كتب نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية مقالة حول سياسة مصر الخارجية نشرتها صحيفة الشروق المصرية قبل توليه منصب وزير الخارجية، أوضح فيها من خلال خبرته الدبلوماسية كسفير ومفاوض، ما ينبغي على مصر القيام به من مبادرات وإعادة نظر في سياستها الخارجية كي يتسنى لها بالفعل الدخول إلى القرن الحادي والعشرين. وما ورد في مقالة العربي لا يُلزمه في المنصبين اللذين تولاهما على التّعاقب كوزير للخارجية وأمين عام لجامعة الدول العربية، لكن ما قاله يبقى وثيق الصلة بمرجعياته الفكرية والسياسية، ويقدم ما هو أقرب إلى المسودّات الأولى من أسلوب في التعامل مع السياسة الدولية وبالتحديد الاتفاقيات التي ترثها الحكومات والنظم، وفي مقدمتها اتفاقية كامب ديفيد التي انتظر كثير من المصريين والعرب موقف ثورة يناير منها، وجاء تصريح المجلس العسكري صريحاً في هذا الصّدد إذ أعلن التزامه بكل الاتفاقيات الدولية، ومنها بالطبع تلك الاتفاقية الإشكالية التي لا تزال منذ أكثر من ثلاثة عقود مثاراً لسجالات سياسية وإيديولوجية في مصر والعالم العربي . تبعاً لما يقوله نبيل العربي فإن مصر أعادت النظر في اتفاقيات دولية مرّتين، وذلك بعد حدوث تغيير جوهري في الظروف . المرة الأولى عندما أقدم النحاس باشا عام 1951 على إلغاء معاهدة 1936 مع الإنجليز، والثانية عندما قام أنور السادات بإلغاء معاهدة الصداقة التي أبرمت مع الاتحاد السوفييتي عام 1971 وبعد رحيل الرئيس عبدالناصر . وتتيح القوانين الدولية لأي بلد أن يعيد النظر في الاتفاقيات المبرمة مع أي طرف آخر إذا أخلّ هذا الطرف بتطبيق بنود المعاهدة . والخطاب السياسي الذي يصدر عن دبلوماسي عريق ليس بالضرورة هو الخطاب ذاته الذي يصدر عن هذا الدبلوماسي بعد توليه مناصب سيادية وحساسة سواء في بلده أو في النطاق القومي . انتقد العربي بشدة السياسة الخارجية لمصر في السنوات الأخيرة وقال بالحرف الواحد إنها لم تكن تعالج بأسلوب علمي وعصري يؤدي إلى اتخاذ القرارات بعد دراسة متأنية بواسطة خبراء متخصصين . فثمة مواقف عولجت عشوائياً وبأسلوب فردي، والمثال الذي يقدمه العربي هو موقف مصر الرسمي من حصار غزة وهو موقف لم يكن يليق بمكانة مصر وتاريخها . لهذا اقترح في تلك المقالة إنشاء مجلس أمن قومي دائم يُشرف على اتخاذ القرارات التي تتعلق بالسياسة الخارجية . ولم يُتح لنبيل العربي تجريب رؤاه وأفكاره في السياسة الخارجية لمصر، لأنه لم يمكث إلا فترة انتقالية في منصبه، ثم تولى الأمانة العامة للجامعة العربية . المناصب ليست قبعات ترتدى وتخلع، فما في الرأس يبقى كما هو عندما تتبدل المواقع، لهذا فإن موقع الأمين العام للجامعة لا ينأى كثيراً عن تطلعات نبيل العربي في مقالته تلك .
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.