8.9°القدس
8.66°رام الله
7.75°الخليل
15.57°غزة
8.9° القدس
رام الله8.66°
الخليل7.75°
غزة15.57°
الثلاثاء 03 ديسمبر 2024
4.63جنيه إسترليني
5.13دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.85يورو
3.63دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.63
دينار أردني5.13
جنيه مصري0.07
يورو3.85
دولار أمريكي3.63

خبر: فلسطينيون في اليابان يروون أهوال الزلزال

اليوم و"كعابر سبيلٍ" مرَّ بثلاثةٍ ممن عاشوا في اليابان، سأضع بين يديكم "حكايتهم كمسافرين"، لأدمج "عابر سبيل" و"حكاية مسافر" -التي اعتدتم قراءة كلٍ منهما على حدة- في قصة نكبّر عليها "الزووم" كي نرى أهوال لحظاتٍ هي من أصعب ما يكون. "يعرب وزوجته سمر، والصديقة ابتسام".. عايشوا عن كثب زلزال اليابان الذي وقع في شهر مارس/ آذار الفائت، حيث كان هو الزلزال الأعنف منذ أكثر من 140 عاماً، الزوجان يعرب وسمر في "سنداي" مركز الزلزال والتسونامي أيضاً، والصديقة ابتسام في "طوكيو" العاصمة.. ولكم الحكاية.. [img=052011/re_1306065765.jpg]بسم الله الرحمن الرحيم[/img] [title]رائحته تفوح ![/title] "عرفتُ دوماً أنها بلاد الزلازل، وكم شعرت بها تؤرجحُني هنا وهناك، فما خفتُ يوماً وما كنت أقول غير "سبحان الله.. الأرض تتحرك!.. لكني ما عرفتُ أني سأتنشَّق رائحة الموت يوماً وفي ثوان"!.. [img]052011/re_1306065765.jpg[/img] كلماتٌ تختصرُ حكايةَ "سمر القاضي" الفلسطينية من نابلس، والتي عايشت زلزال اليابان ثانيةً بثانية بحكم موقع سكنها في مدينة "سنداي" اليابانية.. تلك المدينة التي ضربها الزلزال ضربةً جهنمية، قبل أن يُغرِق أهلَها "بتسونامي" المحيط الهادي! عبر الهاتف تحدثتُ مع "سمر"، فكانت تُخفِضُ صوتَها بشكلٍ بالكادِ يُسمَع، تحسباً من أن تسترقَ طفلتُها -البالغة أربع سنوات- الحديثَ فتستعيد ذكرياتَها المُرعِبة هناك، خاصة أنها تغرق بالبكاء إن سمعت عنه حديثاً. وأول ما ابتدأت به "سمر" تنهيدةٌ زفرت بها رُعباً قاتِماً وقالت:"الحمد لله أن الله حمانا، فلولاه لكنَّا قشَّةً في تسونامي "سِنداي". كانت روحُ "سمر" مقسمةً على ثلاث، فكانت هي في بيتِها تؤنسها أنفاسُ طفلتِها النائمة والبالغة تسعة أشهر، أما زوجها فكان في عملِه بينما كانت ابنتها في "الروضة".. تُتبِع:"كنتُ أتحدَّث مع صديقةٍ ليبيةٍ تسكن في نفس المدينة "سنداي"، وفي الآن ذاته أُعِدُّ وجبة الغداء.. لأشعر بالأرض تتحرَّك، وتزداد الحركة حتى بدأ البيتُ كلُّه يهتزُّ.. بدأت دقاتُ قلبي تتصاعد، فألقيتُ بالهاتفِ فوراً وهرعتُ لأنبوب الغاز أغلقُه، ومن ثم ركضتُ لابنتي النائمة، وحملتُها بيدين مرتجفتين ودموعي منهمرة".. [video=052011/1306066956.flv]تعليق الفيديو عنا[/video] [title]انتظرتُ انشقاق الأرض[/title] "يا الله.. ارحمنا يا رب.. يا الله ارحمنا.." كانت تلك أولى الكلمات على لسانِ "سمر" وآخرها .. تضيف:" رحتُ أركضُ خارج البيت، وبيميني أحتضن ابنتي وبيساري كنت أمسك عموداً كي لا أرتطم بالأرض، رأيتُ القيامةَ فوقي وتحتي وعن جنبي..البيتُ كلُّه كان يضربُ بعنفٍ، كل الأثاث وقع على الأرض..انتظرتُ انشقاق الأرض من تحت أقدامي كأمرٍ موشِك.. وما كدتُ أصل المخرج حتى انزلقت طفلتي من يدي لعدم توازني الذي أحدثته قوة الزلزال من تحت أقدامي، فصرختُ.. وفي ثوانٍ كان اليابانيون بجنبي يحتضنون ابنتي قبل أن ترتطم بالأرض، ويهدئون من روعي ويكفكفون دموعي.. لكن "هول الموتِ" لم يسعفني في تقديم شكرٍ ولو قليلٍاً لهم.. ثوانٍ قليلة تمرُّ وإذ بالجدران الأسمنتية الشامخة تقع أمام عينيَّ لتتسوَّى بالأرض.. ويتزايد الهلعُ أضعافاً في نفسي.. لكنَّها لم تُصِب أحداً بحمد اللهِ، فقد اجتمعنا في منطقةٍ مفتوحةٍ بعيدةٍ عن المباني تحسباً لسقوطها.. ومن ثمَّ اكتست السماء بسواد الغيوم وبدأت الثلوج بالتساقط في أجواء شديدة البرودة، بالرغم من أنها كانت أجواء دافئة نوعاً ما قبل حدوث الزلزال..". على الجانب الآخر، كان "يعرُب القاضي" زوجُها يعمل في أحد المختبرات اليابانية، التي تقع في الطابق السادس ليشعر بضخامة الزلزال بوضوح، فكل شيءٍ أمامه تحرَّك لينقلب ويقع أرضاً، الأرفف.. أجهزة الحاسوب.. الكتب.. لم يبقَ شيء على حالِه، وكأنها دائرة مسرحية هو متفرَِجٌ ولكن ليس من بعدٍ إنما متفرجٌ داخلها، هو الآخر.. لم يكن يفكِّر في نفسِه لحظة، فكلُّ همِّه عائلته.. ومباشرةً اتصل على زوجته "سمر" لتؤكد له أنها بخير، باتصال متقطع لم يَتَعدَّ الثواني لينقطع بعدها الاتصال نهائياً.. [title]ابنتي..ها أنا قادم[/title] وبمجرَّد أن هدأت الحركة قليلاً حتى هرع يركب "الدراجة"، ليحضر ابنته من "الروضة".. (على فكرة).."الدراجة" وسيلة مواصلات محترمة جداً في اليابان، يقودها الجميع.. الرجل والمرأة والطالب وحتى الدكتور".. "يا الله كم كانت "هيا" مهلوعة، كانت تبكي لدرجةٍ كادت تُبكيني وأنا الرجل، ولو كان بإمكاني أن أغرسها بقلبي حين احتضنتها لما توانيت". [yt=U7OvJ7EOPpY]ضع تعليق اليوتيوب هنا[/yt] سابَقَ "يعرُب" الريح للطابق السادس حيث ابنته "هيا".. فانقطاع الكهرباء وخطر الركوب بالمصعد حالا دون ركوبه، وهناك وجد المكان كأنه ليس هو.. لشدة ما أصابه الخراب بضربة الزلزال، فراح باتجاه سلم الطوارئ ليلتقي ابنته عند آخر درجة، ويحدث بعدها الاحتضان الأبوي الحنون. حمل "يَعربُ" طفلتَه هيا، وانطلق بها إلى بيتِه الخشبي، ليجد زوجتَه مع مجموعةٍ من اليابانيين في حالةٍ يُرثَى لها.. كان يشعُر بشعورِها، لكنه حرص على أن يتعامل مع الأمر بأكبر قدرٍ من الهدوء.. ومن ثمَّ حملوا أنفسهم على الأقدام إلى أقرب ملجأ.. [title]"وقال الإنسان مالها؟!"[/title] الحال مع ابتسام لم يختلف كثيراً، بالرغم من أنها تبعد أكثر عن مركز الزلزال والتسونامي، لكنها عايشت نفس الإحساس والظروف، ابتسام تقطن في طوكيو العاصمة برفقة زوجها وأولادها الثلاثة، وكان لنا معها لقاء، ففي يوم الجمعة قررت "ابتسام" أن تذهب ٍللتسوُّق في مدينة "ميناتوكو"، وهناك دخلت مبنىً تجارياً في طوكيو، إنه "ميد تاون" يا الله ما أعلاه.. إنه من أعلى المباني!!. لم يمضِ على ابتسام في ذاك المبنى غير قليل.. إذ بحركةٍ خفيفةٍ تشعرُ بها، فلم تُعِر اهتماماً للأمر وكل ظنها أن تلك حركة سببها "مترو" الأنفاق، استَكْمَلَتْ البحثَ عن أشياء أخرى تعجبها.. يا إلهي الحركةُ تزداد و"زجاجات النجف" في السَّقفِ تتضارب"..ويزداد الأمر سوءاً.. كل الزُّجاجِ بالثلاجات يتأرجح بعنفٍ ويسقط.. العصائر.. الكحول.. كلُّه يتهاوى".. لم يكن الأمر طبيعياً فهناك زلزالٌ فعلاً وليس أيّ زلزال.. "ربَّاه!! لطالما توقع اليابانيون زلزالاً عنيفاً بدراساتهم.. وها هو اليوم يقترب.. إنه هو.. هو"..في هذه اللحظة استحضرت سورة الزلزلة التي يقول الله فيها:"إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها، وقالَ الإنسان مالها". تجرَّعت "ابتسام" ريقَها.. وتهيَّأت للهرب، فأصوات الأثاث بالمبنى تصطكُّ ببعضها لتخرِج صوتاً مُرعباً.. بدأت حركةُ اليابانيين تزداد سرعةً وبعضهم بدأ بالرَّكض، وتلك علامةٌ على أن الأمر ليس كالمعتاد..لكن الغريب أن البائعين اليابانيين كانوا كلما وقعت قطعة أعادوها ومن ثم احتموا بشيءٍ يعلوهم..في لحظاتٍ معدودة التفتَتْ لتجد الجميع يلبسون "الخوذة الحامية".. وحينها أخذت تنظر إليهم وعلامات التعجب تكسو وجهها الشاحب.. والآن لا مجال للهروب بالمصعد، ولا وقت للنزول على السلالم.. ولشدة ارتباكها ركبت المصعد الكهربائي لتخرج إلى مكان غير الذي قصدت.. " يا الله أين أنا الآن؟! أين النور والسماء؟ أين المخرج؟ لازلت في مبنىً معتم.. لقد أخطأتُ الطريق فلأعُد..".. عادت "ابتسام" مهرولةً ونفسها تسائلُها.. "أبَعَدَ هذه السنين أموت في طوكيو؟! انسكبت دموعها رعباً.. وبدأت تنطق بـ"أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله".. وظلت تكرّر.. وتتشاهد.. "يا الله ارأف بحالي وحال أولادي.. ماذا يفعلون الآن وبم يشعرون وهم بعيدون عني؟!".. وقتٌ قصير حتى رأت "ابتسام" النور والسماء لتكون خرجت فعلاً من المبنى.. انطلقت تركض إلى "الروضة" لتحضر أبناءها.."كن معهم يا رب فإنهم أطفال..حتى وصلتهم بأنفاس متقطعة.."آية" حبيبتي.. أنت بخير يا عزيزتي؟.. وأنت يا محمد وعبدو.. يا الله ما أكرمك.. ". احتضنت آية أمَّها وهي تكرر "جِشِيْنْ.. جِشِيْن.."، وكانت تقصد "زلزال.. زلزال" نظرت ابتسام لابنتها، وإذ بها تبتسم فرِحةً بقدوم هذا الزلزال وتهلل.."تقول "ابتسام" .. لم تكُن طفلتي تعي ما معنى الزلزال.. وكل ظنها أنها فوق أرجوحة!!.. [title]أخلاقيون لأعلى درجة[/title] ولنعد إلى هناك يذكر لنا "يعرب" كيف تعامل اليابانيون مع الأمر فيقول:"الملجأ كان قاعةً رياضيةً مغلقة تابعة لإحدى المدارس، فقام اليابانيون بعمل لجانٍ كل لها تخصُّصها، فأحضروا الأغطية ووزعوها بشكلٍ عادلٍ وبهدوءٍ لم يسبق له مثيل سواء من اللاجئين أو اللجان اليابانية بالرغم من ضخامة الأزمة، وشدة الحاجة والبرد إذ تنخفض درجة الحرارة في الليل إلى ما تحت الصفر، وأشعلوا الأضواء من خلال المولدات وأحضروا المدافئ والماء ووزعوا طعاماً خفيفاً في ظل التزامٍ ونظامٍ غير مسبوق.. لن أشهد ازدحاماً ولا مشاكل.. لم تسجِّل اليابان حادث سرقةٍ واحد". يواصل: "وفي الصباح استيقظنا فشغلوا الموسيقى لممارسة بعض الرياضة الصباحية جماعياً، والتي اعتاد عليها اليابانيون في كل يوم وأي مكان وتحت أي ظرف..!". فلسطينيون في اليابان يروون أهوال الزلزال فلسطينيون في اليابان يروون أهوال الزلزال