لا قيمة له على الورق إن لم يلاحق على الأرض "إسرائيل" في محكمة الجنايات الدولية"، مشيرًا إلى أن القرار يطالب بوقف الاستيطان ويعتبره غير قانوني وبالتالي "يحق للفلسطينيين الآن أن يقاوموا الاستيطان بكافة السبل وليس عن طريق الورود والأحاديث الناعمة" وفق قوله.