24.26°القدس
24°رام الله
28.3°الخليل
27.37°غزة
24.26° القدس
رام الله24°
الخليل28.3°
غزة27.37°
السبت 05 أكتوبر 2024
5.01جنيه إسترليني
5.39دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.82دولار أمريكي
جنيه إسترليني5.01
دينار أردني5.39
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.82

حادثة السفارة وصرف الانتباه الشعبي

20401161_1373124819468981_1145427454_n
20401161_1373124819468981_1145427454_n

كنا في سجن عسقلان الذي امتاز في فترة سابقة بساحته الكبيرة والتي يخرج اليها الاسرى للتنزه , كان ذلك قريبا من العام 2003 وقتها نجح الاسرى في تهريب أجهزة خلوية وذلك لتكون نافذة تصلهم باهلهم واحبائهم وقد دفع الاسرى في سبيل ذلك أثمان كبيرة سواء من الناحية النقدية أو ناحية المواجهة والمتاعب مع الادارة للحفاظ على هذا المنجز .معركة الجوالات كانت ايضا في محاولة اخفاء الجوالات فإدارة السجن عمدت الى اسلوب الاقتحامات المفاجئة لضبط الجوالات المهربة, احدى هذ الاقتحامات حصلت اثناء تواجدنا في ساحة السجن حيث احاطوا بالأسرى في الساحة وارادوا تفتيشنا جسديا واحدا واحدا , وقد نجح السجان بالفعل في مباغتتنا حيث كنا نحمل الجوالات معنا في الساحة فبدأ التخطيط الان لمحاولة تهريب الجوالات الى داخل الغرف في غفلة من السجانين . لكن السجانين كانوا يحيطوننا كالسوار في المعصم فتفتقت عقول الاسرى عن فكرة حيث تجمع عدد من الاسرى في احدى نواحي الساحة وبشكل مفاجئ انفجروا في ضحك مجنون مع تصفيق و تصفير الامر الذي شد انتباه الجميع بما فيهم السجانين وفي هذه اللحظة ألقى عدد آخر من الأسرى بالجوالات الى داخل الغرف ولم تلحظ ادارة السجن أي شيء.

 

         لقد وضعت الاحداث الأخيرة حول المسجد الأقصى واعتصام المقدسيون الرائع نصرة لمسجدهم الاحتلال وجهات معنية أخرى مثل السلطة الفلسطينية والأردن بحكم الوصاية في وضع محرج جدا, فالاحتلال لم يقدر جيدا حجم الهبة والوقفة البطولية وبات يخشى من تداعي الاحداث وتدحرجها الى انتفاضة عارمة ففهم سريعا ان قرار البوابات الالكترونية هو قرار خاطئ ومتهور وبات يسعى بكل جهده الى سلم ينزله عن شجرة التهور ويقيه مخاطر تفجر الاوضاع. ولكن هناك اطراف أخرى أيضا وجدت نفسها في خضم هذه الأحداث محرجة ومأزومة وذلك خشيت انفلات الامور من أيديهم فأي تفجر للأحداث سينعكس سريعا على استقرارهم ومخططاتهم السياسية المستقبلية . منهم السلطة الفلسطينية وليس أقل منها أيضا المملكة الأردنية الهاشمية التي لا تريد للأوضاع أن تظل بمثل هذا الشد حول الأقصى لأن هذا سيلزمها شعبيا بالتصرف بما فيه نصرة للأقصى وحماية للمقدسات بحكم الوصاية وهذا الأمر يعني توتر العلاقات مع الاحتلال ثم عدم استقرار داخلي ومن هنا بات الأردن يسعى أيضا الى الوصول الى حلول تنهي هذه الأزمة لكنه لا يريد أن يبدو كمن يتآمر بل على العكس يقدم نفسه أنه الحامي والمدافع.

 

          لكن حجم المؤامرة على المسجد الأقصى اضافة الى اصرار المعتصمين صعب المهمة على الأردن حتى جاءت حادثة السفارة الصهيونية في الاردن ومقتل اردنيين على يد رجل أمن صهيوني في الاردن وعلى تراب الاردن . وجد النظام الاردني في هذه الحادثة فرصته وبدأ يمعن في استخدام الوسائل النفسية من أجل تهيئة الشارع الاردني ودفعه تلقائيا  نحو الحل الذي يريده النظام وينهي الحادثة موحيا أنه حقق نصر مبين وأنه أرغم الاحتلال على تنفيذ البنود الاردنية . فاستخدم دعاية أن الدم الاردني المسفوك لن يذهب هدرا وأن الاقصى يستحق ان يبذل لأجله الدم . فتم اخراج المشهد عن صفقة عقدت بين الاردن الاحتلال يرغم فيها الاحتلال على ازالة البوابات الالكترونية والكاميرات مقابل ان يعود القاتل الى بلده واحضان اهله.

 

         واستخدم النظام في سبيل ذلك دعاية مبنية على عواطف الناس ودفع والد احد الشهداء للخروج على الاعلام والقول : اذا كان دم ولدي مقابل ازالة البوابات ونصرة للأقصى فدم ولدي يهون. كما سمح النظام لبعض الناس ان يخرجوا للإعلام  لتسويق الاتفاق انه عودة الى ما قبل عملية الجبارين الثلاثة وان الاردن حقق ما يريده المرابطون. والحقيقة التي حتى الاحتلال لا ينكرها هي ان ازالة البوابات جاء بسبب الوقفة المقدسية واما الكاميرات فستستبدل بأخرى اكثر تطورا وفعالية.

 

         ومن هنا نجد ان النظام  الاردني استخدم اساليب نفسيه من اجل ايهام الشعب الاردني بحقيقة ليست هي الواقع وسوق من خلال ذلك اتفاقه على انه نصر وانجاز. لعبت الدعاية والاعلان واساليبهما المتعددة دورا في هذا الأمر حتى وجدنا أن السلطة الفلسطينية تقفز هي ايضا على هذه الحادثة وتبارك هذا الاتفاق من اجل ان تستعفي من قرار قطع الاتصالات مع الاحتلال.