وصف خبراء عسكريون ومختصون في أمن المعلومات تمكّن كتائب القسام الجناح المسلح لحركة "حماس" من اختراق حسابات جنود إسرائيليين، بـ"الإنجاز النوعي والمتقدم جدًا".
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأربعاء، أنه اكتشف محاولات من حركة "حماس" إسقاط جنود إسرائيليين باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكد المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، أن المختصين الأمنيين في حركة "حماس" عملوا بذلك على تحويل أجهزة الجنود المخترقة لأدوات تجسس وتسجيل لكل شيء، مشيرا إلى أن الحركة "قامت بانتحال شخصيات وهمية، بالإضافة إلى انتحال أسماء أشخاص من جميع أنحاء العالم واستخدامها بشكل غير قانوني"، حسب تعبيره.
آلية الاختراق
خبير أمن المعلومات حازم الباز، وصف الخطوة بالمتقدمة والجريئة جدًا، وتنم عن وعي وإدراك واجتهاد قوي لجنود القسام في "المقاومة الإلكترونية"، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ليست سهلة، إذ تتطلب ذكاءً حادًا، والقسام استطاع أن يزعزع الثقة لدى المسؤولين في الجيش الإسرائيلي.
ووفق الباز، فإن آلية الاختراق تتم بطريقتين: الأولى، تكون من خلال الاختراق عن طريق "الهندسة الاجتماعية"، حيث يتم من خلال محادثة مع أشخاص واستدراجهم بعد محادثة طويلة، لزرع ملفات داخل أجهزتهم.
ويضيف الباز لـ"فلسطين الآن"، أن "الملفات عبارة عن بوابات للتعامل مع أجهزتهم لمعرفة ما يدور فيها، وما يتم إرساله من بيانات أو استقبالها"، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الاختراق يعد الأقوى، حيث تكون فيه المعلومات متجددة ومتتالية.
أما النوع الثاني من الاختراق، -كما يوضح الباز- تتمثل بزرع ملفات عن طريق استقبال بعض الرسائل أو بعض الأخبار المهمة لدى الهدف المستهدف، ويتم التعامل مع هذا الملف، مما يؤدي إلى فتح ثغرة في الأجهزة، ويتم التعامل معها، حيث يجري استكشاف ما يحتويه الجهاز المخترق من بيانات ومعلومات، لافتا إلى أن هذا النوع يتميز بالحصريّ والآنيّ.
"لها تبعياتها"
أما الخبير الأمني والعسكري اللواء يوسف الشرقاوي، يرى أن "صراع الأدمغة الذي تخوضه المقاومة مع الاحتلال مثّل عنصراً هاماً في الحرب النفسية، سيما أننا نجابه عدوا مستعمِرا يُعتبر الثاني على صعيد التكنولوجيا والرابع على الصعيد العسكري عالمياً".
وتوقع الخبير الشرقاوي في حديثه لـ"فلسطين الآن"، أن تؤثر هذه الخطوة على جنود الاحتلال معنويا، فالمقاومة في النهاية تستهدف ضرب معنويات الجيش، معتبرا أنها خطوة في الاتجاه الصحيح نحو انهيار الكيان.
كما توقع بأن يحسب العدو لهذه الخطوة ألف حساب، حيث أن لها تبعياتها على الجنود الذي سيصابون بالقلق الدائم من التهديد بالاختراق.
"فالمقاومة تسعى إلى تراكم نجاحتها، حيث إن نجاحها أكبر من فشلها، في حين أن العدو فشله أكبر", كما يقول الخبير العسكري.
أسباب النشر
وحول الأسباب الحقيقية التي دفعت الجيش لنشر خبر محاولة الاستدراج، يوضح المختص في الشأن الإسرائيلي محمود مرداوي، أن الجيش يريد تسليط الضوء على أهمية هذا الخطر، وتضخيم الأضرار المتوقع وقوعها على أمن دولة الاحتلال جراء عدم رصد ميزانيات من قبل وزارة المالية لسلاح السايبر والذي أعلن رئيس الأركان في الجيش أيزنكوت قبل عدة أيام إلغائه.
أما السبب الثاني، وفق مرداوي، فهو تخويف ضباط وجنود الجيش من التساهل في استخدام الجوالات الذكية والحذر من التواصل مع عناصر غير معروفة وموثوقة من الممكن انتحال شخصيات وهمية تهدف لاختراق الجوالات والحصول على معلومات حساسة تشكل خطرا على الجيشً وأمن دولة الاحتلال.
"إضافة إلى التحذير من تخزين معلومات وبيانات من قبيل صور لمعسكرات ومواقع أو أسرار حساسة لدى الضباط ممكن أن تؤدي لوقوع أضرار بالغة لو نجحت جهات أجنبية معادية بالحصول عليها"، بحسب مرداوي.
في ذات الإطار، بيّن مرداوي أن جبهة المعلومات والسايبرية واسعة جدا وكلها عمق وجبهة مواجهة وكل جندي يشكل نقطة ضعف يمكن المرور منها عبر جواله والوصول إلى مساحات ومعلومات لدى أصدقاء له في وحدات مختلفة في الجيش وموزعة على مساحة فلسطين، موضحا أن عمليات التحصين والتوعية الصامتة بهدوء لا تكفي، فلا بد من استغلال أحداث لافتة لبث المفاهيم والتعليمات المطلوبة وزرعها في وعي الجنود من خلال فضولهم معرفة ما حدث.
وختم بالقول "في حرب السايبر الجميع يستخدم هذا السلاح ضد الجميع خاصة بعد اتساع استخدام التقنيات الحديثة فلربما الحدث شكل فرصة للتحذير من اختراقات دول وأطراف أخرى عبر ضجة ما رصد عن عناصر حركة حماس كما نشر استغلالاً للحدث وتوظيفاً له".