27.23°القدس
26.99°رام الله
26.08°الخليل
23.85°غزة
27.23° القدس
رام الله26.99°
الخليل26.08°
غزة23.85°
الإثنين 21 ابريل 2025
4.89جنيه إسترليني
5.2دينار أردني
0.07جنيه مصري
4.19يورو
3.69دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.89
دينار أردني5.2
جنيه مصري0.07
يورو4.19
دولار أمريكي3.69

خبر: نقص الوقود وقيود الاحتلال تخنق الصيد بغزة

تخنق الزوارق الحربية "الإسرائيلية" والحملات التي تشنها السلطات المصرية على تهريب الوقود إلى قطاع غزة أسطول الصيد الصغير للقطاع ما يحول جيلا من الصيادين تدريجيا إلى تجار أسماك. ومنذ عام 2009 لم يستطيعوا الإبحار لأبعد من نحو خمسة كيلومترات بسبب الحصار الذي تفرضه (إسرائيل) بصرامة. وفي العام الحالي يخرجون بالكاد بسبب وصول سعر الديزل إلى ثلاثة أمثاله. وهناك نحو (3700) صياد يعملون بدوام كامل في قطاع غزة لديهم استعداد لخدمة سوق تتكون من 1.7 مليون مواطن. وكانوا يصدرون الأسماك (لإسرائيل). الآن تستورد غزة نحو 80 في المئة من احتياجاتها من المصريين و"الإسرائيليين". وقال محمد العاصي (66 عاما) الذي عمل صيادا معظم سني حياته ويرأس حاليا جمعية الصيادين في غزة وهي لا تهدف للربح وتدعم ملاك الزوارق بالمعدات والثلج والوقود "في فترات مضت كنا نوزع فائض السمك على الفقراء والمحتاجين وفي هذه الأيام تحولنا إلى شحاذين نطرق باب المؤسسات للمساعدة". وأضاف "تماما كما السمك نحن نموت إن ابتعدنا عن الماء كثيرا. في السابق كنا نصدر ثماني شاحنات سمك إلى (إسرائيل) واليوم (إسرائيل) تغلق البحر في وجهنا وتصدر السمك لنا". وتعد الأسماك الطازجة التي يتم اصطيادها من البحر المتوسط ويتم شيها أو قليها الطبق المفضل في غزة. وتحظى أسماك الهامور والقاروس بإقبال. لكن في العام الحالي لم يستطع الأسطول الاستفادة حتى من موسم صيد السردين الرخيص الذي يتم اصطياده بوفرة. حين تقود السيارة على امتداد الطريق الساحلي بمدينة غزة لا يمكن ألا تلاحظ سوق السمك وهو ردهة مغطاة بها 12 متجرا مزينة بصور أنواع الأسماك المختلفة. ويحمل نسيم البحر رائحة القريدس والسلطعون الطازج. وانبهر صبيان بصحبة والدهما بأسماك القنبر. ويسأل الرجل مندهشا: "هل هذا سمك لوقس؟" ويصف أبناء غزة هذا النوع من السمك بأنه "الوجبة الملكية" لكن وجوده نادر هذه الأيام. وقال أيمن أبو حصيرة وهو صاحب مطعم ومحل لبيع السمك :"كما ترى فقد منحنا البحر سمكتي لوقس اليوم" وعرض سمكة وزنها عشرة كيلوغرامات وصل سعرها إلى 80 شيقلا (21 دولارا) للكيلو بعد أن كان 50 شيقلا (13 دولارا) منذ بضعة أشهر. وأضاف "سمك السردين قريب جدا وفي نفس الوقت بعيد جدا". وأردف قائلا :"نستطيع رؤية مكان وجوده لكن لا نستطيع الوصول إليه بسبب القيود البحرية (من قبل إسرائيل)". ووضعت أسماك السردين المستوردة من مصر في صناديق على عربة يجرها حمار ويباع الكيلو منها مقابل 1.2 دولار. في المناسبات القليلة التي عرضت فيها أسماك سردين تم اصطيادها محليا بلغ سعر الكيلو 6.5 دولار للكيلو وهو سعر يفوق إمكانات معظم الأسر. وقال أبو حصيرة: "لقد أثرت على مستوى دخلنا. إنني أخسر ما قيمته 60 في المئة من دخلي مقارنة بالمواسم الماضية". وغزة تحت "الحصار الإسرائيلي" منذ سيطرت حركة حماس عليها عام 2007. وتقول (إسرائيل) إنها يجب أن تبقي على الحصار حتى تمنع وصول الأسلحة والمعدات العسكرية لحماس. ويتيح اتفاق مؤقت للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين للصيادين الإبحار لما يصل إلى مسافة 19 كيلومترا من الساحل. لكن منذ سيطرت حماس على غزة قلصت زوارق البحرية "الإسرائيلية" المسافة إلى خمسة كيلومترات تدريجيا. ولم تجرؤ أي زوارق على الخروج إلى البحر حين قامت (إسرائيل) بغزو غزة في كانون الأول 2008 وشنت حربا على الجماعات الناشطة قائلة إن هذا هدفه وقف إطلاق الصواريخ من القطاع على أراضيها واستمرت الحرب ثلاثة أسابيع. وبدأت أزمة الوقود في شباط الحالي حين شنت مصر حملة على تهريب الوقود من خلال شبكة أنفاق على الحدود تمد سكان غزة بكل ما يحتاجونه بدءا من السيارات وانتهاء بالماشية. وكان تهريب الوقود يحرم المصريين في سيناء من الوقود المدعوم حكوميا. ووصل سعر الديزل في السوق السوداء بغزة الآن إلى ثلاثة أمثاله منذ بضعة أشهر. ويستورد بعض البنزين والديزل وكذلك غاز الطهي من (إسرائيل) للقطاع الخاص لكن أسعار الديزل والبنزين "الإسرائيلية" تعتبر أكبر من إمكانيات المستخدمين التجاريين. وليس قطاع الصيد القطاع الوحيد الذي تضرر من جراء أزمة الوقود و"القيود الإسرائيلية". لقد زاد الارتفاع الكبير في الأسعار من تكلفة تشغيل مضخات الري في موسم الزراعة ما يقلص من الدخل الزراعي الفلسطيني فيما كان يمكن أن يصبح موسما جيدا. واضطر مزارعو القرنفل الذين يعتمدون على الشاحنات في نقل إزهارهم إلى ترك الكثير من الزهور في الثلاجات دون كهرباء للحفاظ على حالتها. وبيع نحو 2.5 مليون زهرة ذابلة بسعر بخس. وتقول منظمة اوكسفام الخيرية إن غزة صدرت مليوني زهرة أقل من 11 مليونا باعتها عام 2011 مقابل 50 مليون زهرة قرنفل في المتوسط كل عام قبل فرض الحصار عام 2007 . وعلى النقيض نجت محاصيل الفلفل الحلو والطماطم (البندورة) من أزمة الوقود وارتفع حجم الصادرات التي سمحت بها (إسرائيل) من ستة وسبعة أطنان على التوالي العام الماضي إلى 44 و75 طنا هذا العام مما يثبت أن قطاع الزراعة في غزة قابل للاستمرار. ويقول صيادون إن إدارة حماس تمدهم بالوقود مرة أسبوعيا ما يضطرهم إلى البحث عن بقية احتياجاتهم في السوق السوداء بسعر أكبر من إمكاناتهم. لهذا يجلسون في بعض الأيام على الرمال يحتسون الشاي ويدخنون السجائر. وقدر العاصي الخسائر السنوية التي يمنى بها الصيادون بنحو 11 مليون دولار. ويقول إن الأجر اليومي بهذا القطاع انخفض من 300 شيقل (78 دولارا) إلى 20 شيقلا (خمسة دولارات) فقط. وقال محمد أبو الصادق "أنا صياد منذ كان عمري 17 سنة وهذا أسوأ موسم على الإطلاق". وأضاف خميس شقيق أبو الصادق "عندما لا يوجد وقود بأسعار رخيصة فإننا لا ننزل البحر". أما جهاد صلاح مدير دائرة الخدمات بالإدارة العامة للثروة السمكية في وزارة الزراعة قال ":فقط يوم أمس (الأول) استعدنا ثماني حسكات صيد (مركب صيد صغير) كانت صودرت في فترات مختلفة بعضها يرجع إلى عامين". واعترف بأن حصة الوقود غير كافية ليوم صيد واحد لكنه قال إن هذا هو أقصى ما تستطيعه الإدارة لمساعدة بعض الصيادين على الأقل على كسب قوت يومهم. وتابع أن مهنة الصيد في خطر وأضاف أن (إسرائيل) تضغط لتحويل الصيادين إلى تجار وليتركوا هذه المهنة ويشتروا الأسماك من مصر ومنهم. وانسحبت (إسرائيل) تماما من غزة عام 2005 . لكن منتقدين يقولون إن الحصار حول القطاع إلى سجن مفتوح إذ يختنق اقتصاده بسبب القيود على الاستيراد والتصدير ويعتمد الكثير من سكانه على المساعدات الغذائية التي تصرفها لهم الأمم المتحدة. وفي الشهر الحالي اعترض زورق حربي "إسرائيلي" الصادق وصيادين آخرين داخل المنطقة التي لا ينطبق عليها الحظر وحذرهم بحار عبر مكبر للصوت من تجاوز الحدود. وقال صلاح إن القوات البحرية "الإسرائيلية" تحركت ضد زوارق من غزة سبع مرات في الأشهر الثلاثة الماضية واستخدمت طلقات تحذيرية وصادرت زوارق. وأضاف أن الإدارة استعادت مؤخرا ثمانية زوارق صيد صغيرة صودرت على مدى العامين الماضيين وأضاف أنها عادت بلا محركات ولا ناقل حركة. ومن الممكن أن يفقد الصيادون زوارقهم إذا وجدت البحرية "الإسرائيلية" أن قدرة المحرك تتجاوز 25 حصانا. لهذا تعتمد غزة في أغلب الأحيان على أسماك مهربة من مصر عبر شبكة الأنفاق الحدودية. وتفسد الأسماك أحيانا إذا قيدت قوات الأمن المصرية التحركات. ويعتقد العاصي أن حصة الأسطول المحلي في السوق لا تمثل الآن أكثر من الخمس. وقال علي الهبيل (52 عاما) وهو صياد إن أزمة الوقود منعت أبناء غزة من الإبحار باتجاه المياه المصرية لشراء الأسماك من الزوارق المصرية في عرض البحر. ولا تحاول إدارة حماس في غزة وقف تهريب الأسماك عبر الأنفاق. ويفحص ممثلو وزارة الزراعة بإدارتها السلع لضمان صلاحيتها للاستهلاك. لكن الزبائن يفضلونها طازجة على حد قول أبو حصيرة الذي تملك عائلته مطعما على شاطئ غزة. وقال الهبيل: "«نحاول جاهدين الصيد من مياه غزة لإرضاء زبائننا ونخبرهم حين لا تكون الأسماك من صيدنا. الأسماك المصرية جيدة ومتنوعة لكن عليك أن تتأكد من أنها طازجة".