نحاول في شهر رمضان الهروب من منغصات السياسة، والامتناع عن تناول المنبهات الإعلامية من مناكفات ومثيرات، وتجنب الاستفزازات السلطوية للمتحكمين في رقاب البلاد والعباد، لكن غواية الأحداث، وضغط الأزمات تحرمنا اغتنام نفحات رمضان، وتفسد بهجتنا.
فإذا صبرنا على صيام الكهرباء ينهشنا جوع الرواتب، وبين ذاك وتلك "تتنطط" شياطين السلطة في وجوهنا، وقد خرجوا علينا بخبر مفاده أن أوامر محمود عباس أفشلت جهود العمادي في تحسين كهرباء غزة خلال شهر رمضان وأنه-أي العباس-أمر بإغلاق ملف "كهرباء غزة" ومنع حكومته من التجاوب مع المبادرات.
هكذا صرنا نتجاهل ترديد "اللهم اخزيك يا شيطان"، ونخجل في تحميل الاحتلال مسئولية الحصار، في الوقت الذي يؤكد مسؤول فلسطيني مطلع أن حسين الشيخ اتصل قبل أسبوعين مع المنسق الاسرائيلي يوآف مردخاي، وأبلغه أن أبو مازن يطالب بضرورة وقف خطوط الكهرباء الاسرائيلية، وأنه لن يكون مسؤولا عن تسديد ثمنها.
وقد أرسل وزير مالية المقاطعة شكري بشارة رسالة بهذه المطالب لوزير المالية الاسرائيلي موشيه كحلون والذي بدوره حذر بشارة من أن الإقدام على خطوة الوقف الكامل ستؤدي إلى كوارث صحية وبيئية لأهالي غزة وأنهم في النهاية فلسطينيون ولا يجوز ممارسة العقاب الجماعي ضدهم إذا أراد عباس معاقبة حماس، واقترح كحلون أن يتم وقف جزئي لهذه الإمدادات، مما أحرج بشارة ودفعه للموافقة على الاقتراح الإسرائيلي.
وكما أن لرمضان نفحات فإن للسلطة نهفات في ظل استمرار الطلاق بين الضفة وغزة، فقد أصدر قاضي قضاة المقاطعة، محمود الهبّاش، تعميماً على المحاكم الشرعية في الضفة الغربية، يتم بموجبه منع تسجيل حالات الطلاق، إلى ما بعد انقضاء شهر رمضان.
وقال "الهباش" في بيان صحفي، إن هذا الإجراء جاء بناء على "تجارب" واجهت المحاكم خلال شهر رمضان في الأعوام السابقة، حيث "يتخذ بعض الأزواج قرارات سريعة وغير متزنة بسبب الصيام".
الهباش راعى معاناة بعض الصائمين من نقص الطعام والتدخين ما قد يؤدي إلى الطلاق، بينما يتجاهل رئيسه شعبا محروما من الكهرباء ويعاني نقص الرواتب، ويتمنى الطلاق منه بالثلاثة...
هكذا جعلوا رمضان للمناكفات والنهفات.
