كلّما كتبت مقالة عن مأساة معبر رفح تمنيت لو أنها الأخيرة ولكن كُتب على أهل غزة ألا يعيشوا كبقية شعوب العالم وأن يكون دخول السجن والخروج منه ذكرى باقية في الأذهان لمن تُسوّل له نفسه زيارة القطاع من فلسطينيي الخارج أو لمن يحلم من أهل القطاع بالسفر خارجه للدراسة أو للعلاج أو لزيارة أقارب أو حتى للترويح عن النفس. كلّما بدأنا نشعر باسترداد إنسانيتنا عند انتظام السفر عبر المعبر قام الطرف المصري بتذكيرنا بأننا دون البشر وأن الحصار موجود على أعين الوفود التي تزور القطاع دونما أي اكتراث بوعود مصر الثورة. لا أفهم كيف يمكن أن يغلق المعبر في وجه مسافرين مدرجة أسماؤهم منذ أسابيع بسبب مشاكل فنية وأخرى لوجستية وثالثة لخلاف مع الطرف الفلسطيني وآخرها الانتخابات الرئاسية المصرية. هل يغلق مطار القاهرة لأي من هذه الأسباب؟ بالطبع لا, لأن مطار القاهرة بوابة مصر إلى العالم. وماذا عن بوابة غزة إلى العالم أم أن غزة أتفه من أن تكون جزءًا من العالم الحر؟ وآخر ما سمعت أن التنسيقات المصرية تُشترى بالدولار وأن تسعيرتها آخذة بالازدياد فاشتر أخي المواطن تذكرتك الآن قبل أن تصبح أسعارها خارج استطاعتك في القريب العاجل!سمعت عن مرضى سرطان لم يحصلوا على جرعات العلاج الكيماوي المقررة لهم في مصر وعن طلاب لم يحضروا امتحانات نهاية العام في الجامعات المصرية ما نتج عنه ضياع سنتهم الدراسية وآخرين فقدوا إقاماتهم في الخارج وضاع معها مستقبلهم في تلك البلاد، ناهيك عن الخسائر المادية من تذاكر طيران وحجوزات في فنادق وغيرها, كل ذلك بسبب عدم القدرة على السفر أسبوعاً كاملاً. قلتها سابقاً وأقولها الآن، ليس من الإنسانية أو الدين أو الأخلاق أن يُستخدم المنفذ الوحيد لقرابة مليوني إنسان وسيلة ضغط أو عقاب لجهة ما في حين أن الشعب كلّه يختنق. معبر رفح عار على جبين مصر الثورة التي احتفى بها كل فلسطيني ينتمي إلى أرضها بحكم الجيرة والعروبة والدين. أنظر حولي فأرى الثورة تُسرق وعصابة الأمس تلوح في الأفق لتعود معها وعود الإذلال والقهر لشعبينا.. كان الله في عون مصر ... كان الله في عون فلسطين.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.