"يريدون أن يحاربوننا برزقنا، لا يكفي ما تجنيه السلطة من خلال وزارة المواصلات والنقل من رسوم يومية وشهرية وسنوية من السائقين، بل هي تلاحقنا في رزقنا وتريد أن تدخل عشرات السيارات والحافلات على خطوط عملنا، التي لا تحتاج إليها أصلا، بل لدينا اكتفاء".
هذا ملخص ما عبر عنه معظم سائقي الحافلات والسيارات العاملين على الخطوط الخارجية بين المدن والقرى والبلدات الفلسطينية بالضفة الغربية.
جاء ذلك بعد إعلان وزارة النقل عن نيتها البدء رسميا بالمشروع الهولندي المعروف اختصارا بـ"أوريو"، القائم على تشغيل شركة باصات حديثة على الخطوط الخارجية في الضفة الغربية، بعد استيراد الشركة (120 حافلة) جديدة، الأمر الذي سيؤثر على مستقبل ما يزيد عن ألفي عائلة فلسطينية، يعمل أرباب أسرها كسائقين عموميين على الخطوط الخارجية، كما يؤكد رئيس النقابة العامة للسائقين في فلسطين ناصر يونس.
ويشير ناصر في حديثه لـ"فلسطين الآن" إلى مخاطر الخطوة الحكومية المرتقبة، كونها ستؤثر على عمل عشرات السائقين، موضحا أن الوزارة والنقابة اتفقتا على عدم تشغيل تلك الحافلات، إلا بعد إزالة كافة القضايا السلبية، التي تؤثر على عمل السائقين في الخطوط الخارجية.
وبين أنّ السائقين متخوفون من قضية تسديد ديون المركبات التي اشتروها من خلال قروض بنكية في حال دخل المشروع حيز التنفيذ.
وأشار إلى النقابة حتى الآن لا تنوي اتخاذ أي خطوات تصعيدية مثل الاضرابات إزاء هذا الأمر حالياً، مطالباً بـ"إعادة دراسة المشروع بطريقة لا تضر بسائقي العمومي، وإيجاد حلول جذرية منصفة تحفظ كرامتنا وحقوقنا حتى لا نكون بنهاية الأمر على قارعة الطريق".
ويقول مطلعون -فضلوا عدم ذكر اسمهم- إنّ الوزارة وضعت سائقي المركبات العمومي أمام خيارين، أولهما كل سائق يختار أي خط آخر يفضله ويتم تحويله إليه، أو أن يتفق مجموعة سائقين على فتح مكتب "تاكسي" مقابل ترك الخط العمومي ويتم منحهم الترخيص اللازم لذلك من الوزارة، وفي حال عدم اختيار أحدهما يتم اتخاذ القرار الذي ترتئيه الوزارة لوحدها.
منهجية العمل
وكان منسق المشروع الهولندي "اوريو" في وزارة النقل والمواصلات، يوسف دراوبشة، قال: "إن الوزارة تسعى من خلال "اوريو" إلى إعادة ثقة المواطنين بقطاع المواصلات".
ويبلغ حجم البرنامج على الأقل 32.5 مليون يورو دون تحديد سقف أعلى للمنحة. وتبلغ مساهمة هولندا في المبلغ 80% في حين ستغطي الحكومة الفلسطينية20%.
وأوضح دراوبشة، إن فكرة المشروع تقوم على تغيير المنهجية المعمول بها حاليا في قطاع النقل، عبر عدد من الخطوات منها: جدولة مواعيد مغادرة ووصول الحافلات، وزيادة الأمان، والعمل في نظام التذكرة الذي سيتيح تقسيم المجتمع إلى فئات، منها: الطلبة والمتقاعدين وكبار العمر وذوي الإعاقة؛ ما يساهم في إمكانية تقليل تكلفة النقل على بعض الفئات.
وأكد دراوبشة، أن الوزارة لا تهدف من خلال تطبيق النظام الجديد إلى منافسة شركات الحافلات الـ 86 العاملة في الضفة الغربية إنما سيتم تزويدها بالحافلات الجديدة ليعملا معا بهدف تطوير وإعادة الثقة بنظام النقل المحلي.
وعن أهميته الاقتصادية، قال: "إن هذا المشروع سياسهم في التنمية من خلال زيادة وصول الناس إلى كافة الأماكن ومنها الصناعية والزراعية وأيضا يعمل على تقليل التكلفة التشغيلية للحافلات في فلسطين التي تجاوز الكثير منها 12 عاما ما يعني أن مصاريف صيانتها ستزداد وهو ما سينعكس على المواطنين.
فيما الحافلات الحديثة ستكون نسبة الخراب فيها قليلة، كما يوجد لها مراكز صيانة ما يقلل مصاريف شحن أي قطع غيار من الخارج، بالتالي ستقلل من تكلفة المواصلات على المواطن.
مراحل المشروع
وحسب تقرير أعده البنك الدولي عام 2008 حول واقع قطاع النقل والمواصلات في فلسطين، فإن معظم شركات النقل الفلسطينية تعاني من مشاكل مادية كبيرة، وسوء في الإدارة، وقد اتجه بعضها نحو الإفلاس، وذلك لأسباب عدة أبرزها قيود الاحتلال وما يتبعها من تكاليف تشغيلية كبيرة.
وللنهوض بقطاع النقل بالحافلات، بدأت وزارة المواصلات بالعمل على مشروع "اوريو"، ويهدف لبناء قطاع نقل آمن وموثوق، أشبه بما هو معمول به في أوروبا، وأشبه بنظام المطارات، إذ سيعتمد المشروع على نظام التذكرة "Ticketing" وسيكون بوسع المواطن معرفة موعد وخط سير الحافلات القادمة والمغادرة، بهامش خطأ لا يتعدى الـ30 ثانية في حال خلو الطريق من حواجز الاحتلال.
ويتكون المشروع من ثلاث مراحل ستنجز في ثلاث سنوات، أولها، مرحلة التطوير التي تستمر عاما وفيها يتم إعداد الدراسات عبر شركات استشارية تمول مباشرة من هولندا، تشمل مراجعة التشريعات وبناء المؤسسات وتطويره ودراسة المخرج البيئة والأثر الاجتماعي للمشروع على المناطق المهمشة وتحديد أنواع الحافلات. وفعليا بدأت الوزارة تنفيذ هذه المرحلة.
والمرحلة الثانية تشمل طرح عطاءات دولية بالحافلات التي ستحدد وفقا للدراسات، كما سيتم خلال هذه المرحلة تجهيز البنية التحتية، كمراكز صيانة للحافلات وموافق لها. ثم المرحلة الأخيرة وهي العمل في المشروع.
الوزارة حاولت دمج شركات الحافلات العاملة في الضفة الغربية، البالغ عددها 86 شركة، كما أوصت دراسة البنك الدولي ضمن توصياتها للنهوض بنظام الحافلات وتطويره، إلا أن الوزارة لم تتكمن من ذلك كونها شركات عائلية، لذلك لجأت إلى خيار تأسيس اتحاد لهذه الشركات تبعا لكل منطقة، فتشكل اتحاد في الشمال وآخر في الوسط وثالث في الجنوب، وستكون هذه الاتحادات الجهة المشغلة للمشروع.
