رغم الإغلاق والتضييق والحصار، يبدع طلاب قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من عشر سنوات، ويتخطون في مواهبهم وتميزهم وقدراتهم كل الحدود المغلقة أمامهم، يتخطونها بإبداعهم وفنونهم التي تحمل أفكارًا ومعاني سامية، ينافسون فيها مساحات كبيرة وينالون المراتب المتقدمة الأولى.
داخل بيته المتواضع وغرفته الصغيرة، يجلس الطالب إبراهيم شبير على طاولته المستديرة وأمامه كراسة رسمه، يعيد فيها رسم لوحته التي تفوقت وفازت على 22 دولة في الشرق الأوسط، يتفوق فيها كما تفوق في كثير من مواهبه إضافة إلى تميزه في دراسته وحصوله على المرتبة الأولى في مدرسته.
وفاز الطالب إبراهيم تميم شبير (14 عامًا) بالمركز الأول على مستوى الشرق الأوسط في مسابقة أفضل رسمه حول الاكتئاب، وهو من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، ويدرس في الصف التاسع الأساسي بمدرسة كمال ناصر الأساسية للبنين بمديرية تعليم خانيونس.
وأشرف على تنظيم المسابقة منظمة الصحة العالمية في منطقة الشرق الأوسط بمشاركة 22 دولة من بينها فلسطين بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، بحيث يتقدم المتسابقون برسمة تعالج موضوع الاكتئاب، فاز فيها الطالب شبير بالمركز الأول، وحصل أربعة آخرون من فلسطين على مراكز متقدمة من الثاني وحتى الخامس، أحدهم من الضفة المحتلة والثلاثة الآخرون من قطاع غزة.
عالمية وإهداء
وخلال حديث "فلسطين الآن" مع الطالب شبير أوضح أنه شارك في المسابقة من خلال المدرسة بعد تنسيق منظمة الصحة العالمية مع وزارة التربية والتعليم، وقال: "أخبرني مدير المدرسة عن المسابقة وشجعني لكي أسجل في المسابقة وفعلا سجلت وتشجعت، وحصلت بفضل االله تعالى على المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط على مستوى 22 دولة، وفرحت فرحًا شديدًا بهذا الإنجاز".
وعدّ شبير أن فوزه هو فوز لفلسطين كلها، وهو رسالة لكل العالم أن غزة فيها الكثير من الإبداع والتميز والإنجاز رغم المعاناة والإغلاق والحصار، مهديًا فوزه للأسرى البواسل الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية، راجيًا الله أن يفك أسرهم "ويشاركوا معنا فرحتنا بالفوز في كل إبداع".
ويعد الطالب شبير من المتميزين في الرسم على مستوى مدرسته؛ لكنه اليوم ينتقل إلى العالمية وفي هذا الصدد يقول: "أشعر بالسعادة، فقد خرجت بفني إلى العالمية، وفي رسمة الاكتئاب أردت إرسال رسالة حول معاناة شعبنا الفلسطيني".
ومن جانبه هنأ والد الطالب تميم شبير قطاع غزة وفلسطين والأمة العربية والإسلامية بفوز ابنه على المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط على مستوى 22 دولة، معتبرًا أن هذا الإنجاز فخر لفلسطين وغزة ومحافظة خانيونس، ومعبرًا عن فخره بابنه وإبداعه وتميزه.
وتابع بقوله: "ابني البار المهذب صاحب موهبة عالية في الرسم والقرآن والنشيد وغيرها العديد من المواهب، وهو من المتفوقين في دراسته وهو الأول على مدرسته، وأسال الله له التوفيق والسداد والرشاد وأن يسخر قلمه في خدمة الإسلام والمسلمين".
تشجيع وإبداع
وبدوره عبر مدير التربية والتعليم بخان يونس عبد القادر أبو علي عن فخره بالطالب شبير، وقدم التهنئة له ولذويه ومدرسته، بهذا الإنجاز غير المسبوق في عالم الفن المدرسي، وأكد أن وزارة التعليم تبذل كل الجهود لاكتشاف المواهب والإبداعات الطلابية وتشجيعها وصولًا للعالمية.
وقال: "أبدع الطالب شبير في لوحته الفنية من خلال تجسيد صورة إنسان يلتف حوله الاكتئاب جراء الظروف القاسية التي يعيشها، كما اتسمت الصورة بالنواحي الجمالية من خلال الألوان ووضوح الفكرة والتعبير الفني".
