مذبحة، أو مجزرة، الحولة تقول إنه لم يعد ثمة مستقبل للنظام السوري، في المجزرة سقط مائة من الأطفال والنساء وكبار السن ، بعضهم لقي حتفه بالقنابل ، وبعضهم ذبح ذبحا بالسكاكين، دماء الأطفال والنساء تجد في المجتمعات الحديثة، والحكومات المستقرة، من يتوقف عندها، ويبني موقفاً سياسياً ومبدئياً على قاعدة محاربة الجريمة والإبادة، مجلس الأمن استمع إلى تقارير ممثليه من المراقبين، وخرج بإدانة للنظام، لا يوجد في العالم المعاصر عاقل لا يدين هذه الجريمة وأمثالها من جرائم. لا يملك أحد تبريراً لذبح الأطفال بالسكاكين؟! الاتحاد الأوروبي ، وكندا ، واستراليا، واليابان ، طوروا مواقفهم بعد مجزرة الحولة ودخلوا في حصار سياسي صادم للنظام من خلال طرد السفراء والقناصل والممثلين السوريين ، قد لا يسقط النظام بالحصار السياسي، وقد لا يسقط بالحصار الاقتصادي ووقف صادراته، ولكن الحصار السياسي مؤلم جداً ، وهو يمهد لخطوات إضافية للمساهمة في إسقاط النظام، حيث باتت هناك قناعة حتى عند حلفاء النظام بسقوطه. المقاومة الشعبية ، والمقاومة المسلحة، والحصار الاقتصادي ، والحصار السياسي، أنهكت مجتمعة قدرات النظام على البقاء في سدة الحكم، ولم تعد هناك حاجة إلى مبادرة عنان أو غيرها من المبادرات بعد أن صار سقوط النظام ، أو استبداله مطلباً حتى عند روسيا نفسها. الدم يجر الدم، ولقد سال الدم في الشام أودية وملأ أبطحاً، ولم يعد هناك فرصة جيدة لإيقافه غير استبدال النظام ، بآلية اليمن، أو بآلية ليبيا ، أو بآلية مستحدثة تلائم بلاد الشام وظروفها، ولم تعد بلاد الشام في مدنها وأريافها خاضعة لسلطة النظام ، وامتدت الثورة إلى دمشق العاصمة السياسية، وتغلغلت في أحشاء مدينة حلب وريفها العاصمة الاقتصادية ، ولم تعد ثمة قرية أو مدينة خارج الثورة ، وهذه الحالة تعني أن النظام سيغادر مقعد السلطة في أقرب الآجال للعودة إلى الوراء. لا يوجد عربي ولا مسلم في العالم يشعر بالراحة لما يجري في سوريا، دماء الأبرياء تحرق القلوب والأكباد ، والوقت يمضي والحلول السياسية المقبولة تنفد ، ومجزرة الحولة هي بداية التحول الكبير نحو السقوط أو الإسقاط ، وعلى المسئولين الوقوف والبحث في المستقبل ، وليكن المستقبل بيد سورية، أفضل من أن يكون بيد من خارج سورية، الأيدي الخارجية تقترب من العاصمة ، والعاصمة منهكة ، والثورة السورية تصافح كل يد خارجية تمتد إلى الداخل لإنقاذ الأطفال والنساء ، والكرة الآن في الوقت الضائع وهي في ملعب النظام. لم تتعود القيادات العربية على القرارات الجريئة بسبب طول الأمد، وحب الكرسي، وغرور القوة ، وفساد البطانة ، وانحراف التقارير الاستخبارية ، ولو تعودت على القرارات الجريئة ، لحفظت لنفسها ولشعبها مستقبلا أفضل ، الحولة نقطة التحول ، وهي مصدر القرار القادم.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.