تهنئتى اليوم ليست إلى د./ مرسى فى المقام الأول – وإن كان يستحقها دونما شك – ولكن إلى جموع الشهداء على مدار ثلاثين عاماً وإلى أهلهم وذويهم وإلى شباب مصر الأبطال الذين فجروا ثورتها دونما خوف أو وجل، وإلى جموع الشعب المصرى صاحب الانتصار الحقيقى، والذى يستحق حياة أفضل.. اليوم نستطيع أن نعلن وفاة الرئيس "الإله"، الذى كان يأتى بنسبة 99.99% وميلاد الرئيس الذى يختلف حوله البشر ولا يصل لمنصب الرئاسة إلا بتخطى حاجز الخمسين فى المائة بقليل.. لم تكن معركة الانتخابات الرئاسية معركة سياسية بين ندين متكافئين أتيحت لهما على قدم المساواة أدوات الصراع السياسى والانتخابى بل كانت معركة فاصلة بين الحق والباطل بين حق يريد لهذه الأمة أن تخطو خطوتها الأول صوب المستقبل ونحو مكانتها الطبيعية الريادية، وبين باطل يريد أن يبقينا فى مربع التخلف والجهل ودائرة الاستعباد والقهر.. بين مرشح الثورة، الذى حورب وشوهت سيرته ومسيرته بما يكفى لإسقاطه من إعلام مدفوع الأجر وأجهزة تنفيذية لم تشأ أن تتوب إلى الله تعالى، وقد فتح أمامها باب التوبة عقب ثورة يناير.. ومرشح آخر انتمى إلى النظام البائد فكراً وسلوكاً ووقفت معه الدولة العميقة بكل ما تملك وتستطيع، ولكن الشعب أبى إلا أن يقول كلمته الفاصلة ويختار الانحياز لمرشح الثورة. لم يكن اصطفافنا وراء د./ مرسى من أجل شخصه ولا من أجل من جماعة الإخوان التى ينتمى إليها وتربى فى حجرها بل من أجل هذا الوطن ومستقبل أبنائه، كان لابد من التغيير وكنا نوقن أن مجىء رئيس لم يرتبط بالنظام السابق هى البداية الحقيقية لمشوار التغيير الصعب والشاق الذى يجب أن يبدأ د./ فى الساعة التالية لإعلان النتائج الرسمية والتى يجب أن تبدأ بتشكيل اصطفاف وطنى يشكل كل أطياف القوى الوطنية المؤيدة للثورة بصدق ونزاهة والنأى عن العناصر المتلونة، التى باتت مفضوحة ومعروفة للمواطن البسيط وجاءت جولة الإعادة كفرصة مناسبة لإظهارهم على حقيقتهم وإزالة الأصباغ الزائفة من على وجوههم القميئة. هذا الاصطفاف الوطنى بات واجبًا لا محيص عنه من أجل استعادة مكتسبات الشعب التى سرقت على حين غفلة وفى غمرة الانشغال بالانتخابات الرئاسية من مجلس شعب جرى اغتياله على رؤوس الأشهاد وإعلان دستورى مكمل يحاول استنساخ التجربة التركية الفاشلة وأمور أخرى كثيرة لا تخص تياراً بعينه بقدر ما تهم الوطن بأكمله.. فالأيام القادمة حبلى بمزيد من الصراع السياسى مع المجلس العسكرى ولا يجب السماح لهذه الصراعات السياسية بالتفاقم أو التدهور فالوطن لم يعد يتحمل مزيداً من الصراع بقدر حاجته إلى مزيد من الاستقرار والبناء. كما أن د./ مرسى مطالب فى الساعة التالية لإعلان النتائج بصورة رسمية بتفعيل حديثه عن المصالحة الوطنية وفتح الباب أمام الجميع للعودة إلى صفوف الوطن مشاركين وفعالين طالما أنه لم يتم التورط فى إراقة دماء المصريين. اليوم مصر على أعتاب مرحلة جديدة أرجو من جميع قوى الثورة أن تتدارك الأخطاء التى ارتكبت عقب الانتخابات البرلمانية وأن تجتمع حول د./ مرسى من أجل إنقاذ هذا الوطن والبدء الفعلى والحقيقى للجمهورية الثانية. ألف مبروك لشعب مصر.. ورحم الله شهداءنا البررة وأسكنهم الله فسيح جناته.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.