يوم السبت الثاني من حزيران / يونيو 2012 انتظر الملايين على شاشات الفضائيات مشاهدة محاكمة العصر للمخلوع حليف (إسرائيل) الاستراتيجي وزبانيته ، حيث سيتم النطق على من أعدموا شعبًا بكامله، واستعبدوا البلاد والعباد في مصر العظيمة، فجعلوها " مصر" أكثر من صغيرة ، بل لا تكاد تُرى في المشهد السياسي الإقليمي إلا خلف البرنامج الإسرائيلي الصغير أصلاً وحقيقةً، النطق بالحكم كان أقل ما يُقال فيه صدمة , فصمت القاضي دهراً ونطق كفراً، فالقتلة براءة وهي أول براءة في تاريخ المحاكم التي لا يُدان فيها كل القتلة ولو من باب ذر الرماد في العيون... القاضي جبن في قول الحقيقة وكأنه هبط على المحكمة بل على مصر من كوكب آخر فلم يسمع القاضي بالثورة ولا بالشهداء ولا بخالد سعيد، هؤلاء هم قُضاة السلاطين، الذين يلبسون نظارات الأنظمة السوداء التي تسوقهم فلا يرون إلا ما يرى النظام، الحكم في قضية مبارك كان تافهًا، ولا يستحق التعليق، لكن الأهم هو الحكم غير المُعلن، والذي يُقرأ بين ثنايا السطور ومفاده أن ما حصل في مصر في 25 يناير ليس ثورة ، بل احتجاج أدى إلى تغير شكلي في المظهر الخارجي للنظام الفاسد الذي استعبد 85 مليون مصري، المحكمة قالت إن دماء المصريين رخيصة ولا قيمة لها... وبالتالي لا قتلة يستحقون عقابًا، الثورات في العالم هي التي تجُب ما قبلها وتستأصل شأفة الخونة والعملاء الذين استباحوا الدماء والأعراض وأي ثورة لا تشطب هؤلاء - كما فعل شارل ديغول في صيف 1944 عندما شطب في الليلة الأولى لدخوله باريس محرراً أكثر من 20 ألف فرنسي تساوقوا مع المحتل الألماني لتسيير حياة الفرنسيين كما ادعوا . ففي نظر الدولة العصرية " فرنسا " التي تنادي آناء الليل وأطراف النهار باحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان والتي لم تستسغ وجود 80 ألفًا من أبنائها اجتهدوا وأخطؤوا من وجهة نظر ديغول والديغوليين، فتم إعدامهم جميعاً.- ثورة غير مكتملة وربما فاشلة. لم أحب أن أتكلم عن فتح مكة والذين لم يشملهم عفو القائد الأعلى للأمة محمد صلى الله عليه وسلم حتى لو وُجدوا معلقين بأستار الكعبة المشرفة، لكن بمن يُعتبرون قدوة لبعض الأبواق الناعقة بإعلام ضال ومُضل ومُسير لخدمة أهداف أعداء الأمة سواء في مصر أو في الأقطار العربية الأخرى... كان الأولى في مصر أن لا تُجرى إطلاقا انتخابات وهمية على ما سُمي تعديل مواد الدستور، فهذه المصيدة لا هدفها دستور ولا هدفها مصر، بل هدفها قياس توجهات وميول الرأي العام في مصر لوضع الحلول الخبيثة الصهيوصليبية لتدمير الثورة وهذا ما حصل بالفعل، فتأسيسيات الدستور تدل على أنه لا قيمة بالمطلق لنتائج استفتاء تعديل مواد بالدستور، وقرارات المحكمة الدستورية أو ما يطرح عليها يقول بأن أعداء مصر من أبنائها يمسكون بزمام أمورها عبيداً أوفياء للغرب و(إسرائيل), والمحاكم في مصر من "الدستورية" وانزل كلها موجهة ضد مصر ومستقبل مصر, وإجهاض الثورة قانونياً أمر وارد؛ لأن الشعب المصري ربما يكتشف قريباً أن كل ما سبق كان ببساطة تسخينًا للثورة وأن الثورة لم تبدأ بعد... وما تصريحات رئيس نادي القضاة أحمد الزند إلا مؤشر على أن أعداء الثورة الظاهرين والمخبأين بدؤوا هجوم الدفرسوار 2 لإجهاض الثورة والتبجح بأن الشعب المصري الأصيل ليس ناضجًا ديمقراطيا لأنه لم ينتخب عملاء أمريكا و(إسرائيل)، فهل وعينا نحن كعرب ما يحاك لمصر التي يراهن عليها محبوها بأنها قائدتهم للنصر والتمكين، بينما يُراهن صُنّاع القرار في العالم الغربي و(إسرائيل) على رجالهم الذين صُنعوا على أعينهم بأن يُعلقوا الثورة على حبال مشانقهم وبقرارات محاكم مصرية وتهجمات هستيرية لقوانين أسقطت أقنعتهم ، الأيام دول وإن غداً لناظره لقريب.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.