بينما تتواصل المحادثات غير المباشرة بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل" في قطر، يستضيف الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمرة الثالثة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، ويدلي الاثنان بتصريحات متتالية تؤكد رغبتهما في التوصل إلى اتفاق بشأن غزة.
ويأتي ذلك وسط تساؤلات حول ما إذا كانت الإدارة الأميركية ستمارس ضغوطا على نتنياهو ليقبل بوقف الحرب وإنهاء معاناة الغزيين. وقد كرر ترامب مجددا أمام نتنياهو رغبته في العمل على حل "النزاع في غزة حلا نهائيا".
وفي نفس السياق أعرب المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة بنهاية الأسبوع الحالي، مشيرا إلى أنه تم تقليص القضايا الخلافية بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل من 4 إلى واحدة.
أما نتنياهو وقبيل لقائه الثاني مع ترامب، فوصف المفاوضات الجارية بأنها معقدة، وقال إنه يتابعها بشكل شخصي كل ساعة تقريبا، مضيفا أنه "سيفعل كل ما يلزم لمنع حماس من السيطرة على غزة"، وزعم أن "النتيجة النهائية ستكون إطلاق سراح جميع الرهائن واستسلام حماس وأن غزة لن تشكل تهديدا".
وفي الدوحة التي تحتضن المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أمس الثلاثاء، إن النقاش يدور بشأن إطار تفاوضي قبل بدء المرحلة النهائية، موضحا أن ما يجري الحديث عنه، هو ورقة إطار عامة، وأن المحادثات المفصلة لم تبدأ بعد.
وبغض النظر عما يجري في الدوحة، يرى مراقبون أن محور المباحثات الأساسي هو ما يجري في واشنطن بين ترامب ونتنياهو، لأن الموقف الأميركي هو الحاسم، وهو ما أشار إليه الكاتب والباحث السياسي الإسرائيلي، يوآف شتيرن، بقوله لبرنامج "مسار الأحداث" إن نتنياهو بحاجة لضغط أميركي حتى يقبل بالاتفاق، لا سيما أن 70% من الإسرائيليين يرون أنه لا جدوى من الاستمرار في الحرب ولا يمكن للجيش الإسرائيلي أن ينتصر فيها.
وبينما ذهب نتنياهو إلى البيت الأبيض وهو يفتخر بما يقول إنها "إنجازات" حققها في غزة وفي إيران، تأتي عملية بيت حانون (شمال قطاع غزة) التي نفذتها كتائب القسام -الجناح العسكري لحماس- وأدت إلى مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 14 آخرين، لتبعثر أوراقه وتظهره عاجزا عن فرض شروطه أمام ترامب، وكما تساءل الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية، سعيد زياد: كيف سيقنع نتنياهو ترامب بأنه قادر على فرض سيطرته على غزة وعلى القضاء على حماس؟
أوراق ومطالب
ويرى محللون أن نتنياهو يريد إنهاء الحرب في غزة، ولكن بشروطه هو وبما يخدم مصالحه السياسية، وأنه يسعى من خلال زيارته إلى واشنطن إلى الحصول على تصور واضح لليوم التالي للحرب، باعتبار أنه لا يملك أي تصور، ويريد أن يقدم له الأميركيون ضمانات بأن حماس لن تكون في الحكم وبأن سلاحها سيتم نزعه وقادتها سيبعدون من القطاع، وهو ما لفت إليه الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى.
وفي نفس السياق فإن الصيغ التي يتم تداولها داخل إسرائيل حاليا هو أن تنسحب إسرائيل من غزة على أن تبقى في المناطق العازلة وتوقف الحرب مع إيجاد بديل سياسي لحماس، مع قيامها بعمل عسكري في القطاع كلما رأت ضرورة لذلك، وتعول في ذلك على ضمانات أميركية تقدم لها، ولا يستبعد كثيرون أن نتنياهو سيعمل على إطالة مباحثات الدوحة حتى ينهي مفاوضاته مع ترامب ويحصل على ما يريد.
وكما لنتنياهو خططه وحساباته، فإن للفلسطينيين أيضا مطالبهم وآمالهم، وقد يكون من أبرزها أن يبقوا في أرضهم وأن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، لا أن يجيء لهم بحاكم على رأس دبابة، وأن يكون اختيار من يحكمهم بالإجماع، ويكون حكم غزة والضفة من طرف جهة واحدة.
والنقطة الأهم هو أن لا يستسلم الفلسطيني لإرادة الاحتلال الإسرائيلي ويستمر في استنزافه بإلحاق أكبر الخسائر في صفوف جنوده، وهي مهمة فصائل المقاومة التي يقول الخبير العسكري والإستراتيجي، اللواء فايز الدويري لبرنامج "مسار الأحداث" إنها لا تزال تحتفظ بأوراق القوة من خلال السلاح والأسرى الإسرائيليين لديها، وهي أوراق ساعدتها في تنفيذ الكمين المركب في بيت حانون والذي وصف بأنه عملية نوعية.