ينهش المرض من جسده وينال من قوته ويستهلك الكثير الكثير من وقته وجهده، يواجهه بالإصرار والعزيمة ليواصل مسيرته التعليمية رغم التأخير الذي يعيقه في فترات العلاج الطويلة التي تستغرق عدة أشهر، يطمح بتحديه أن يصبح معلمًا يدرس الطلاب ويعلمهم كما هو يتعلم الآن.
داخل مدرسة الفردوس الأساسية غرب محافظة رفح، يجلس الطالب ضياء شلوف (12 عامًا) على مقاعد الدراسة في أحد فصولها ويقدم اختباراته النهائية للصف السابع الأساسي، يصرّ على تقديمها رغم تأخره عن أول اختبار بسبب مكوثه داخل الأراضي المحتلة لتلقي العلاج لمرض السرطان الذي أصابه.
إصرار أمام السرطان
قبل حوالي عامين أصيب الطالب ضياء شلوف من سكان منطقة المواصي غرب محافظة رفح جنوب قطاع غزة بمرض السرطان، وأشار خلال حديثه لـ"فلسطين الآن" أنه أصيب به بعد العدوان الإسرائيلي صيف عام 2014 على قطاع غزة، حيث قصفت الطائرات الحربية منزلًا مجاورًا لمنزلهم.
وأوضح أنه عانى من آلام في الظهر ولما توجه إلى المستشفى تم تحويله إلى الداخل المحتل، وأفاد أنه بعد إجراء التحاليل والفحوصات اللازمة اكتشفوا أنه مصاب بمرض السرطان في الرئة، منوهًا أنه أجرى عملية استئصال جزء من الرئتين بعد اكتشاف المرض، ومكث عامًا كاملًا في الداخل المحتل جراء ذلك وبعدها عاد للقطاع.
ويصر ضياء على مواصلة دروسه وتقديم الامتحانات رغم تأخره لعدة أشهر عن مقاعد الدراسة بسبب العلاج كما عبر، وقال: "أحضر على المدرسة لأقدم الامتحانات رغم المرض حتى أنجح، وأبي يذهب يقدّم للتنسيق وفي كثير من الأوقات لا يخرج التنسيق فنتأخر عن تلقي العلاج ويتأجل عنا الدواء، وهذا يحدث معي مضاعفات وأتعب كثيرا".
وأضاف: "أغيب عن المدرسة كثيرا بسبب العلاج والمكوث كثيرا في المستشفى، ولكن أصر على تقديم الامتحانات لأني أتمنى أن أصبح معلما لكي أدرّس الأولاد".
وبكل مشاعر الحزن قال شقيق ضياء التوأم علاء شلوف: "أخي مصاب بمرض السرطان، وعندما أصيب بالمرض حزنت حزنا شديدا عليه لأننا كنامتلازمين في الخروج فكنا نخرج مع بعض دائمًا على أماكن كثيرة ولكن الآن بسبب مرضه لازمت البيت ولا أحب الخروج".
حرص على الدراسة
ومن جانبه أشار نائب مدير مدرسة الفردوس عصام أبو لبدة أن الطالب ضياء متميز ومتفوق في دراسته، موضحًا أنه قبل عامين بدأت تظهر عليه أعراض مرض وبعد الفحوصات داخل الأراضي المحتلة اتضح وجود مرض خطير وهو السرطان في الرئة.
وذكر أن والد ضياء كان مرافقًا مع ابنه وعرضوا عليه استئصال جزء من الرئتين وتلقى خلالها العلاج لفترة طويلة، لافتًا أنه بعد تلقي العلاج بدأت تظهر أعراض ومضاعفات ليضطر أن يتلقى علاجًا مكثفًا بالكيماوي على مراحل متعددة.
ويمكث ضياء في كل مرحلة علاج قرابة أربعة شهور متواصلة ورغم ذلك يحرص على دراسته، وبين أبو لبدة أن شقيق ضياء التوأم كان يساعده في الواجبات وينقل له بعض شروحات المعلمين، مؤكدًا أن ضياء أصر أن يقطع فترة علاجه لمدة أسبوعين ليقدم اختباراته النهائية وسيعود للداخل المحتل لإكمال العلاج.
وقال: "مع علاج الكيماوي أصبح عنده الحركة الزائدة والطلاب ينطروا له نطرة ثانية؛ لأن شكله تغير وشعره نحل ولا يوجد له رموش، فأصبح لديه عدوانية، ولكن نحن استوعبنا هذه القضية بالتعاون مع المرشد التربوي ومدير المدرسة والمجتمع المحلي، وشرحنا للطلاب أن ضياء صديقنا وحبيبنا نتعامل معه معاملة طيبة وحسنة بدون ضغوط نفسية".
وتابع: " بالفعل بدأ الطلاب يتقربون منه، وجلسنا معه أكثر من جلسة وأرحنا نفسيته والحمد لله الآن يحب المدرسة ومحبوب من كل المدرسين والطلاب، ومدير التربية والتعليم أشرف عابدين زاره في المدرسة يوم الامتحان وعمل معه لقاءً وهذا رفع معنوياته"، متمنيًا له الشفاء التام.