13.9°القدس
13.66°رام الله
13.3°الخليل
17°غزة
13.9° القدس
رام الله13.66°
الخليل13.3°
غزة17°
الأحد 22 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: يا رب نفهم!

كانت شاشة التلفاز تصخب بأحداث الربيع العربي المتعاقبة، وعبد الرحمن مشدود لها، يتأملها بصمت، وتنعكس معطياتها على وجهه بين الحزن والغضب والتفاؤل، قال خربوش: - (كيف شايفها)؟! - هذا مخاض عظيم فيه ألم ممزوج بالأمل! - وماذا اختلفت رؤيتك عن الماضي القريب؟! - هناك فرق بين ألم وأمل دون وجود مخاض! بالأمس كان الألم يلفلف الكون لا الأرض من حولنا، ولم يكن هناك أفق، لكننا لم نفقد الأمل، وسعينا نحو التغيير! - ما رأيك أن هذا سيناريو كبير، نحن الخاسرون الوحيدون فيه! ابتسم عبد الرحمن ابتسامته الحانية وقال: - أنا على يقين أن ما حدث كان عفوياً بقدر الله لا تخطيط سلبي فيه، لكن أهل الشر يحسنون إدارة كل تطور إيجابي أو سلبي وفق حساباتهم ليصب في رصيدهم! فنحسب نحن أنهم حركوا الأحداث لغاياتهم التي يسعون بالفعل إلى تحقيقها! - ما العمل إذاً؟! - مزيدا من الوعي والنضج! في لعبة الأطفال تجد لكل فعل رد فعل فكيف لا يكون ذلك في حسابات الكبار ومخططات الدول الكبرى والصغرى!! - هذا كلام إنشاء لا يصمد أمام الواقع! - ما الإنجازات العظيمة إلا أفكار تكونت من كلمات منشأة لكنها امتزجت بالإرادة! أما الكلمات التي تسند ظهرها إلى الفراغ فهي كلمات جوفاء تذهب مع الريح! - أنا أخشى من النتائج، لأن الأيدي العابثة لا تكلّ ولا تملّ! - فلماذا تكلّ إذاً الأيدي البانية والمصلحة؟! - محور الشر في العالم يمتلك المال والقوة والإمكانات الهائلة! - ومحور الخير لماذا غاب من المعادلة؟! المال والقوة والإمكانات لا تأتي هكذا من الهواء! إنها تأتي بالسعي وحسن الإدارة وقوة الإرادة! - الطريق طويل! - لكنه يبدأ بخطوة واحدة! - في كل مرة يتمكن أهل الخير من تحقيق إنجازٍ ما تتم محاصرته والالتفاف عليه! - هل استخلصت العبر من ذلك؟! إن محور الشر يريد أن يصنع منا قطيعا من قطعان الخوف، فالثمن الذي ندفعه مقابل الوقوف مع الحق محفز شرير على التخلي عنه أو تخلي الناس عنه! ألم تسمع بحكاية القرود والموز؟! - وما هي حكايتهم؟! - إدارة حديقة الحيوان أجرت تجربة على سلوك الحيوانات عندما وضعت مجموعة من القرود في قفص معلق في أعلاه عمود موز، حاولت القرود تسلق القفص لتصل إلى فاكهتها المحببة، لكن إدارة الحديقة رشتها بالمياه الغزيرة التي دفعتها للسقوط وأشعرتها بالأذى الكبير، ترددت القرود في تكرار التجربة، لكن أحدها قام بالمحاولة أكثر من مرة، فانسكب الماء الغزير عليه وعلى زملائه، فصاروا يضربونه كلما فكر بتسلق القفص، وتم استبدال القرود واحدا بعد الآخر، وكلما حل ضيف جديد وأغراه الموز بتسلق القفص انهالت القرود عليه بالضرب، فيمتنع عن ذلك دون أن يعرف السبب، ولا يمضي وقت كثير حتى يمارس ذلك القرد ما يمارسه زملاؤه من ضرب كل قرد جديد يحاول الوصول للموز، حتى تم إخراج كل القرود القديمة، وظلت القرود الجديدة تمارس الضرب لكل ساعٍ إلى الموز دون أن تعلم سبب ذلك! - أنت تحرض على الثورة يا عبد الرحمن! - أنا أدعو إلى المحافظة على استمرارية الثورة حتى تحقيق أهدافها! - في رأيك ما هي أهدافها؟! - تهيئة البيئة لاختيار نزيه! - فقط؟! ألا تدعو لاجتثاث الظلم! - معاقبة الظالم لا تحمل معاني الاجتثاث والاستئصال والإلغاء والإقصاء... جريمة المستبدين هي اعتقادهم أنهم وحدهم من يمتلك القرار، وأن الآخرين طالما ليسوا في منصة الحكم ليسوا إلا أقزاما عليهم السمع والطاعة دون تفكير ودون نقاش، وإلا انسكبت عليهم حمم جهنمية من العذاب! - وإذا فاز الظالم في الاختيار النزيه؟! - لا أحب الجدل يا صديقي خربوش! لكن سؤالك الجدلي خاضع لمنطق الواقع! لذلك سأجيبك بما أراه الطريقة المثلى لتكريس الوعي الحضاري بقيمة الإنسان، إن أخشى ما أخشاه السيناريو الدامي في حال فوز طرف على طرف في اختيار حر ونزيه! عدم الرضا غير الواعي قد يفتح بوابات جهنم من الطرفين! - ما الحل؟! - لا بد من احترام نتائج الانتخاب الحر والتعامل معها دون الحرص على إقصاء الطرف الآخر أو وضع العصي في الدواليب، إن فوز الخصم يعني قناعة الناس به واعتراضهم على أخطاء وثغرات لدي، ولا يوجد أحد منزه عن الأخطاء! وفي المقابل فوز الخصم يجب أن لا يعني العودة إلى مربع الاضطهاد. إن تفهم النتائج يسمح للطرفين العمل ضمن حكم ومعارضة طوال فترة محددة تنتهي بانتخابات جديدة يقول الناس فيها كلمتهم، ولا يوجد أجمل من التداول السلمي للسلطات! - هذا صعب في واقعنا وضمن عقلياتنا الشرقية! - الشرق مهد الحضارات، والصعب يصبح سهلا مع الوعي وتحمل المسؤوليات! كان ذلك الأمر صعبا في الغرب المتصارع في حروب عالمية ضخمة، لكنه صار سهلا لما آب الناس لرشدهم وشعروا بحجم الخسائر الفظيعة التي صنعتها تخوفاتهم ومطامعهم وجهلهم! - (يا رب نوعى)!