تصل اليوم الدعاية الانتخابية في مصر إلى محطتها النهائية بعد ثلاثة أسابيع من انطلاقتها، ويدخل المرشحون لمنصب الرئيس وقادة حملاتهم الانتخابية مرحلة (الصمت الانتخابي) لمدة يومين حيث يبدأ الاقتراع في يومي الأربعاء والخميس المقبلين. المدة التي استغرقتها الدعاية الانتخابية قصيرة، بل قصيرة جدًا، ثلاثة أسابيع غير كافية البتة في تعريف الناخب بالمرشح، أو ببرنامجه الانتخابي، ويزداد الأمر عسرًا حين يصل عدد المرشحين إلى ثلاثة عشر مرشحًا كلهم جديد في دائرة العمل العام. ماذا قال المرشحون للناخبين، وهل أقنع قولهم ناخبًا ودفعه إلى تغيير موقف مسبق له؟! ما قالوه جميعًا يكاد يكون واحدًا، فجميعهم يؤدي الثورة، ويعد باستكمال أهدافها، وكلهم يلعن ماضي مبارك، وإن انتمى بعضهم إليه يومًا ما. الفئة التي لم تحسم خيارها بلغت بحسب بعض الاستطلاعات 33% وهذا يعني أن باب المفاجآت مفتوح على مصراعيه وهنا يبرز سؤال يقول إذا كان باب المفاجآت مفتوح فهل هذا يعني أن أبواب التزوير والتزييف مفتوحة أيضًا؟! لا شيء يخيف المرشحين والناخبين بقدر ما يخيفهم التزوير، ولا تكاد تجد اثنين مطمئنين تمام الاطمئنان إلى النزاهة. آلاف المراقبين من دول خارجية، ومن مجتمع مصر المدني يتوافدون على جهات الاختصاص من أجل المشاركة في الرقابة الانتخابية، ومن ثم الشهادة للانتخابات، أو للشهادة عليها، ومع ذلك فوسائل الإعلام تضخ تخوفات وتحذيرات من التزوير، بل لقد أصدرت بعض جهات الاختصاص الشرعي فتوى تحرم التزوير وتحرم الرشاوى الانتخابية. تدخل مصر الليلة مرحلة الصمت الانتخابي على مدى يومين، وقلوب المصريين، والعالم تتجه نحو لجنة الانتخابات، ونحو المجلس العسكري، والكل يلهج بالدعاء لمصر بأن يوفقها الله على تجاوز تجربتها الأولى بيسر ونجاح. مصر تستحق الدعاء، ولو كانت لي دعوة مستجابة لادخرتها إلى مصر. المتنافسون الرئيسيون يقفون على خطوط تنافس متقاربة بشكل كبير، وتفتقر استطلاعات الرأي التي حاولت قراءة الخريطة الانتخابية للأصوات إلى الدقة والمصداقية والمهنية، الأمر الذي يجعل أيام الانتظار صعبة على الجميع. ولكن ثمة رأي راجح يقول بالإعادة، ويقول إن الإعادة ستكون بين مرشحين من التيار الإسلامي العريض. كان بإمكان التيار الإسلامي حسم الانتخابات من الجولة الأولى، لو تمتع قادة التيار الإسلامي بالمرونة السياسية الكافية التي تتمتع بها الأحزاب السياسية في الغرب، والتي قدمت تجارب كبيرة في المناورات والتحالفات، والتنازلات، وتوزيع المناصب، وتبادل المنافع، غير أن التيار الإسلامي المصري ظل في خانة الأسود والأبيض؛ لذا أوجب على المجتمع أن يقلق وأن ينتظر، وأوجب على الإعلام الحديث عن الخبرة الغائلة. حفظ الله مصر، ونجاها من الفتنة.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.