خبر: "أبو عمر".. تفاصيل تهجيره لا زالت محفورة في ذاكرته
15 مايو 2012 . الساعة 06:24 ص بتوقيت القدس
كما التقيناه في ذكرى النكبة العام الفائت وجدناه هذا العام، يجلس على عتبه بيته عين على التلفاز الذي أضحى رفيقا له، و عين أخرى على الشارع عله يحظى برفيق من بلده الأصلي يسامره قليلا. يخاف أن يدخل إلى الغرف الداخلية في البيت، فمنذ العام 1967 ونزوحه من قريه "يالو" المقدسية اعتاد على هذه الجلسة:" أخاف أن أموت في الداخل، في بيوت المخيم لا يوجد هواء ولا حياة، من هنا أرى "البلاد" وإذا مت" أموت وعيني عليها". ويطل منزل أبو عمر "لطفي أبو حماد" على مدينة القدس مباشرة، وحتى في أقسى الأحوال الجوية يحافظ على مكانه على "البرندة" في سرير صغير يتناسب مع صغر المكان، وخوفه الدائم يأتي من هول ما عاشه وهو اللاجئ من بلدته الأصلية "بيت ثول" المحتلة عام 1948، و قرية أخواله التي عاش فيها حتى النكسة "يالو"، و القريتين قضاء القدس. [title]سمعنا ولم نر شيئا[/title] يقول أبو عمر:" عندما خرج الناس من "بيت ثول" خرجوا من الخوف، كانت تردنا أخبار المجازر ولكننا لم نرها، خرجت وأمي وتوجهنا إلى منزل أخوالي في قرية يالو، كان عمري حينها 12 عاما، لم نر شيئا كنا نسمع فقط، الناس تقول ضربوا قتلوا حرقوا". ما سمعه أبو عمر وهو صبي في خروجه من "بيت ثول"، رآه وهو شاب حين خروجه من "يالو"، ضربوا الناس أمام عينه، قتلوهم و ذبحوا الرجال ودمروا القرية و أحرقوا منازلها. وقرية "بيت ثول" تقع شمال غرب مدينة القدس المحتلة وقد هجرت في العام 1948، بينما بقيت ثلاث قرى فقط، منها "يالو" لم تهجر حتى عام النكسة في العام 1967. [title]يالو.. جنة الأرض[/title] ولما كانت العودة بعيدة، عاش الطفل لطفي ووالدته و أشقائه في "يالو" واستقروا هناك دون أن يمنحوا لقب اللاجئ، ويواصل الحاج أبو عمر "عملنا في الزراعة كنا نستأجر الأراضي نزرعها حتى تمكنا من شراء أرض لنا ومنزل وأصبحنا كما كل أهل القرية أصحاب ملك و أرض". يتذكر أبو عمر في "يالو" كل شئ: "اشترينا 100 دونم أرض بـ (1000) دينار أردني، من شخص في القرية يدعى "خليل ضمير" وعدنا من جديد أصحاب رزق و أراضي". طوال هذا الوقت كان أبو عمر يتابع أخبار قريته و أهلها وكيف استقر بهم الحال في "حارة الشرف" بالبلدة القديمة من القدس، "كان الجميع يحسدنا أننا لم نعش اللجوء، و أننا لا زلنا قريبين من البلدة، فالعودة ستكون أسهل". وقد أحب أبو عمر "يالو" التي كبر وتملك وتزوج ورزق بأبنائه ودفن أمه فيها، كما لم يحب بلدا غيرها أبدا، حتى بيت "ثول" قريته الأصلية: "يالوا كانت جنة الله على الأرض" إلا أن جنته لم تدوم وخرج منها دون خطيئة اقترفها. [title]سأبقى فيها[/title] يقول في النزوح عن يالو: "عندما بدأت حرب 1967 تأمل الكثيرين بالعودة إلى قراهم الأصلية، لكني كنت أقول لأمي لن أعود إلى بيت ثول و سأبقى بيالو". لم يكن أبو عمر يتخيل أنه يمكن أن يهجر من يالو: "في العام 1967 بدأت الحرب و لان يالو على خط الحرم كانت فرقة من الجيش المصري هناك، وفي يوم تراجع الجيش وحينما سألناهم السبب قالوا لنا إنه :"تكتيك عسكري"، فيما أسر لنا بعض أفراد الجيش أنهم انهزموا، و نصحونا بالخروج منها". "وصدق قليلهم وكانت الهزيمة، ودخل الجيش الاحتلال القرية بدؤا بإطلاق النار والاعتداء على الأهالي فخرج السكان إلى عمواس ومنها إلى رام الله وبعد يوم فقط بدأت السماعات في رام الله بالنداء أن نعود إلى القرية، فعدنا وهنا بدأت المذابح، أطلقوا النار علنًا مباشرة واستشهد عدد كبير من أبناء القرية" وفق قول أبو عمر. ويروي بعضا مما رآه في ذلك اليوم: "استشهد أمامي ست رجال، أحدهم كان كبير في السن، أبادوهم إبادة دون رحمة وهم إبراهيم الشعيبي، علي العرب، عيسى أبو عيسى، العبد التايه، عبد الكريم محمود نمر، عيسى العامر". خرج أبو عمر من يالو واتجه إلى بيت عنان شمال غرب القدس ومنها إلى البيرة و هناك قرر البحث عن أقاربه من بيت ثول، الذين هجروا من جديد إلى مخيم شعفاط:" كان أقاربنا قد وصلوا إلى المخيم بعد تهجيرهم من البلدة القديمة، فلجأت إليهم". و في المخيم كانت الصدمة التي يعيشها أبو عمر حتى الآن: "شعرت بالهجرة والنكبة والنكسة وأن حياتي انتهت" ويتابع:" في المخيم تشعر أنك تعيش في "مزبلة" ولا تنتظر شيئاً سوى الموت أو العودة، و لا أحد يدري من سيأتي أولا".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.