الناس أمام الأحداث الإنسانية الأليمة او الكارثية ثلاثة أنواع، الأول سلبي إلى درجة التجمد في المشاعر والأحاسيس ويمكن أن نصنفه تحت مسمى (البليد شعورياً)، فهذا يعيش في دائرة ساعات يومه الرتيبة واهتماماته الخاصة، أما لماذا هو بليد وبارد برودة الرخام الاملس، فهذا من شأن المشتغلين في العلوم الإنسانية ليبحثوا في تاريخه وتجاربه الشخصية ويحفروا في عقله الباطن وينبشوا عن أزماته في الطفولة وغيرها، وقريب من هذا الصنف بعض السذج وغالباً ما يكونون من الشبيحة المستترين لكل نظام ومنبوذ ومنطقهم يقول، لماذا نتدخل في شؤون الدول الأخرى؟!! وهؤلاء أفضل رد عليهم إهمالهم إذ لا يستحقون الالتفات إلا من كان منهم طيباً بسيط الوعي فنشرح لهم بديهات معنى إنسانية الإنسان. والصنف الثاني من الناس في مواقفهم من الكوارث الطبيعية أو الأحداث الأليمة التي تبتلى بها الشعوب هم (المنفلتون شعورياً)، فهم صادقون متحمسون يحترقون ألماً على ما يحل بالبشر من فظائع لكنهم قد يدخلون مرحلة إدمان المتابعة دون انجاز يذكر غير التبرم والإدانة وتعابير الغضب والتصعيد المعلن لفظياً وأحياناً بذل جهداً عملياً إلا أن اكبر أخطائه انه لشدة حزنه يعطل أولوياته وواجباته ويزداد غلطاً عندما يلوم غيره من العاملين معه أو المشاركين له في الهم والرؤية بالتقصير، وهذا ملاحظ في عالم (تويتر) فما ان تغرد في مسألة تربوية أو أمنية محلية أو أخلاقية أو أسرية أو صحية، وإذا بهؤلاء المتحمسين يغردون ويصرخون (أين سورية) ويقللون من شأن الآخرين الذين يعرفون توزيع الجهد والوقت ولا يعقلون مهامهم بحجة سورية وغيرها. أما الصنف الثالث: فهم أصحاب (التلاحم والتراحم الشعوري) تجاه المصائب والمحن التي حلت بغيره فهو يهتم ويتألم وسرعان ما يحول المشاعر الى عمل بقدر الطاقة دون تعطيل لواجباته الكثيرة فيما يحسن وهذا الذي نريده من شبابنا اي المواقف الناضجة المتزنة دون مزايدات او تقليل من عمل العاملين المنتجين من حقولهم الواسعة وواجباتهم تجاه بيوتهم ومؤسساتهم ومجتمعهم. أما بالنسبة للوضع المصري المرعب المعقد الذي تعمل فيه عشرات الأيدي السياسية العالمية والعربية المتناقضة فإنني (غردت) مبكراً مبدياً رأيي في ترشح الإسلاميين للرئاسة وأبديت بخطورة الاقبال على نيل هذا المنصب لأنه فخ كبير يسقط فيه من يريد تحمل تركة ضخمة وحمل ثقيل من خطايا وفساد النظام السابق مع بقاء قوته في المؤسسات!! وأرى أن الإسلاميين وقعوا في الفخ للأسف، ومع ذلك فإنني استحسنت تغريدة الكاتب المصري السياسي المعروف فهمي هويدي التي يقول فيها: (مرسي أم شفيق: الأول ينبغي ان تُفكر قبل ان ترفضه في حين ان الثاني ترفضه دون ان تفكر). وإذا كان الأول لا يمثل أفضل ما تمنيناه إلا أن الثاني يجسد أسوأ ما توقعناه. وسلامتكم.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.