على مقربة من مركز مدينة نابلس تٌقام خيمة- ليست كرفانلا أو مهرجانا أو احتفالا بنصر أحرزناه- هي خيمة للتضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال، امتلأت بصورهم وبسنين عمرهم التي مضت بعيدا عن مدينتهم، وكأن طيفهم صار وتدا لها وأنفاسهم حاضرة بحضور ذويهم. أم الأسير، أخت الأسير، إبنة الأسير وأبو الأسير، زوجة الأسير ورفيقة الأسير، صديق الأسير وذوي الأسير، كلهم جمعتهم هذه الخيمة التي احتوت أمنياتهم بالإفراج عنهم والخوف عليهم من نتائج الإضراب. خارج الخيمة الحياة تسير على طبيعتها، يمرون عن الخيمة، يلقون نظرة، يتساءلون ما الذي يحدث داخلها، ويأتي الجواب بأن هناك، في العالم الآخر، عالم الأموات، خلف الأسلاك الشائكة والقضبان المعدنية والجدران الإسمنتية التي تحجب النور عن ملامحهم، هناك أسرى، فضلوا الجوع على كرامة تمت مصادرتها وحقوق مستباحة، مضربين عن الطعام، ينتظرون تضامننا معهم، يحملون بعضهم ويذهبون وكأن شيئا لم يكن. [title]خيمة ووحدة[/title] حال الكثيرين هذا لم يمنع اللجنة الوطنية لدعم الأسرى في نابلس من متابعة هذه الخيمة وبذل كافة الجهود لإنجاح مساعيها المتمثلة في حشد أكبر عدد ممكن من المتضامنين معهم لإيصال صوتهم للعالم بأسره. منسق خيمة الاعتصام خالد خندقجي يصف الخيمة بأنها ناجحة، ويأمل بمشاركة أكبر وأوسع يشارك فيها كل فرد في المدينة، قائلا:" الخيمة مفتوحة لجميع ذوي الأسرى بغض النظر عن انتمائهم السياسي، ونسعى لتكوين وحدة بين أبناء شعبنا من خلال مشاركة الجميع فيها، وهناك تفاعل مؤسساتي مع قضية الأسرى، حيث يزور الخيمة يوميا ممثلي عن المؤسسات الرسمية، ونتمنى أن يكون هناك تضامن من كافة الأطر والمؤسسات والعامة". [title]طلاب الجامعات " يا غافل إلك الله "[/title] خندقجي أكد لنا أن مسؤولي مجلس الطلبة في جامعة النجاح زاروا الخيمة وشاركوا في الاعتصام، في المقابل لا نجد أي تفاعل من قِبل طلاب جامعة النجاح الوطنية على اعتبار أنها أكبر جامعة في الوطن وتضم آلاف الطلاب اللذين بحاجة لتوجيه وتوعية لما يدور حولهم من قضايا وطنية أساسية، والمسئول عن التوعية والإعلان هم عمادة شؤون الطلبة والمجلس. عدد كبير من طلاب الجامعة أكدوا وجود تقصير من العمادة والمجلس في إخبار الطلاب بوجود مثل هكذا فعاليات أو حتى السماح للكتل الطلابية وخاصة الإسلامية بحشد طاقات الطلاب والخروج بمسيرات، الأمر الذي يجعل الطلبة يتساءلون عن وجود ممثلي المجلس في خيمة الاعتصام في الوقت الذي يبخلون بالتعميم على الطلبة للمشاركة !! قائلين:" أليس من المخجل وجود فئة تقول عن نفسها أنها تمثل طلاب جامعة بأكملها في الاعتصام دون أن تدعونا للمشاركة مع العلم أننا شخصيا لا نعترف بأشخاص ينافقون على حسابنا". [title]أهالي الأسرى : نأمل أكثر [/title] لا يبدو الموضوع مشجعا ولا مُرضيا بالنسبة لأهالي الأسرى، فقد أجمعوا على أن الفعاليات والتضامن مع الأسرى لا ترقى إلى المستوى المطلوب، حيث تؤكد لنا آية الصفدي شقيقة الأسير حسن الصفدي المضرب عن الطعام منذ أكثر من شهرين " أن التفاعل الشعبي والرسمي قليل جدا، وتتجلى ملامحه بتقصير المسؤوليين في الإعلان عن الفعاليات في سماعات الجوامع، وجمع الحشود خاصة بعد صلاة الجمعة، وإذا بقي التضامن ضمن نطاق الخيمة ولم نخرج إلى الصليب أو إلى الرئيس أو السفارات للتحرك بشكل أوسع فلن تكون هناك أي نتيجة". بكر بلال شقيق الأسيرين معاذ وعثمان بلال أوضح لنا أنه لا يشعر بأي تفاعل من قبل المؤسسات الرسمية حيث ذكر أن خطبة الجمعة لم تركز في أول أيام الإضراب على قضية الأسرى، فالأصل من وزارة الأوقاف أن توجه الناس نحو هذه القضية، بالإضافة إلى أن تغطية الإعلام لا تتناسب مع أهمية الحدث، ولا نجد مشاركات فعالة من قبل مسؤولين في المراكز العليا للسلطة، وهذا ينعكس على التفاعل الشعبي ويقلل منه، بسبب عدم وضوح الرؤية السياسية والإحباط العام لدى الشعب من فصائل العمل السياسي مما جعل الناس يميلون إلى الكلل والهدوء لشعورهم أن هذه الأفعال لن تؤدي إلى نتيجة، وكأن الشعب لا يصدق هذه الشعارات ويعتبرها تسلق على ظهر الأسرى. ويضيف:" نريد أن يكون هناك حراك حقيقي وجاد من قبل السلطة كونها أقدر جهة على هذا العمل". تستغرب إيمان أبو شلالة ابنة أخ الأسير عمر أبو شلالة من موقف رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية والشعب الفلسطيني قائلة:" هل ينتظرون خبر وفاة أسير حتى يتحركون ويجعلون قضية الأسرى قضية دولية، خاصة وأننا نلاحظ أن مستوى التضامن مع الأسرى والحشود الموجودة بالخيمة تقل يوما بعد يوم! ". هل أصبح شعبنا كَجُحا عندما حُرِقَت قريته فسألهم يود الاطمئنان، هل حُرقت حارتي، قالوا نعم، قال: هل حُرِقَ بيتي؟ قالوا نعم، قال: هل تأذى أولادي؟ قالوا نعم، قال: المهم أنني بخير ونار تحرق الجميع. هذه سياسة نفسي ومن بعدي الطوفان التي باتت تُزرع في نفوس أبناء شعبنا، ولا أحد يدري هل هي سياسة ممنهجة ومقصودة لتصغير حجم قضية الأسرى في عيونهم من قِبل الحكومة، أم أن المدينة لا زالت نائمة وأبنائها حُرِموا من ممارسة حقهم في الدفاع عنها وعن أنفسهم.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.