لم تمضِ ساعاتٌ قليلة على تصريح "المنسق" الإسرائيلي بربط تفاقم أزمة الكهرباء في قطاع غزة بأنفاق المقاومة، حتى نظّم "تلفزيون فلسطين الرسمي" حلقة خاصة احتوت على نفس مضمون تصريح المنسق، في تنسيق إعلامي بلغ حدّ "الفضيحة" للنيل من مشروعية الأنفاق التي تشكّل قلقًا رهيبًا للعدو الإسرائيلي.
واستضاف التلفزيون "الرسمي" التابع للسلطة الفلسطينية والذي يبثّ من مدينة رام الله، في حلقته التي رفعت عنوان "غزة في ظلام دامسٍ والأنفاقُ مضاءة"، وزير العمل في حكومة التوافق القيادي البارز في حركة فتح مأمون أبو شهلا.
وشنّ أبو شهلا خلال لقائه التلفزيوني هجومًا مقصودًا على المقاومة الفلسطينية وحمّلها مسؤولية أزمة الكهرباء في قطاع غزة، متناسيًا أن الحكومة التي هو "وزيرٌ" فيها ما تزال ترفض إمداد غزة بالخط 161 رغم الموافقة الإسرائيلية عليه منذ أكثر من عامٍ كامل، وتوفير كامل المبلغ المالي اللازم له، كما أنّها تعرّقل كل الجهود المبذولة لتحويل محطة التوليد من العمل بالسولار إلى الغاز الطبيعي ما يوفّر مالًا كبيرًا مُهدرًا ويزيد من كفاءتها الإنتاجية.
غضبٌ شعبي
أهالي غزة الذين يعانون الأمرَّين جراء استمرار الحصار واشتداد أزمة الكهرباء، هبّوا على قلب رجلٍ واحدٍ وعبروا عن رفضهم وغضبهم من تصريحات أبو شهلا التي ربطت تفاقم الأزمة بأنفاق المقاومة، بحسب ما رصدت "فلسطين الآن" من ردود أفعال.
واشتعل موقعا التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و "تويتر" بآلاف المنشورات والتغريدات التي رفضت المساس بأنفاق المقاومة التي راح في سبيل إعدادها عشرات الشهداء من المقاومين.
وذكّر الناشطون أن هذه الأنفاق كانت السبب في الإفراج عن أكثر من 1029 أسيرًا وأسيرة من سجون الاحتلال الإسرائيلي في صفقة وفاء الأحرار عام 2011، إذ تمّ اختطاف الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" من خلال أحد الأنفاق.
كما ذكّروا بأنه خلال المواجهة العسكرية صيف 2014 خطف جنود المقاومة الجنديين شاؤول آرون وهدار جولدن من خلال الأنفاق، وانطلق من جوفها مقاتلو كتائب القسام ليقتحموا قاعدة "ناحال عوز" ويقتلوا 10 من جنود الاحتلال فيها من مسافة صفر، في مشاهد موثّقة بالصوت والصورة سحقت هيبة وغطرسة الجيش الإسرائيلي.
ورأى الناشط محمد يحيى أن حكومة التوافق والسلطة يريدان تصدير فضيحتهم بإظلام غزة وزيادة أزمة الكهرباء بإلقاء اللوم على المقاومة، فكتب يقول "لم يجد أولئك بُدَّا من تصدير فضيحتهم بالمشاركة في حصار شعبنا والمساهمة في مشكلة الكهرباء سوى أن يزاودوا على المجاهدين وأنفاقهم".
كما كتب الناشط أنس رجب قائلًا " ذرة رملٍ في أنفاق غزة تُضيئ لنا طريق القدس خيرٌ من جيوش صدأت أسلحتها".
وكتب الناشط معين صيام يقول " #انفاقنا_قلاعنا.. مصدر عزتنا وفخرنا ومجدنا وأمل أمتنا .. هي من جعلت للصفر معنى".
وربط الناشط إبراهيم الوادية بين تصريحات أبو شهلا وقادة الاحتلال فكتب يقول " سمعت هذا الكلام من افيخاي اردعي.. اليوم يتجدد عبر تلفزيون فلسطين من مأمون أبو شهلا".
وكتب الناشط بلال أبو شملة " المنافقون ... لم يعجبهم حفر النبي للخندق ولم يعجبهم حفر المقاومة للأنفاق".
وكتب محمد يحيى يقول "هذه الأنفاق لطالما بثت فينا روح الأمل والتفاؤل بصحبة رجال مجاهدين أشداء انتزعوا لنا فخرا بإذلال الصهاينة طيلة العدوان الصهيوني".
ومن اليمن، تفاعلت الناشطة "حفيدة بلقيس" مع الهاشتاج الذي تصدّر موقعًا متقدمًا في عددٍ من الدول العربية، فكتبت تقول "أحييكم رجال الله فأنتم بعده اﻷمل، رمى الله بأيديكم غزاة أفسدوا وقتلوا، أنتم تاج عزتنا ووعدنا الصادق، وفيكم آية النصر، #رجال_اﻷنفاق ، #أنفاقنا_قلاعنا".
أنفاقُ الكرامة
ورأى الناشط الشبابي ياسر عاشور أن الأنفاق أعادت كرامة الشعب وأهانت جيش الاحتلال، فغرد بصورة لمقاتلين من كتائب القسام في عملية "ناحل عوز" الشهيرة خلال التصدي لعدوان 2014م وهم يضربون ويقتلون الجنود الصهاينة، فكتب يقول "بالأنفاق أعيدت الكرامة لمن أهانهم جنود الاحتلال لولاها لما شاهدنا مشهد من المسافة صفر كهذا الذي شفى صدورنا ولو مؤقتًا".
وأضاف في تغريدة أخرى "تتحمل حماس كما غيرها المسؤولية عن عدم توفير الكهرباء للناس في غزة ولكن استغلال الأزمة للضرر بالمقاومة أمر معيب جدًا".
وكتب الناشط محمد شكري يقول "فلتدافعوا عن دروع ستحمي أجساد مقاتليكم إذا ما جد الجد"، وأضاف متسائلًا "من يخبرني بعد اليوم أن مشكلة الكهرباء ليست مساومة وابتزاز؟!".
ورأى الناشط الشبابي محمد شمالي أن الهدف من وراء هذه الهجمة الإعلامية غير المسبوقة دفع حركة حماس للتنازل عن كل شيء لتصبح مثل حركة فتح، فكتب يقول "ولو تنازلت حماس عن الهدف وهدمت الأنفاق، فلن يرفع الحصار ولن تتوقف المساومات، الحل أن تصبح عاريا من كل خلق كما تعروا هم!."
وكتبت الناشطة إيمان بارود تقول "تُحارب الأنفاق اليوم.. لأن عُمقها أذل هامة الاحتلال وأسقط منظومته الأمنية الهشّة، في مشاهدِ ذُلٍ لن يتجاوزها التاريخ".
جدير بالذكر أن المتحدث العسكري باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام "أبو عبيدة" أكّد أن محاولات اللمز بالمقاومة وأنفاقها للتغطية على جريمة المشاركة في حصار غزة وخنقها الذي يستهدف أساسا رأس المقاومة لن تنطلي على شعبنا.
وأكد في تغريدات له على "تويتر" ظهر الثلاثاء، أن المقاومة قدمت سيلاً من التضحيات في سبيل قيامها بواجب الإعداد وبناء الأنفاق التي أذهلت العدو وأفشلت نظرياته الأمنية والعسكرية.
وشدد على أن الأنفاق هي أبدع وأعظم ما أنتجته عقلية وإرادة المقاومة الفلسطينية في وجه الترسانة العسكرية الإسرائيلية والحصار الظالم على غزة.
كما رفض القيادي في حركة حماس خليل الحيّة في تصريحات صحفية مهاجمة الأنفاق قائلًا "لا يجوز للوزير أبو شهلا ولا لغيره أن يهاجموا الأنفاق"، مؤكدًا أن الأنفاق مضاءةٌ بدماء الشعب الفلسطيني الذي يحفرها.
