14.14°القدس
13.93°رام الله
12.75°الخليل
18.97°غزة
14.14° القدس
رام الله13.93°
الخليل12.75°
غزة18.97°
الإثنين 06 مايو 2024
4.66جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
4يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.66
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو4
دولار أمريكي3.72

خبر: يقاومون بأمعائهم الخاوية

المشهد كله عبثي وغير قابل للتصديق. إذ بعدما سدت الأبواب في وجوههم، أصبح الفلسطينيون يقاومون الاحتلال بأمعائهم، وأصبح المسجونون هم الذين يسعون إلى تحرير الطلقاء. بل إن تحسين أوضاع السجناء وهم وراء القضبان تحول إلى «إنجاز وطني» يتباهى به البعض! أتحدث عن إضراب نحو ألفى سجين فلسطيني عن الطعام، احتجاجا على الأوضاع المزرية وغير الإنسانية التي يعيشون في ظلها داخل السجون الإسرائيلية. والتي تشمل قضاء بعضهم 12 عاما في زنازين انفرادية قاسية. وحرمان معتقلي غزة من زيارات أهليهم منذ خمس سنوات. مع حرمان الجميع من الكتب ومن مواصلة التعليم. إضافة إلى احتجاز البعض الآخر بدعوى الاعتقال الإداري، الذي بمقتضاه يلقى الفلسطيني في السجن بلا تهمة وبلا أجل محدد، وبلا محام بطبيعة الحال. تضامنت «العدالة الإسرائيلية» مع جلاديهم، وشغلت السلطة في رام الله بالتنسيق الأمني مع الإسرائيليين بأكثر مما انشغلت بالدفاع عنهم. ومن دون كل البشر، تسترت أغلب المنظمات الحقوقية الدولية على الانتهاك اليومي والوحشي لحقوق الإنسان الفلسطيني. وانكفأت أكثر البلدان العربية ــ إن لم يكن كلها ــ على ذواتها ومشكلاتها الداخلية. وبعدما كبلت منظمات المقاومة الفلسطينية حتى ضاق كثيرا هامش حركتها في الداخل والخارج، لم يجد الأسرى الفلسطينيون مفرا من الإضراب عن الطعام، وتحويل أمعائهم وأجسامهم إلى سلاح للمقاومة! اختار الفلسطينيون أن يدافعوا عن إنسانيتهم ببطونهم الخاوية، نجح اثنان منهم، هما خضر عدنان وهناء شلبي في فضح الإسرائيليين وإجبارهم على إطلاق سراحهم. ولم يتحقق ذلك إلا بعد أن أضرب الأول عن الطعام طوال 66 يوما، في حين أضربت الثانية مدة خمسين يوما. بعدها دخل في الإضراب بلال زياب وثائر حلاحله اللذان اقترب إضرابهما من اليوم الثمانين، وهما تحت الاعتقال.. وانضم إليهما حسن الصفدي الذي ظل مضربا طوال سبعين يوما، حتى قام الإسرائيليون بتكبيله وحقنه بالمحاليل عنوة، بالمخالفة لكل القوانين والأعراف التي لا تجيز ذلك. وتبعهم آخرون حتى جاوز عدد المضربين هذا الأسبوع ألفى أسير، أحد هؤلاء ــ خضر عدنان ــ قال إن الأطباء داخل مستشفى السجن أبلغوه بأن كل يوم عاشه بعد اليوم الستين من إضرابه هو وزملاؤه كان يوما إضافيا إلى حياتهم. الأمر الذي يعنى أن سبعة على الأقل من المضربين عن الطعام باتوا يقفون على عتبة الموت. وأن إرادة الله وحدها هي التي أبقتهم على قيد الحياة. حين اتسع نطاق الإضراب وتناقلت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام أخباره، التي كانت في أغلبها صادمة ومستفزة، تحرك الركود الذي ران على قضيتهم على مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، وأدرك كثيرون أن الجريمة ليست مقصورة على الممارسات الإسرائيلية ولكن الضلوع فيها يشمل الساكتين عليها أيضا. وأخذت القضية بعدا جديدا ــ نسبيا ــ حين برزت في أجواء الذكرى الرابعة والستين لاغتصاب فلسطين وطرد أهلها في عام 1948، من ثم فإن الصدمة لم تحدث إفاقة وانتباها فحسب ولكنها استدعت ملف الجريمة كاملة. ذلك أن بؤس الأسرى الفلسطينيين والأوضاع الكارثية التي فرضت عليهم هو فرع عن أصل، وصفحة مسكوت عليها في سجل الاغتصاب والاحتلال. لذلك فقد كان محقا تميم البرغوثي حين قال إنه «في فلسطين الأسرى يحررون الطلقاء» ــ (الشروق ــ 15/5) أمس أبرزت الصحف العربية والمصرية الاتفاق الذي تم لإنهاء الإضراب الذي نجح في تحقيق هدف تحسين أوضاع المسجونين (إنهاء العزل الانفرادي وتقديم لوائح الاتهام بحق المعتقلين إداريا والموافقة على زيارات أبناء غزة وتحسين أوضاع الأسرى). وتحدثت الصحف المصرية عن الدور الذي قامت به المخابرات العامة في التوصل إلى ذلك الاتفاق. إلا أنني لم أستسغ تقديم محرر «الأهرام» للخبر الذي ذكر أنه تم «في إطار الدور الوطني لجهاز المخابرات العامة، وفى إطار الدعم (المصري) المتواصل للقضية الفلسطينية». الأمر الذي بدا مبالغة غير مبررة في الحديث عن جهد طيب بذلته المخابرات المصرية. وهى مبالغة لم تختلف كثيرا عما عبرت عنه السلطة في رام الله التي ذكرت أن أبومازن كان قد حذر من «طامة كبرى» إذا أصاب أحد الأسرى المضربين أي أذى. لا أريد أن أقلل من شأن الجهد الذي بذل للتخفيف من معاناة الأسرى، لكنى أذكر بعدة أمور، أولها أن الجميع لا يزالون في غياهب السجون. وثانيها أن إنهاء الاحتلال هو المشكلة وليس فقط إنهاء العزل الانفرادي. وثالثها أن الأسرى قاموا بما عليهم حيث إن إضرابهم هو الذي حرك الملف، وبقى أن يقوم الآخرون بما عليهم إزاء قضية الاحتلال. وأذكر بأن السلطة في رام الله لا تستطيع أن تدخل على الخط وهى تنسق أمنيا مع إسرائيل وفى سجونها معتقلون من الفلسطينيين المقاومين. كما أذكر بأن الحد الأدنى لدعم مصر للقضية الفلسطينية يتمثل في فتح معبر رفح والكف عن الاستمرار في حصار غزة